facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحدود الشمالية للأردن: تاريخ المواجهة وضرورات الحسم


هزاع البراري
28-12-2025 11:48 PM

يأخذنا تاريخ الحدود الشمالية للأردن إلى محطات طويلة من التحديات والمواجهات منذ بواكير تأسيس الدولة الأردنية. وهي تحديات كانت تشتعل حينًا وتخبو حينًا آخر، تتقارب وتبتعد، لكنها -خلافًا لما يعتقده كثيرون – لم تكن آمنة مطمئنة دائمًا، وإن حظيت بمحطات هدوء نسبي طويلة، كان معظمها ثمرة يقظة حرس الحدود وصلابة القوات المسلحة الأردنية. كما لعب الواقع السياسي والعسكري للنظام السوري السابق دورًا مؤثرًا، إذ انصرفت أولوياته لعقود نحو الساحة اللبنانية ضمن سياسات الهيمنة وفرض الأمر الواقع بالقوة، وهو مشروع انتهى إلى الفشل، وأسهم في إضعاف الدولة اللبنانية والدولة السورية معًا.

تاريخيًا، تكشف الحدود الشمالية منذ عشرينيات القرن الماضي، وفي مرحلة التأسيس الشاقة للدولة الأردنية، عن تدفق أعداد كبيرة من مناضلي سوريا الذين لاحقتهم القوات الفرنسية. وقد استقبلهم الأردن، ومنحهم الحماية وحرية الحركة، رغم تعرضه لتهديدات فرنسية مباشرة وضغوط بريطانية كبيرة كادت أن تعصف بجهود التأسيس. ومع ذلك، لم يتراجع الأردن عن دوره العروبي، فعاش قادة الثورة السورية في الأردن سنوات طويلة، وعلى رأسهم قائد الثورة السورية سلطان باشا الأطرش، رغم تجاهل النظام السوري السابق في أدبياته وتأريخه للدور الأردني في تلك المرحلة المفصلية.

ولم تسلم الحدود الشمالية لاحقًا من اختراقات وتهديدات في مفاصل شديدة الحساسية. ففي سبعينيات القرن الماضي، وأثناء الظروف الأمنية الخطيرة التي عاشها الأردن، اخترقت القوات السورية الحدود باتجاه العمق الأردني في اعتداء عسكري مباشر وسافر، ولم تنسحب إلا بعد الخسائر التي تكبدتها على يد الجيش الأردني، الذي تصدى لها ببسالة واحترافية عالية. وفي عام 1980، حشد حافظ الأسد قطاعات عسكرية على الحدود الأردنية استعدادًا لمواجهة محتملة، في محاولة للتهرب من أزماته الداخلية بعد أحداث حماة وغيرها، وكادت الأوضاع تنزلق إلى صدام كبير لا يخدم سوى إسرائيل ومشاريعها، لولا نجاح الوساطة السعودية، لتدخل العلاقات بين البلدين مرحلة شبه قطيعة لسنوات.

كما لا يمكن إغفال الاعتداءات على حصة الأردن من المياه، خصوصًا ما يتعلق بحوض اليرموك وروافده، ضمن سياق الاختراقات على الحدود الشمالية. فقد شنّ النظام السوري السابق ما يشبه حرب مياه ضد الأردن، حارمًا إياه من حقوقه المائية بأساليب أقرب إلى القرصنة، في ظل أزمة مائية أردنية مزمنة، ما يؤكد أن هذه الحدود لم تكن يومًا بوابة آمنة، رغم سنوات الهدوء الظاهري.

ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، دخلت الحدود الشمالية مرحلة جديدة من المواجهة الساخنة. فقد شكّل تدفق أعداد كبيرة من النازحين السوريين تحديًا أمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وضغطًا هائلًا على البنية التحتية، خاصة في مجالي الطاقة والمياه. كما أدى تراخي قبضة النظام السوري السابق إلى وصول عناصر إرهابية متعددة إلى تخوم الحدود الأردنية، من بينها عناصر إيرانية وأخرى تابعة لتنظيم داعش وفصائل متطرفة، ما وضع الأردن في قلب العاصفة، وفرض عليه كُلفًا أمنية وعسكرية باهظة انعكست على الموازنة العامة، ومشاريع التنمية، وأدت إلى تراجع ملموس في الحركة التجارية البرية والسياحية.

وزاد المشهد تعقيدًا قيام النظام السوري السابق برعاية صناعة وتجارة المخدرات، ما وضع الحدود الشمالية أمام تحدٍّ غير مسبوق، حيث جرى توظيف عصابات وفصائل ذات ارتباطات إقليمية في تهريب المخدرات والأسلحة. ووجد الجيش الأردني نفسه في مواجهة يومية مع هذه العصابات. وبعد سقوط نظام الأسد ودخول سوريا مرحلة بناء جديدة، ومع نزعات بعض المكونات للخروج من عباءة الدولة المركزية، تحولت مناطق الجنوب السوري إلى مناطق رخوة وخارجة عن السيطرة، ما أعاد تجارة المخدرات والأسلحة إلى الواجهة بصورة أوسع وأكثر تهديدًا لأمن الأردن وسيادته، بل لأمن الإقليم بأسره.

وعليه، فإن ما يقوم به الأردن من عمليات عسكرية واستخبارية يمثل ضرورة استراتيجية وجودية، في مواجهة مخططات تُحاك لزعزعة الساحة الأردنية وتهيئة بيئة ملائمة لأجندات دول إقليمية. فالمخاطر تتجاوز الأردن لتطال الإقليم العربي برمته، ما يجعل الأردن رأس الحربة في هذه المرحلة الجديدة من المواجهة التاريخية طويلة الأمد على الحدود الشمالية وما بعدها، وهو في هذا الدور يحظى بدعم سوري رسمي، وعربي، ودولي غير مسبوق.

"الرأي"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :