الجيش العربي الأردني يحتل مكانة إقليمية وعالمية مرموقة بقلم العميد المتقاعد "محمد فتحي" عياصره
mohammad
19-10-2011 07:03 PM
اظهر تقرير صــادر عن وزارة الدفاع الأمـــريكية (البنتاغون) مؤخراً أن الجيش العربي الأردني يحتل المرتبة الأولى عربياً والثالثة إقليمياً (بعد إسرائيل وتركيا) والعشرين عالمياً من ناحية المشاة والطلعات الجوية والمدفعية ، متقدماً بذلك على كثير من دول العالم. وجاء في التقرير أنه وفق المعايير الدولية ، يملك الجيش الأردني جميع نقاط ضعف إسرائيل ، الأمر الذي سيقود الأردن إلى النصر في حال وقوع حرب معها ، كما انتصر عليها في معركة الكرامة عام ثمانية وستين ، رغم خروجه من حرب لم يكن راغباً بخوضها عام سبعة وستين ، وخسر فيها العرب أجزاء عزيزة من أرضهم في تلك الحرب غير المتجانسة والتي كان لها الأثر الكبير في انكسار الروح المعنوية لدى الجيوش والشعوب العربية على حد سواء ، ولم تستطع قوة عسكرية عربية إعادة الأمل إلى النفوس أو تعديل المزاج العربي البائس آنذاك مثل ما حققه الجيش الأردني بانتصاره المؤزر على إسرائيل في معركة الكرامة الخالدة التي أظهرت على أرض الواقع تفوّق الجيش العربي الأردني معنوياً ونفسياً وإرادة قتالية قلبت موازين القوى مع جيش كان يمتلك أسلحة متطورة حديثة كفيلة باحتلال أجزاء أخرى جديدة من الأرض العربية.
من المعلوم الذي لا يخفى على أحد ، أن للجيش العربي كبرى مؤسسات الوطن وأهمها وأعرقها على الإطلاق ، أدواراً تاريخية عظيمة رافقته منذ تأسيسه والى الآن ، ليس فقط في ربوع الوطن الذي بناه هذا الجيش وأعلى البناء فيه ، وساهم في تنميته في جميع المجالات وحسب ، إنما في عدد من الدول العربية الأخرى ، عندما كان له شرف الدفاع عن كرامة الأمة وعروبتها وعزتها في فلسطين أولاً ، تشهد له بذلك أرواح الشهداء البررة ، وبطولات ودماء أبنائه في القدس واللطرون وباب الواد ، وغيرها من الأرض العربية في فلسطين ، إضافة إلى ما قدّمه هذا الجيش للأشقاء في عدد من الدول العربية ، كالجولان وسلطنة عمان والكويت واليمن وغيرها أيضاً ، ثم بعد ذلك ما قدمه الجيش العربي من جهد كبير لا يمكن إنكاره ، في بناء المؤسسات الأمنية وغير الأمنية في عدد من الدول العربية ، وفي مقدمتها دول الخليج العربي ، حيث أسهمت القوات المسلحة الأردنية في تأهيل وتدريب وتنظيم جيوش هذه الدول وما زالت إلى الآن.
لم يأت تقرير وزارة الدفاع الأمريكية الذي صنّف الجيش العربي الأردني ضمن أقوى عشرين جيشاً في العالم ، والثالث في الشرق الأوسط ، والأول على مستوى الدول العربية ، دون دراسة وافية معمقة لكل مقومات ومتطلبات وعناصر قوة الجيوش الحديثة ، فتقرير بمستوى هذا التقرير الصادر عن أقوى مؤسسة أمنية في العالم ، يعدّ قفزة نوعية في أداء الجيش العربي وتدريبه وتسليحه وتنظيمه واستيعابه للتكنولوجيا والتقنيات الحديثة في عالم السلاح والدفاع والأمن ، مما يعيد من حسابات بعض الدول عند النظر إلى الأردن من زاوية القوة والضعف ، فيحسب له ألف حساب قبل التفكير بإيذاء هذا الحمى العربي الأصيل ، وقد سبق جلالة الملك عبد الله الثاني القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية تقرير البنتاغون هذا بوقت طويل في وصف الجيش العربي ، عندما قال إن في الأردن جيشاً قوياً قادراً على حماية الوطن وتحقيق النصر على أي عدو غاشم ، فجلالة الملك الذي تربّى في ميادين الجيش العربي ومعسكراته ، ويعرفه حق المعرفة ، ويعتز بأنه قائده الأعلى ، يعرف إمكانياته التسليحية والتدريبية والمعنوية الكفيلة برد العادي ودحره ، وهو الذي يوليه جل رعايته واهتمامه ، ويتابع نشاطاته في ميادين الشرف والرجولة ، ويبذل أقصى جهد ممكن ، لتوفير كل متطلبات القوّة والتفوّق والتميّز ، رغم شح الإمكانات الوطنية وصعوبة الوضع الاقتصادي الذي يمر به الأردن.
يحتل الجيش العربي الأردني مكانة إقليمية عالمية مرموقة ، وتربّع على قمة التميز والاحتراف مما جعله مثالاً حقيقياً للجيش النظامي العصري الذي يمتلك أحدث الأسلحة المتطورة التي تتعامل مع آخر ما توصلت إليه الآلة العسكرية من تكنولوجيا وتقنيات ، ويتبنّى أحدث النظريات العسكرية المطبقة في المدارس والمعاهد العسكرية العالمية في التعامل مع مختلف الظروف التي يجيد الجيش العربي استخدامها ، ويتفنن في تطبيقها ، مستغلاً في ذلك ، تراكم تجربته على مدى عقود عديدة من عمره ، وطبيعة تدريبه ، والأهم من ذلك كله ، طبيعة الجندي الأردني الذي يؤمن بعدالة أهدافه وغاياته ومقاصد وجوده ، ويبذل في سبيلها المهج والأرواح ، فلا غرابة بعد ذلك ، إن طاولت معنويات أبناء الجيش العربي عنان السماء ، ولامست الثريّا في العلياء ، لهذا كله جاءت نظرة العالم إلى الجيش العربي الأردني ، نظرة احترام وتقدير وهيبة ، جعلت من هيئة الأمم المتحدة إدراج اسم الجيش العربي ضمن مهام قوات حفظ السلام الدولية ، فلا تكاد تخلو مهمة إنسانية على مستوى العالم من مشاركة أردنية ، فقد اثبت الجيش العربي فعلياً وعملياً أنه يتمتع بانضباطية عالية ، واحترافية عالية أيضاً ، وأثبت أنه يحسن التعامل مع مختلف الظروف ، تماماً كما جاء في تقرير البنتاغون.
من نقاط قوة الجيش العربي الواردة في تقرير وزارة الدفاع الأمريكية أن للجيش الأردني علاقات ومشاركات مع مختلف جيوش العالم المتقدم ، مما أسهم في إكسابه خبرات إضافية وفوائد جمّة ، مكّنته من الحصول عليها من مثل هذه المشاركات ، حيث التنسيق والتعاون والاستفادة من تجارب الآخرين وكيفية التعامل مع المستجدات ، وهنا جدير أن ننوه إلى أن جيوش العالم المتقدمة هي التي تسعى إلى التنسيق والتعاون مع الجيش العربي لسمعته العالية ، ولتراكم تجربته في ميادين القتال وفي التمارين العسكرية ، لذلك أصبحت القوات المسلحة الأردنية بفضل هذه الميزة محط اهتمام جيوش العالم الساعية للمشاركة في التمارين العسكرية ، مما أهّل الجيش الأردني لأن يؤسس لمراكز تدريب على مستوى العالم ، خاصة في مجال مقاومة الإرهاب وطبيعة التدريب الخاص بذلك ، عدا عن استغلاله للتقنيات الحديثة وتأسيس مركز المشبهات الذي يعتبر خطوة متقدمة في التدريب والتأهيل.
لا يجوز أن يمر تقرير البنتاغون هذا مرور الكرام دون أن تتناوله وسائل الإعلام الأردنية والعربية المقروءة والمسموعة والمرئية بشئ من التفصيل والتعريف كما فعل موقع رم الالكتروني ، واستثماره أيّما استثمار لرفع الروح المعنوية العربية المنهارة المنشغلة بالربيع العربي والانقسامات العربية ووضع الأمة المتردي يوماً بعد يوم ، إذ من المعيب حقاً أن تنشغل وسائل إعلامنا على اختلافها بأخبار الرياضة والفن دون أن تخصص ولو برنامجاً واحداً أو مقالة واحدة أو تقرير واحد عن هذه المرتبة العظيمة التي وصل إليها الجيش العربي وانتزعها من أعتى وأقوى الجيوش في العالم بحكمة قيادته الهاشمية وسواعد أبنائه على مدى تسعين عاماً من عمر هذا الجيش الذي يسبق عمر الوطن ، حيث أن تأسيسه كان سابقاً لتأسيس إمارة شرقي الأردن عام واحد وعشرين من بدايات القرن الماضي.
بقي القول انه من حق كل الأردنيين أن يفخروا ويرفعوا رؤوسهم عالياً لما حققه الجيش العربي من مرتبة متقدمة تتحدث عنها مراكز القوى في العالم ومراكز الدراسات والأبحاث في مجالات الدفاع والأمن ، مما يرفع من معنويات منتسبيه ويعزز ثقة القائد والشعب بقدرة الجيش على حماية الوطن والدفاع عنه وحفاظه على أمنه واستقراره ، وما كانت هذه المرتبة التي احتلها الجيش العربي لتكون لولا رعاية جلالة القائد الأعلى الملك عبد الله الثاني له واهتمامه به ، فهو قائده الأعلى ، الساعي دوماً إلى أن يصل به إلى المرتبة الأولى على مستوى الإقليم وان يكون الجندي الأردني هو الأفضل على مستوى العالم.