facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فاتورة المظاهر .. هل سرق "البرستيج" منا راحة البال؟


شرين الصّغير
31-12-2025 12:52 PM

لا أخاطبكم اليوم بصفتي محللة اقتصادية أو باحثة اجتماعية، بل كواحدة منكم، أعبر شوارعنا ذاتها، وأرقب وجع البيوت، وأعرف تمامًا ذلك الثقل الجاثم على الصدور قبل كل مناسبة اجتماعية، لقد كبرنا على قيم الكرم والبساطة، لكننا اليوم، وبانزلاق تدريجي، غرقنا في دوامة "البرستيج"، تلك الدوامة التي تسرق أجمل لحظاتنا، وتلقي بنا أمام صراف آلي لا يرحم.

ولكي لا يظل حديثي مجرد عتبٍ أو فضفضة، دعونا نواجه الحقيقة المُرّة التي تعريها الأرقام، هل تعلمون أن مديونية الأفراد للبنوك في بلدنا الصابر قد تجاوزت حاجز الـ 12 مليار دينار؟ هذا الرقم الصادم ليس مجرد إحصائية جافة، بل هو "صك عبودية" نوقعه طوعًا لسداد فاتورة المظاهر، معظم هذه المليارات هي قروض استهلاكية لسيارات تفوق طاقتنا، أو حفلات باذخة نشتري بها مديح الناس، بينما الحقيقة تهمس في آذاننا بأننا نعيش في فجوة سحيقة بين دخلنا الحقيقي وإنفاقنا المبالغ فيه.

يؤلمني حقًا سقوطنا في "فخ المقارنة" الذي تنصبه لنا شاشاتنا الزجاجية، نفتح هواتفنا فنرى حياةً "فلترت" لتظهر مثالية، أعراسًا أسطورية وسفرات لا تنقطع، فننسى أن ما نراه ليس إلا "لقطة" مجهزة بعناية، وليست هي الحياة الحقيقية المليئة بالتحديات.

هذا الضغط الرقمي لم يرهق الجيوب فحسب، بل شوه نسيجنا الاجتماعي وأخّر نبض الحياة في عروق شبابنا، إذ ارتفع متوسط سن الزواج في الأردن ليصل إلى 31 عامًا للشباب و27 عامًا للفتيات، لقد أصبح الشاب يخشى الإقدام على بناء أسرة، ليس هروبًا من المسؤولية، بل ذعرًا من "قائمة المتطلبات" التي لا تنتهي، ومن ليلة واحدة قد يمتد سداد تكاليفها لسنوات طويلة من القلق والحرمان.

إن "البرستيج الزائف" جعلنا نقايض استقرارنا المادي بإعجاب عابر من الآخرين ليس غريبًا اليوم أن تجد شخصًا يحمل هاتفًا يتجاوز سعره ضعف راتبه، أو عائلة تستدين لتُحيي حفلًا "يليق بكلام الناس"، بينما تعاني خلف الأبواب المغلقة لتأمين أساسيات العيش، لقد غدونا مجتمعًا تسبقه هواتفه الذكية بنسبة انتشار تتجاوز 100%، لكن الكثير منها اشتُري بأقساط منهكة، فقط لنبدو "مواكبين للعصر".

يا أهلنا.. يا أحبتنا.. البرستيج الحقيقي ليس في طراز السيارة، ولا في ماركة الحقيبة، ولا في عدد الأطباق على موائدنا، البرستيج الحقيقي هو أن ننام الليل ورؤوسنا خالية من همّ الدين، البرستيج هو أن نبني بيوتنا على الود والتفاهم، لا على "الاستعراض" والمظاهر الفارغة.

دعونا نملك الشجاعة لنعود للبساطة، لنكن الجيل الذي يجرؤ على قول: "هذا ما أستطيعه، وهذا يكفيني". صدقوني، من يحبكم بصدق سيفرح بقطعة حلوى وابتسامة، ومن ينتقدكم من أجل "برستيج" لا يملكه هو نفسه، فرأيه لا يستحق أن تضيعوا من أجله سنوات عمركم في السداد.

حياتنا غالية، وسنوات شبابنا قصيرة، فلا ترهنوها لآراء الناس، دعونا نعيش لأنفسنا ولأجل من نحب، ببساطة تشبهنا، بعيدًا عن زيف المظاهر الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، متذكرين دائمًا قول الإمام الشافعي:

وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ المَنَايَا ... فَلا أَرْضٌ تَقِيهِ وَلا سَمَاءُ
وَمَنْ عَرَفَ القَنَاعَةَ لَمْ يُبَالِ ... أَمَالٌ كَانَ عِنْدَهُ أَمْ جَفَاءُ





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :