المنتخب الوطني .. إنجاز يجب أن يتجاوز حدود الملعب
د. مخلد المشاقبة
19-12-2025 07:22 PM
لم يكن إنجاز المنتخب الأردني في بطولة كأس العرب مجرد تأهل أو فوزٍ في مباراة، بل كان قصة وطن تُروى على أقدام شباب أثبتوا أن الإرادة تتفوق على الإمكانيات، وأن العزم الصادق يصنع المعجزات. لقد قدّم “النشامى” نموذجًا حيًا للشباب الأردني الطموح، ذلك الذي يواجه قلّة الموارد، ويصنع رغمها الكثير، ليؤكد مرة أخرى أن الأردن غنيٌ بالكفاءات والعقول والطاقة، لا بالموارد المادية فقط.
فما حققه المنتخب كان رسالة أوسع من حدود الرياضة؛ فقد تجلّت شخصية الشاب الأردني المكافح في كل لقطة، وفي كل جملة صبر، وفي كل جولة من جولات البطولة. ظهر لاعبونا وهم يقاتلون بروح عالية، ويخوضون التحدّي دون تردد، ويقدّمون أداءً يعكس قيم الانتماء والولاء والإصرار على رفع راية الوطن عاليًا.
إن هذا الإنجاز يمثّل فرصة ذهبية للمسؤولين وصناع القرار. فقد أثبت شباب المنتخب أن المشاريع الكبيرة يمكن أن يحققها الشباب إذا مُنحوا الثقة والدعم والبيئة الحاضنة. ولذلك، فإن ما حدث في البطولة يجب أن يكون بداية لمرحلة جديدة من تبنّي أفكار الشباب ومبادراتهم وإبداعاتهم على مختلف الأصعدة، سواء كانت رياضية أو علمية أو تكنولوجية أو اجتماعية.
لقد آن الأوان لأن تتحول طاقات الشباب إلى رؤية وطنية تساهم في صناعة المستقبل، وأن تتبنّى المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص الخطط التي تمكّنهم من الابتكار والتميز وصنع الإنجازات. و لقد آن الأوان للمسؤولين على مختلف المستويات و المواقع أن يتقبلوا و يدعموا أفكار الشباب و مبادراتهم ، وأن يخرجوا من التمترس في امتيازات المنصب دون الرغبة في إحداث تغيير و ترك بصمة أداء خلفهم يبيني عليها من يأتي من بعدهم .
فالمنتخب الأردني في كأس العرب لم يحقق انتصارًا رياضيًا فحسب، بل قدّم دروسًا في الإصرار، وفي إدارة التحديات، وفي تحويل الحلم إلى واقع. إنها دعوة صريحة لكل مسؤول بأن ينظر إلى الشباب الأردني كفرصة وطنية، لا كملفٍ هامشي. فالشباب قادرون على صناعة المجد حين يجدون من يؤمن بهم.