عمون - "الصديق وقت الضيق" عبارة تتردد على ألسنة كثيرين غير أن معانيها باتت تتلاشى، وفق قول إياد جابر.
جابر (29 عاما) يرى أن غالبية الصداقات الناشئة بين الأشخاص في هذا الزمن هي "صداقة مصلحة" كما يصفها، منوها إلى أنها مؤطرة ضمن إطار الاستفادة أيا كان نوعها.

ويأسف جابر أن تكون العلاقة القائمة بين الأصدقاء نابعة من المصالح بدلا من المواقف النبيلة والإنسانية.

"الصديق هو الذي يصدقك القول والصديق الوفي، هو الذي ترتسم علاقته معك على مبدأ الاخلاص والاحترام المتبادل"، هكذا عرف جابر الصداقة، لا أن تقوم على خدمة يقدمها لك شخص تتقرب وتتودد منه لهذا الغرض.

"الصداقة علاقة دوم وليست يوم"، بحسب قول الموظف في القطاع الخاص عامر محمد، الذي يرى أن الشخص يميز بين من يصدقه القول والفعل ومن هو عابر يريد أن يقضي مصلحة معينة، منوها أن صداقة المصالح "لا تدوم".

ويصف أستاذ علم الاجتماع محمد جريبيع "صداقة المصلحة" بـ "المنفرة" لاسيما إذا قامت تعاملات الأشخاص على الاستفادة من أمر ما، ومن ثم ينقضي التواصل لمجرد انقضاء المصلحة.

والصداقة وفق تعريف جريبيع عبارة عن "نظرية تبادلية تتم فيها وجود منافع متبادلة على مختلف اشكالها وانواعها ولا تنحصر في المنافع المادية"، فالعلاقات في الحياة مبنية على وجود منافع بين الاطياف كافة؛ فالأب وأبناؤه تربطهم علاقة منافع، فهو يربي أبناءه ويعلمهم ويتعب عليهم ليجني في النهاية ثمرة ذلك؛ حيث يقومون لاحقا بخدمة الاب عندما يكبر فهذه العلاقة مبنية على وجود منافع لكنها ليست هي الأساس، وكذلك الامر عند وجود صداقة بين شخصين فلا بد من وجود منافع متبادلة ولكن هذه العلاقة تنحدر تحت بند العلاقات الاجتماعية.

غير أن العشرينية ميسون لا تجد غضاضة من تبادل المصالح بين الأصدقاء، لافتة إلى أنه بالنهاية لكل شخص مأرب ما وحاجة قد يقضيها من صديقه وهو معرض أيضا لتبادل الدور، مبررة هذه الصداقة بالحاجة لقضاء أمر ما يؤول بالنهاية لمصلحة مشتركة ومستفادة بين الطرفين.
غير أن استشاري الطب النفسي الدكتور محمد حباشنة يرى أن صداقة المصلحة "أمر خطير أصبح شائعا مؤخرا، حتى أصبح الذكاء الاجتماعي يستخدم بصيغته السيئة لتحقيق المصالح".

ويفسر حباشنة تلك العلاقة "لغياب مؤسسية النجاح والمتمثلة بوجود شخصين في نفس الكفاءة، أحدهما يتمتع بعلاقات اجتماعية أفضل فإذا لم يتطورا في نفس الوتيرة تبدأ هناك صحبة الاستفادة منه في استخدام معارفه وواسطاته من أجل تحقيق اهداف عنده".
"الصداقه هي حالة تبادلية وعقد خفي بين الناس"، وفق حباشنة الذي يرى أن الصحبة الصادقة فيها مساعدة سواء اجتماعية او مالية او نفسية، غير أن التنفع ليس إجباريا وليس استغلاليا وفق قوله.الغد معتصم الرقاد