facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الإشاعة وماهيتها – دراسة تحليلية .. المحامي بشير المومني


27-03-2011 11:55 PM

في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها بلدنا الحبيب نجد ونسمع العديد من الاشاعات والاقاويل التي لا يمكن ان يصدقها كل ذي لب متى تفكر بها ، نجدها تترد في مجالسنا وبيوتنا دون ادراك لاثرها في بناء وتوجيه الراي العام وتكوين عقليته وبناء مزاجه الذي اصبح يقرر مصير الدول لاسيما اننا نشاهد على وسائل الاعلام ونسمع عن مجموعات او جماعات غير معروفة الهوية ولا يمكن للاجهزة الامنية تعقبها لاستخدامها النطاقات الالكترونية من خلال خوادم ( سيرفرات ) موجودة خارج الاردن ، وهذه المجموعات تطلق الاتهامات يمنة ويسرة وتطالعنا بمطالب ضررها اكثر من نفعها وتردد اشاعات تنم عن قلة خبرة او سوء نية ويقع ضحيتها بعض الناس المندفعين و يرددونها بدون تدقيق وتؤدي الى عواقب وخيمة وتلحق ضررا جسيما بالدولة وافرادها ..


هذا وتعتبر الاشاعة في العصر الحديث من أهم الوسائل التكتيكية التي تستخدمها الدول أو المجموعات وحتى الأفراد لتحقيق الأهداف المرحلية أو لتنفيذ الخطط بعيدة المدى وتحقيق أهدافها بما يعبّر عنه بمفهوم الاستراتيجية.


والإشاعة ليست مسألة مستحدثة، إنما هي ضاربة الجذور في التاريخ البشري وقد عرفها الأقدمون واتقنوا استخدامها وتوجيهها بما يخدم مصالحهم وتطلعاتهم وتحقيق أهدافهم، حتى أن هنالك دولاً قد سقطت أو انهار اقتصادها أو تفكك نظامها نتيجة للإشاعة ، وقد أطلق على مروجي الاشاعات الهدامة داخل المجتمع في زمن الحرب اسم (الطابور الخامس)، ومصدر التسمية هنا مرده إلى قيام أحد قادة الجيوش بمحاصرة إحدى المدن بأربعة طوابير من الجند، فأتاه قادة هذه الطوابير وطلبوا منه طابوراً خامساً لإحكام الحصار على المدينة، فأجابهم بأن لديه طابوراً خامساً داخل المدينة يروج للاشاعات والأكاذيب حول قوة (العدو)، وضعف الجيوش المدافعة عن المدينة، مما أوهن عزيمة الدفاع، وأدى ذلك بالنتيجة لسقوط المدينة بيد المعتدين..


تطور مفهوم الإشاعة وأساليب استخدامها ومجالات هذا الاستخدام لتشمل الجوانب العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية لتطرق أبواب المجتمع الحديث بفئاته ومكوناته كافة ..

فما هي الإشاعة ، وما هي عوامل انتشارها ، وما هي وسائل محاربتها ؟ خصوصاً أننا في الأردن نعاني منها أيّما معاناة، وقد أصبحت وسيلة دارجة ورائجة يتفنن البعض في إطلاقها أو ترويجها بقصد أو بجهل، بعلم يقين أو دون أثارة من علم، حتى شاهدنا وقد ترتب عليها آثار سيئة - في معظمها - مثل اغتيال الشخصية أو ارتفاع سعر سلعة أو انخفاض السوق المالي..الخ .. وما هو موقف المشرّع الأردني من ذلك ؟؟


بداية نقول إن الإشاعة هي كل خبر منقول مشافهة ويحتمل الصواب أو الخطأ ولا وجود لدليل مادي على صحته.


إذن فأركان الإشاعة هي ما يلي:-


1- خبر، بخصوص موضوع أو معلومة معينة بالذات.


2- منقول، أي أن يجري نقل هذا الموضوع أو المعلومة من شخص إلى آخر من خلال الملقي والمتلقي (المستقبل والمرسل) أو الناقل والمنقول إليه.


3- مشافهة، وهو الركن والمعيار المميز للإشاعة عن غيرها، فلو كانت المعلومة (الخبر) أو الموضوع قد جرى تداوله من خلال وسائل أخرى مثل المطبوعات أو وسائل التلفزة لأصبحت بحكم الدعاية.


4- يحتمل الصواب أو الخطأ، فقد تكون الإشاعة صحيحة، وقد تكون المعلومة خاطئة.


5- لا وجود لدليل مادي على صحة الخبر، حيث تفتقر الإشاعة دائماً لوجود دليل إثبات على صحة ما يشاع.


وهنا يثور التساؤل التالي: متى يعتبر الخبر بأنه قد وصل مرحلة الإشاعة؟؟ وفي المسألة رأيين:-


الأول: رد المعنى للأصل اللغوي، فلا يعتبر الخبر إشاعة إلاّ إذا انتشر وظهر بين الناس أو غالبيتهم وقام المشيع بنقله أو ترديده (تفريقه) لأكثر من مرّة وهو رأي صواب.


الثاني: بقياس الأثر الناتج عن نقل الخبر سواء ظهر أم لم يظهر بين عموم الناس سواء كان هذا الأثر إيجابياً أو سلبياً وهو المنهج والرأي الأصوب.


وكما أسلفنا، فإن الإشاعة أصبحت تشمل جميع مناحي الحياة وتطالها وتؤثر فيها، ولا يعني ذلك أن الإشاعة تكون سلبية أو سيئة الأثر بالمطلق، فقد تكون ذات أثر إيجابي، حتى أن بعض الدول تلجأ إلى إطلاق الإشاعات من خلال جهات ذات اختصاص داخل الدولة نفسها لتنفيس الاحتقان حول مسألة سياسية خلافية أو لدعم الاقتصاد أو لغيرها من الغايات، حيث يقوم على هذا الشأن مختصين في مجال علم النفس والدعاية والإعلام والأمن.


وللإشاعة عوامل تساعد على سرعة انتشارها وتداولها بين الناس مرتبطة مباشرة بها أو تكون جزء لا يتجزأ منها بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأهمها ما يلي:-


1- بساطة الإشاعة وسهولة فهمها وتركيبها اللغوي القريب للغة الدارجة، فكلما كانت الإشاعة أسلس وأبسط لغة وفهماً كلما زادت من سرعة انتشارها حيث أن العلاقة طردية.


2- غموض الخبر وقابليته للـتأويل، فكلما كان الخبر المشاع غامضاً وقابلاً للتأويل، والتفسير زادت سرعة ومدى انتشار الإشاعة.


3- ارتباط الإشاعة بشخصية عامة أو قيادية أو أمر عام يهم فئات المجتمع جميعها، فكلما ارتفع منصب الشخصية أو كان الخبر متعلقاً بمسألة عامة كان انتشار الخبر أو الإشاعة اسرع ونطاقه أشمل.


4- العامل الشخصي في سرعة ومدى انتشار الإشاعة ، وهو مرتبط بالشخص ذاته المتلقي والناقل للخبر بالوقت نفسه وينقسم إلى قسمين:-


أ- الفطنة والذكاء، فكلما كان الشخص أكثر فطنة وذكاء كلما محص ودقق في الخبر الذي تلقاه، هل يصدقه أم يتركه، وهل يمسكه أم يحدث به وهذا الأمر متعلق بشكل لا يقبل التجزئة مع القسم الثاني التالي.


ب- الجانب النفسي، فكثير من الأشخاص يتمتعون بمستوى لا بأس به من الفطنة والذكاء ولكنهم من أكثر الأشخاص نقلاً للإشاعة ومرجعية ذلك للنقص النفسي الذي يعاني منه وحاجته ليكون محلاً للاهتمام ومثال ذلك تجد أحدهم يقول: (معلومات من القصر وزير الداخلية طاير وجاي بداله لواء من الجيش .. ) .

5- الظروف الاستثنائية .. فكلما كانت الظروف تجنح نحو الاستثنائية من اضطرابات او قلاقل او وجود حالة حرب او عدم استقرار نجد ان البيئة اصبحت مهيئة اكثر واصبحت التربة خصبة للاشاعات ..

6- مستوى الثقافة والوعي والتعليم .. فكلما ارتفع مستوى الوعي والادراك الجماعي والفردي كلما قلت نسبة ومستوى رواج الاشاعات في المجتمع باعتبارة مجتمعا علميا تحليليا يرفض الشيء الذي لا يخضع للمنطق والعقل ويرفض الخرافات والخزعبلات والعكس صحيح ..


إذن، فالإشاعة، عادة ما تكون من قبيل الاختلاق ولا أساس لها من الصحة وللأسباب والعوامل التي ذكرناها يكثر انتشارها ويتسع مداها وقد تؤدي إلى نتائج كارثية من حيث اغتيال سمعة الشخصية القيادية والتأثير في الرأي العام وفقدان المجتمع الثقة بقيادته ، وقد تؤدي في بعض الحالات إلى إلحاق ضرر جسيم بالأموال العامة مثل: انهيار سعر سهم إحدى الشركات المساهمة في السوق المالي (البورصة) أو إفلاس بعض البنوك أو المؤسسات المالية والمصرفية، وعلى ما أذكر فقبل حوالي عامين سرت شائعة أطلقها أحد الحاقدين المغفلين عن إفلاس أحد البنوك مما تسبب بأزمة سيولة للبنك لاندفاع المودعين لسحب أموالهم.


وأمام هذه الخطورة الكبيرة للإشاعة كان لا بد من البحث في أهم وسائل مكافحتها وهي:-


1- التوعية الجماعية والفردية بخطورة الإشاعة وأثرها السلبي على الفرد والمجموع.


2- تعميم وتدريب المجموع وخصوصاً الناشئة على كيفية التعامل مع الإشاعة من حيث التفكير الموضوعي والتحليلي للخبر وتوجيه الفرد العادي إلى طلب الدليل العادي على ما يشاع أو السخرية من الإشاعة لعدم اتفاقها مع العقل والمنطق.


3- الشفافية وعدم تناقض التصريحات أو تعارضها في الرد على الإشاعات من قبل القيادات السياسية.


4- تنمية القيم الدينية التي تكافح الإشاعة بالفطرة سواء انخفض أو ارتفع مستوى الذكاء أو الوعي لدى الفرد والمجموع حيث يزخر ديننا العظيم بالعديد من القيم والإرث الإيجابي في هذا المجال سواء أكانت الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية الشريفة ومثال ذلك قوله تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضا)، و(ويل للمكذبين)، وقول رسول صلى الله عليه وسلم: ( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)، وقوله عليه الصلاة و السلام: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه). وقوله عليه أفضل الصلاة والسلام بمعنى الحديث (لا زال أحدكم يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، ولا زال أحدكم يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا) وصدق الله ورسوله.


ونعرج الآن إلى موقف المشرّع الأردني من الإشاعة وموقف القضاء الأردني منها:-


بالرجوع إلى جميع القوانين المعمول بها في المملكة الأردنية الهاشمية، وبالرجوع إلى جميع القرارات الصادرة من محكمة التمييز الموقرة والمحاكم الأخرى - القرارات المنشورة - لا نجد أي نص قانوني أو اجتهاد قضائي يتحدث عن الإشاعة بالمفهوم الذي عرضنا إليه سابقاً، بمعنى أنه لا وجود لتعريف واضح ومحدد للإشاعة بالرغم من انها قد وردت في بعض القوانين والأنظمة تحت مسمى ( الشائعات ) ، كما أنه لا يوجد أي نص في قانون العقوبات الأردني أفرده المشرّع لمعالجة مفهوم الإشاعة وتجريم مرتكب الفعل، وتحديد مجازاته سنداً للقانون، بالرغم من خطورة النتائج التي تنطوي عليها ارتكاب الأفعال المكونة للأركان المادية للإشاعة، وهذا يعتبر نقصاً تشريعياً ندعو إلى تداركه لما للإشاعة من تأثير سلبي كبير على الدولة و مرافقها العامة والجماعات والأفراد.


- ومن باب الفائدة نشير هنا إلى التشريعات الأردنية التي أوردت نصوصها الحديث عن الإشاعة:-


* المادة (109) من قانون الأوراق المالية المؤقت رقم (76) لعام (2002) حيث حظرت الفقرة الأولى منها بث الشائعات أو ترويجها.


ونصت المادة (110) من القانون نفسه على معاقبة الفاعل بالغرامة التي لا تزيد على مئة ألف دينار وغرامة إضافية لا تقل عن ضعف الربح أو ضعف الخسارة التي حققها أو تجنبها الشخص على أن لا تزيد على خمسة أضعاف، وكذلك الحبس لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات.


* كما عددت المادة (5) من قانون الجيش الشعبي وتعديلاته رقم (39) لعام (1985) مهام ومسؤوليات الجيش الشعبي وأورد في الفقرة (ز) منها ما يلي:-


(ز- التصدي للحرب النفسية والشائعات التي يشنها العدو والعمل بجميع الوسائل العلمية والموضوعية لدحضها وابطال مفعولها).


* كما نصت المادة (14) من تعليمات تطبيق مدونة الأمن البحري على المرافق المينائية في الميناء لسنة (2004) في الفقرة (ب) منها أنه وفي حالة إعلان الطوارئ:-


ب- الإلتزام بالهدوء والتصرف حسب التعليمات التي تصدر في حينه وعدم الاستماع إلى الشائعات أو ترديدها).


- وفي الخاتمة، نرجو أن يصار إلى فتح باب النقاش الاجتماعي والسياسي والعلمي والقانوني حول موضوع الإشاعة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :