"كرامة" يختتم دورة "الحقوق" بإعلان الجوائز وتعزيز "سينما الإنسان"
16-12-2025 07:23 AM
عمون - بكثير من الشجن والتطلعات والتفاعلات والأفلام والأحلام والندوات، وصلت الدورة 16 "بنك الحقوق" من مهرجان "كرامة.. سينما الإنسان" الذي ينظمه سنويًا "المعمل 612 للأفكار"، يومها الأخير.
يوم الختام الذي احتضنته الصالة الرئيسية في سينما الرينبو بشارع الرينبو، تضمّن، إضافة إلى عرض الفيلم السوداني الوثائقي الطويل "الخرطوم" بحضور السفير السوداني في الأردن حسن سوار الذهب، إعلان نتائج مسابقات المهرجان السنوية، التي تشمل جوائز ريشة كرامة (أربع جوائز)، وجائزة شبكة "أنهار" لأفضل فيلم وثائقيّ، وجائزة المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب OMCT (مكتب تونس). في هذا السياق فاز الفيلم الأردني الروائي الطويل "سمسم" الذي جرى تصويره، وتدور أحداثه، من إخراج سندس سميرات وسيناريو تمارا عويس، في محافظة إربد بجائزة ريشة كرامة لأفضل فيلم روائي. كما تناصف الفيلمان الأردنيان الروائيان القصيران "هند تحت الحصار" عن الطفلة الغزّية الشهيدة هند رجب صاحبة الاستغاثة الخالدة التي لن ننساها جميعنا حتى مرتقى الأنفاس، من إخراج ناجي سلامة وكتابة الفنانة عايدة الأميركاني وإنتاجها، و"أهازيج" المنحاز، من إخراج مي الغوطي، للقيم والموروث والروح الشعبية. وفي سياق متصل نال الفيلم الأردني القصير "غنينا قصيدة" لمخرجته آني كسّاب تنويهًا خاصًا بحسب ما قررت لجنة تحكيم هذا الفرع من الجوائز رائية أنه فيلم عن "حب الوطن، وعن السينما والشعر والبقاء".
جائزة ريشة كرامة لأفضل فيلم وثائقي طويل ذهبت بحسب ما آلت إليه نقاشات لجنة تحكيم هذا الفرع من الجوائز إلى الفيلم الوثائقي الإكوادوريّ الطويل "ذكريات الضوء" للمخرج ميشا فاليخو بروت. وفي سياق إيضاح حيثيات منح جائزة ريشة كرامة لأفضل فيلم وثائقي طويل للفيلم الإكوادوريّ قال المخرج الإيطالي نيقولا زامبيلي الذي كان فاز بجائزة أنهار في عام 2023، "بفضل الأصالة التي يروي عبرها المخرج تاريخ عائلته، كاشفًا حجاب الصمت الذي أخفى لأجيالٍ إرثًا ثقيلًا من العنف الأبوي. ومن خلال عدسة كاميرا قديمة كانت ملكًا لجدّه، يبني الفيلم أسلوبًا سرديًا قادرًا على إعادة تعريف الماضي ومنحه معنى جديدًا، مُعيدًا إلى الواجهة جزءًا من سيرة عائلة ظلّ مهمّشًا ومنسيًا لفترة طويلة. لفتةٌ تُصبح استعارةً للمقاومة ضد العنف الاستعماري والأبوي، كاشفةً عن عمق العلاقات الإنسانية، ومُفعّلةً تطهيرًا جماعيًا قويًا قادرًا على بثّ الأمل". في سياق متصل، وفي يوم اختتام فاعليات الدورة 16 "بنك الحقوق" من مهرجان "كرامة.. سينما الإنسان" التي أقيمت في سينما الرينبو، نال الفيلم التسجيليّ السودانيّ "الخرطوم" تنويهًا خاصًا من لجنة تحكيم هذا الفرع من الجوائز، علماً أن الفيلم يتناول بلمسات خمسة مخرجين: أنس سعيد، روية الحاج، إبراهيم سنوبي أحمد، تيميا محمد أحمد وفيل كوكس، حَيَوات خمس شخصيات سودانية: موظفًا حكوميًا، سيدة تقديم الشاي، متطوعًا في لجنة المقاومة، وصبييّ شوارع، يبحثون جميعهم عن الحرية. وهو ما ناله، إلى ذلك، الفيلم اللبناني الوثائفي الطويل "والأسماك تحلق فوق رؤوسنا" من إخراج ديمة الحُر"، حيث تلا الباحث السينمائي السوري أحمد الحاج قرار التنويه الخاص بالفيلم اللبناني: "تقديرًا للمقاربة السينماتوغرافية المتماسكة عن رجال متروكين بعزلة في مواجهة البحر وخلفهم المدينة: بيروت.. وبحساسية مخرجة امرأة، قامت بتحويل أجساد الرجال العارية إلى كرستالةٍ بنيوية تعكس الافتراضي والفعلي لحقيقة حضور هؤلاء الرجال بين السائل والزائل والماضي الذي لا يمضي، وبالتالي تتبنّى لجنة تحكيم جائزة ريشة كرامة لأفضل فيلم وثائقيّ تنويهًا خاصًا بالفيلم اللبناني".
الفيلم القبرصي التحريكي "النسّاج" من إخراج يورغوس تانغاريس، ولما يحمله، بحسب لجنة تحكيم هذا الفرع من الجوائز، من معالجة بصرية قوية تشجع المشاهد على
التأويل، فاز بجائزة ريشة كرامة لأفضل فيلم تحريكي. يذكر أن الفيلم التحريكي البلجيكي "الكوكب الآخر" نال من لجنة تحكيم هذا الفرع من الجوائز تنويهًا خاصًا، حيث يطرح الفيلم، من إنتاج عشرة أطفال على شكل ورشة عمل بإشراف شركة Camera، مواضيع إنسانية بالغة الدلالات مثل الهجرة، التنوّع، وقبول الآخر.
جائزة ريشة كرامة لأفضل فيلم قصير ذهبت بحسب اختيارات لجنة تحكيم هذا الفرع من الجوائز للفيلم الهندي الذي يحمل اسم "الفيلم الأول" من إخراجPiyush Thakur . لجنة التحكيم لم تنس أن تتبنّى تنويهًا خاصًا بالفيلم التركي "موري" من إخراج يعقوب تكن تانغاك.
جائزة الشبكة العربية لأفلام حقوق الإنسان "جائزة أنهار" ذهبت بحسب ما أعلنت لجنة تحكيم هذا الفرع من الجوائز إلى الفيلم السوداني "الخرطوم" لما يحمله، كما تلا المدير الفني للمهرجان المخرج إيهاب الخطيب، من "طبيعة تجريبية لفيلم وثائقي أنجزه خمسة مخرجين سودانيين، ويحتويه من صدق وحب عميق للوطن، ولإمكانية أن يشكّل الفيلم وثيقة نابضة لفيلم حقوقي متميز يحاكي القارة الإفريقية وليس فقط السودان الحبيب".
وللعام الثاني على التوالي، وضمن فعاليات مهرجان "كرامة.. سينما الإنسان"، قدمت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيبOMCT (مكتب تونس)، جائزة خاصة لأفضل فيلم حقوقي "لمواجهة أشكال التعذيب جميعها، والمعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة. وتنضوي OMCT تحت لواء شبكة استغاثية تنخرط فيها أكثر من 200 منظمة حول العالم يعملون على حماية حقوق الانسان وتعزيزها. جائزة OMCT الخاصة ذهبت هذا العام، وبحسب لجنة مؤلّفة من أعضاء "المعمل 612 للأفكار" مناصفة بين فيلميّ "غزة غراد" للمخرجة الفلسطينية سوسن قاعود، و"فلسطيني على الطريق" للمخرج إسماعيل هبّاش، علمًا أن اختيار الفيلمين جاء في سياق "نافذة على أفلام فلسطين" ضمن شبكة النوافذ التي يتبنّاها "كرامة الأردن" المؤسس والأب الروحي لعدد من مهرجانات كرامة في لبنان والسودان وموريتانيا واليمن وتونس، إضافة، طبعًا، لِنافذة كرامة في غزّة، علاوة على تشبيكٍ مثمرٍ مع شركاء سوريين.
مديرة المهرجان المخرجة سوسن دروزة قالت في كلمتها ليوم الختام "إن حقوق الإنسان هي ثيمة كرامة لدورة هذا العام "بنك الحقوق" ولكل عام"، متسائلة: "هل يمكن أن نؤسس بنكًا لا يحفظ الأرباح بل يصون الحقوق.. أرشيفا حيًّا.. خزينة بشرية، وذاكرة إنسان؟".
وفي سياق إشادتها بجمهور المهرجان الذي شكّل منذ الدورة الأولى الرصيد والرهان والمعنى، قالت دروزة: "وما زلنا بكم ومعكم نواصل هذا الجهد، لأن كرامة ليست مهرجانًا عابرًا، بل مسارًا، ومسؤولية، وذاكرة حيّة، تبقى حيّة عبر تفاعلكم الواعي، وحضوركم الخصب"، مضيفة: "كرامة ظافرة بكم، وبكل من منح صوته وصورته ووقته ليدافع عن الحق، وليمنح الأفلام مساحة حرة تقول ما يجب أن يُقال".
دروزة وبكثير من الحشرجات والدّلالات ختمت كلمتها بالقول: "اتخذنا السينما كدرع، والقصص كأدلّة، وشيّدنا في دورة هذا العام "بنك الحقوق" كي لا تضيع القيم الإنسانية، ولا تُمحى الذاكرة، ولا يُسرق الحق بالصمت".
بدوره، وفي سياق إجابته عن سؤال حول دلالة جعل الكرسي الفارغ من نصيب أطفال غزة، يقول المدير الفني للمهرجان المخرج إيهاب الخطيب: "إنه حضور الغياب الذي يذكّرنا أن أطفال غزة غائبون قسرًا عن مقاعد الدراسة وعن الحياة الطبيعية، لكنهم حاضرون بقوة في ضميرنا الجمعي وفي ذاكرتنا".
الخطيب نوّه إلى أن أهم ما خلصت إليه ندوة "ديمقراطية الصورة" هو أن الصورة "لم تعد محايدة، بل أصبحت مسؤولية أخلاقية وسياسية، وأن السينما الحقوقية اليوم مطالَبة بطرح أسئلة جوهرية: من يصوّر؟ ولماذا؟ ولصالح من تُروى الحكاية؟". وأكّد أن حقوق الطفولة تشكّل "أولوية أخلاقية ثابتة في المهرجان"، لافتًا إلى أن الاختيار النهائي يقوم على "توازنٍ دقيقٍ بين قوة القضية والقيمة الفنية، ورائيًا أن فيلم "هند تحت الحصار" شكّل، في هذا الإطار، "نموذجًا لهذا التوازن، إذ جمع بين البعد الإنساني العميق والطرح السينمائي المؤثّر. وفي دورة كرامة السادسة عشرة، التي تمثل جيلًا ونصفًا من سينما الإنسان، تبقى أفلام حقوق الطفل حاضرة باستمرار، لأن بنك الحقوق يبدأ من البراعم".
وبسؤالها عن الحضور الذي شكّله الفيلمان المُنتجان من قناة "العربي"، أجابت سوسن دروزة قائلة: "إن حضورهما شكّل إضافة نوعية للمهرجان، بجمعهما بين الاحتراف الإعلامي والعمق الحقوقي، وتقديمهما نموذجًا لما نسعى لتعزيزه: أعمال توثّق اللحظة من دون أن تفقد بعدها الإنساني. وصلتنا مجموعة متنوّعة من الأفلام الوثائقية والاستقصائية، صُوّرت وأُنتجت في عدة دول عربية، منها السودان وسوريا وفلسطين. وقد عُرض فيلمان؛ الأول أعاد فتح ملف الطفولة من خلال فيلم "غزة: طفولة مسلوبة" للمخرج مؤمن غنيم، والثاني فيلم استقصائي يتناول الأحداث في سوريا. وقد لاقت هذه الأعمال تفاعلًا واضحًا".
إدارة المهرجان استضافت كثيرًا من مخرجي الأفلام، وأعضاء لجان التحكيم، وأعضاء الشبكة العربية لأفلام حقوق الإنسان "أنهار". كما كرّمت الفنان الأردني منذر رياحنة ضيف شرف الدورة 16، ورئيس لجنة تحكيم جائزة ريشة كرامة لأفضل فيلم روائي.
وعلى مدى أسبوع عرضت الدورة ١٦ "بنك الحقوق" من مهرجان "كرامة.. سينما الإنسان" الذي ينظمه سنويًا "المعمل ٦١٢ للأفكار"، زهاء ٧٠ فيلمًا روائيًا ووثائقيًا وتحريكيًا من مختلف الأطوال، جالت موضوعاتها بقضايا الإنسان وتطلعاته لنيل حقوقه، والذود عن كرامته، وبلوغ ذُرى العدالة بوصفها صفوة الغايات وأساس الوجود.