"درس في الشجاعة والوحدة تحت العلم والشماغ الأحمر"..

خرج المنتخب الوطني الأردني ليعيد ترتيب الأولويات. ليقول كلمته بوضوح إن كرة القدم ليست مجرد مباراة، بل موقف، وإن القميص الوطني ليس زينة، بل عهد، وإن اللعب باسم الأردن مسؤولية لا يجيدها إلا من يعرف معنى الكرامة.

النشامى لم يكونوا فريقا عابرا في بطولة، بل حالة وطنية مكتملة.

لعبوا بشجاعة من لا يساوم، وبثقة من يعرف أن المدرج لا يرحم، وأن الوطن لا يقبل أنصاف المواقف.

قاتلوا حتى اللحظة الأخيرة، دون تراجع أو حسابات ضيقة، ففرضوا احترامهم على الخصم قبل الجمهور.

ما قدم في الملعب لم يكن عاديا. كرة قدم عالية المستوى، إيقاع، انضباط، حلول ذكية، وروح قتالية نادرة. وأنا أقولها بصدق، كمتابعة للدوري الإنجليزي، وكمشاهدة لقمم الأرجنتين والبرازيل ما قدمه النشامى تجاوز كثيرا مما يصفق له عالميا. كانت مباراة تدرس، ونهائيا يكتب في الذاكرة.

وهنا، لا بد أن نتوقف أمام الدرس الأهم. درس أكبر من كرة القدم نفسها.

منتخب النشامى وحد الأردنيين كما لم تفعل خطابات ولا شعارات. تحت علم واحد، وتحت الشماغ الأحمر، اجتمع الناس على قلب واحد، سقطت الفوارق، وتلاشت الانقسامات، وعاد الإحساس الصافي بالانتماء.

هذا ما فعله النشامى، أعادوا تعريف الوحدة الوطنية بالفعل لا بالكلام.

على الجميع أن يأخذ العبرة من هذا المنتخب. أن الوطن حين يستدعى، لا يسأل عن الأسماء ولا الاتجاهات ولا المواقع، بل عن الموقف.

إن الانتماء ليس منشورا ولا صورة، بل استعداد للتضحية، كما فعل هؤلاء اللاعبون وهم يحملون الأردن على صدورهم.

التحية للنشامى جميعا، والتحية لكل من لعب بصدق، ولكل من رفع اسم الأردن عاليا دون ضجيج.

أنه منتخب شجاع، وهذا أداء يحترم، وهذا درس يجب أن يقرأ جيدا.

حين يكون الأردن هو العنوان، وتكون الراية مرفوعة، ويكون الشماغ الأحمر شاهدا، فإن النشامى لا يلعبون فقط، بل يكتبون معنى الوطن.