مستقبل الموارد البشرية .. العالم يتغير
هاني الدباس
17-12-2025 11:32 AM
في هذه التحولات المتسارعة التي يشهدها سوق العمل، اصبح من الواضح أن الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات القطاعات الاقتصادية تتسع وتشكل تحديًا اكبر أمام خطط التنمية ، لا سيما في القطاعات الخدمية والحيوية كالسياحة.
من هنا يبرز التعلم القائم على العمل كأحد أكثر النماذج فاعلية في ربط التعليم بالتطبيق العملي، وتعزيز جاهزية الشباب للانخراط في سوق العمل بثقة وكفاءة.
يُعد هذا النموذج القائم على العمل نهجًا تعليميًا يدمج المعرفة النظرية بالتطبيق الفعلي داخل بيئات العمل الحقيقية، ما يمنح الطلبة فرصة لاكتساب المهارات التقنية والسلوكية التي تتوافق مع متطلبات أصحاب العمل.
في القطاع السياحي، يسهم هذا النموذج في إعداد كوادر قادرة على تقديم خدمة احترافية، وتَشَرُب ثقافة الضيافة، مع الالتزام بمعايير الجودة، هذه عناصر يصعب اكتسابها من خلال التعليم الصفي فقط.
في هذا السياق، تنفذ وزارة التربية والتعليم، بدعم فني من منظمة اليونسكو وبالشراكة مع الشؤون العالمية الكندية، برنامجًا وطنيًا يمتد من عام 2024 وحتى عام 2027 يهدف إلى تحويل منظومة التعليم والتدريب التقني والمهني في الأردن. يركز البرنامج على تطوير البيئة المؤسسية والسياسات الناظمة لمنظومة المهارات، وتعزيز تطوير المهارات في القطاعات ذات الأولوية، إلى جانب تحسين الصورة الذهنية للتعليم المهني وتعزيز الشمول والمساواة بين الجنسين، ما يجعل هذا المسار أكثر جاذبية للشباب من الجنسين.
ويشكل إشراك القطاع الخاص أحد الركائز الأساسية لنجاح هذا التوجه، حيث تعدى دوره استيعاب الخريجين فحسب بل أصبح شريكًا في تصميم البرامج التدريبية، وتوفير فرص التعلم القائم على العمل، والمساهمة في تقييم المهارات.
من خلال مراجعة أولية أجرتها اليونسكو حول مشاركة القطاع الخاص في التعليم المهني في الأردن، تم تسليط الضوء على أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال، مع التركيز على نماذج التعلم القائم على العمل ما اشر إلى تحقيق منفعة متبادلة للطلبة والمؤسسات التعليمية وأصحاب العمل.
وتأتي ورشات التشاور التي تنظمها وزارة التربية والتعليم واليونسكو كمنصة للحوار وتبادل الخبرات بين الجهات الحكومية والمؤسسات التعليمية والقطاع الخاص وشركاء التنمية، بهدف تطوير آليات عملية تمكّن المدارس المهنية من إشراك أصحاب العمل بشكل أكثر فاعلية، وتوفير التدريب المنظم والهادف ليسهم في تقليل فجوة المهارات ورفع فرص التشغيل.
إن تبني هذا النموذج الريادي لا يسهم فقط في تحسين قابلية التوظيف ورفع الإنتاجية، بل يساهم أيضًا في تغيير النظرة المجتمعية للتعليم المهني، من خلال ربطه بفرص عمل حقيقية ومسارات مهنية واضحة. كما يعزز من بناء كوادر مستقبلية قادرة على دعم النمو الاقتصادي، لا سيما في القطاعات الواعدة مثل السياحة والضيافة، التي تعتمد بشكل أساسي على الكفاءة البشرية وجودة الأداء.
في ضوء هذه الجهود، أضحى تطوير التعليم المهني والتقني مسؤولية مشتركة تتطلب شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، ليشكل استثماراً طويل الأمد في رأس المال البشري، بما يضمن مواءمة التعليم مع متطلبات سوق العمل عملاً ملموساً على الارض بعد ان بقي شعاراً بلا مضمون لسنوات .