facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القطاع الخاص يبحث عن دور مجتمعي بين عوالم عمان الشرقية والغربية؟


رنا الصباغ
23-09-2007 03:00 AM

نجح مشروع ريادي تنموي متكامل برعاية ثمانية رجال أعمال أردنيين في تطوير مجتمع محلي شبه منسي ثقافيا وبيئيا منذ انطلاقه قبل عام ونيف لخدمة حي مهمش وسط العاصمة عمان.يحسب لهذا المشروع المستدام حتى الآن في أحياء جبل النظيف والمطل على أطراف عبدون الغارق بعضها بالرفاهية. البرنامج أدخل نمطا جديدا من المسؤولية الاجتماعية التشاركية والتعلم المتبادل بين أبناء المجتمع المحلي في مثلث تكاملت أضلاعه بين متطوعين, قطاع خاص وحكومة وصولا إلى تغيير واقع مليء بالفرص والتحديات.

علم وثقافة مقابل عمل وإنجاز تطوعي لخدمة المجتمع.

أركان هذا المشروع شباب حي النظيف ذي الـ 120.000 نسمة. أصبحوا مجموعات تطوعية منتجة تساعد السكان على تحديد أولوياتهم, ووضع الحلول الناجعة لواقع اشكالي.

التجربة قابلة للتكرار في عشرات الأحياء المحرومة وفي عشرين من جيوب الفقر منتشرة في محافظات المملكة, بحسب القائمين على المشروع.

بدأت مؤسسة رواد التنمية التي تدير المشروع في إجراء مقابلات مع سكان الحي لتحديد أولوياتهم وهواجسهم. هذا الحي العتيق يمثل نمطا معيشيا متقاربا مع غالبية مناطق عمان الشرقية المكتظة. على أن ما يميز مجتمع جبل النظيف هو كثرة السيدات اللواتي ينفردن في إعالة أسرهن ووجود بطالة عالية تزيد بنسبة 50 بالمئة على المتوسط العام للبطالة في الأردن.

تبع الحوارات مسح لواقع المدارس والمرافق العامة للمساعدة على تطوير الحي, عبر تحديد المتطلبات الحياتية والتنموية وإيجاد أنشطة للشباب تحول دون حرمانهم من فرص لتحقيق النجاح وتجنيبهم الانغلاق الفكري الذي ما فتئ ينمو في أجواء القهر ويعتاش على الفقر والبطالة وسط غياب دور المؤسسات الحكومية والمدنية.

جاءت مدرسة عاتكة بنت زيد الأساسية التي يدرس فيها حوالي 700 طالبة وطالب على رأس قائمة الشكاوى. كانت المدرسة في حال يرثى لها بسبب قدم المبنى المستأجر, اكتظاظ الصفوف, وتهالك أرضية الملعب وأسواره, وتدني مستويات النظافة في ما تبقى من مرافق صحية عاملة.

ثم تعالت أصوات لتوفير منح دراسية في الجامعات والكليات, إضافة لتدريب وتأهيل الشباب لمساعدتهم في الحصول على فرص عمل.

سكان الحي عادوا للمطالبة بإقامة مخفر شرطة بعد ثلاثة عقود من الانتظار, فضلا عن مركز صحي ومكتب بريد يخدم أهل المنطقة التي تضم مخيم محمد أمين للاجئين الفلسطينيين. هذا التجمع يعيش ظروف اكتظاظ غير طبيعية ويشكو سكانه من سوء البنى التحتية مقارنة مع غيره من المخيمات الـ 13 في الأردن. تلك المخيمات نالت تصنيف واعتراف وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل أللاجئين ما ساعد سكانها على رفع مستوى الخدمات التعليمية والصحية والبنى التحتية.

اليوم تغيّرت أجواء مدرسة عاتكة بعد أن قامت رواد التنمية بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم وبمساعدة شباب الحي في صيانة المدرسة وطلاء جدرانها و ترميم مرافقها. القطاع الخاص وفر أثاثا مدرسيا وألواحا مدرسية ومراوح حائط تعين الطالبات على مواجهة حر الصيف. كانت تلك البدايات تؤسس لمشاركة فاعلة وحيوية بين المؤسسة و6 مدارس أخرى في المنطقة.

شرعت رواد التنمية في توفير 250 منحة جامعية لطلاب الجبل المتقدمين لإكمال دراستهم من خلال صندوق أطلق عليه "صندوق مصعب خورما لدعم وتنمية الشباب". (مصعب خورما رجل أعمال أربعيني قتل في عمليات الإرهاب القاعدي التى ضربت فنادق عمان قبل عامين). الشرط الوحيد للحصول على منحة كاملة او جزئية من خلال التنافس الحر هو التزام الحاصل عليها بالعمل كمتطوع في خدمة المجتمع ليكون قدوة لغيره, وليحفز العمل التطوعي الغائب عن المجتمع بشكل عام.

المؤسسة لا تؤمن بعقلية العمل الريعي ووهب الأموال. فمن الأفضل تعليم الناس الصيد بدل منحهم سمكا. الاستدامة الاقتصادية والحياتية تتأتى من خلال تطوير وتمكين القدرات البشرية لإعانتهم على توسيع خياراتهم وبناء حياة أفضل.

ثم أدخل برنامج "دردشات" - نشاطا ثقافيا تحاوريا أسبوعيا بين الشباب والفتيات المستفيدين ممن يقطنون هذه المنطقة المحافظة اجتماعيا ودينيا والتي تتبع منظومة عادات وتقاليد اجتماعية صارمة. سعى البعض ممن لم يدركوا بعد الهدف التنموي لرواد التنمية لعرقلة المشروع في البداية لأنهم يعارضون الاختلاط بين الجنسين, ويقفون ضد أي تعددية ثقافية أو فكرية تخرج عن النمط السائد. لكن برنامج "دردشات" ساهم في فك أسوار بنيت حول الذات وحول الاخر في أجواء نقاش ديمقراطية سليمة وصراحة كبيرة بين الرواد. نجح هذا اللقاء بعد بلورة أجواء من الثقة مع الأهالي الذين ينشدون تعليم أبنائهم رغم ضيق ذات اليد.

كما افتتحت المؤسسة مكتبة "شمس الجبل" التي توفر الآلاف من كتب المطالعة وتستقبل ما بين 120-150 طفلا يوميا كان الشارع لديهم المكان الوحيد لقضاء الوقت حيث لا حديقة ولا مكتبة.

تلا ذلك إطلاق برنامج "شبابيك" لبناء علاقات تواصل بين الأطفال والطلاب المستفيدين من منحة "مصعب خورما" و متطوعين من خارج الجبل من خلال الفنون التي تمنح المشاركين الفرصة لاكتشاف الذات وتوسيع الطاقات الإبداعية الكامنة لديهم.

واستوحت المؤسسة من مفهوم "الجيرة" الذي مازالت قيمه سائدة في جبل النظيف باطلاق برنامج "جيران". البرنامج يؤمن المساعدات العاجلة لسكان المنطقة. ينفذه متطوعون يساعدون السكان على صيانة منازلهم وغرفهم, ودهان واجهات المباني بألوان زاهية خفّفت من كآبة الابنية الاسمنتية المهترئة.

بالتعاون مع رواد التنمية, انتظم السكان في مجموعات ضغط وبدأوا في إقناع الدولة بضرورة افتتاح مركز أمني لفض النزاعات الداخلية وردع حفنة من أصحاب الأسبقيات ومروجي المخدرات ممن يجتمعون مساء كل يوم في مقبرة مجاورة مغلقة منذ عقود.استجابت الجهات الرسمية لتجهيز مركز أمني سيتم افتتاحه قريبا. وقد انتهت المؤسسة من تجهيز مركز صحي بانتظار افتتاحه من قبل وزارة الصحة بعد اجتياز مراحل البيروقراطية الرسمية. وهنالك سعي من الأهالي لتحويل جزء من المقبرة القديمة إلى حديقة عامة لقضاء أوقات الفراغ وشم الهواء النقي.

ساعد برامج رواد التنمية لتطوير القدرات البشرية شباب الجبل على تمكين ذاتهم وتطوير مهاراتهم وإدماجهم في العمل الاجتماعي الذي ما زال ندرة. ذلك يساهم أيضا في تنمية الانتماء لمجتمعاتهم وللوطن.

أمور الحي تسير إلى الإمام يوما بعد يوم. نجح المشروع لانه اشتبك مع تفاصيل الحياة اليومية لجبل النظيف ولم يفرض من فوق وإنما جاء من القواعد التي لم تكن تعرف بعد الكثير عن التشبيك المجتمعي والعمل معا لتنمية مستدامة.

الأمل الآن في تعميم هذا النجاح إلى مناطق أخرى بعدما شعر الشركاء بحجم المنفعة.

والآهم ان يحفز هذا النمط من التشاركية القطاع الخاص على تحمل مسؤوليته الاجتماعية وتغيير الصورة النمطية من انه قطاع طفيلي تديره جماعات من "الحيتان" تعيش في حداثة مفرطة وتتعامل مع المناطق الأقل حظا بعقلية الحسنة والصدقة الموسمية.

القطاع الخاص يحتاج اليوم إلى أمان مجتمعي واستقرار أمني وسياسي وكوادر بشرية مؤهلة لينطلق في زمن التحديات الاقتصادية وتنامي الفقر وبروز أنماط ثقافة استهلاكية مقززة منذ 2003 باتت تنخر في عمق الامن المجتمعي.

بداية المشروع لم تكن سهلة أبدا.

البعض عارض البرنامج بسبب قناعات أن تنمية المجتمع تقع على عاتق الدولة وليست "منة" من القطاع الخاص. تساؤلات وتشكيك طالت المؤسسة, ومرجعياتها, وشككت بأهداف ونوايا القائمين عليها ومدى التزامهم بالمشروع. سرت اشاعات عمقتها عقلية المؤامرة المعهودة.

ردود الفعل السلبية هذه كانت متوقعة. فالتغيير عملية صعبة تحتاج لوقت وجهد ومثابرة لبناء المصداقية.

وفي خلفية المشهد صراع حول الثقافة والهوية بين جنبات الأردن. صراع بين فكر يؤمن بالحداثة والتشبيك من دون مس العادات المجتمعية والتقاليد الدينية, وبين فكر منغلق يخشى التجديد.

لنتذكر أخيرا أن سلسلة من الطرق السريعة والجسور والأنفاق ساهمت في فتح عمان الغربية الحديثة بأحيائها ومبانيها الراقية وحدائقها الغناء على عوالم عمان القديمة بحاراتها الضيقة وأزقتها ومبانيها المهلهلة والمتلاصقة, وشوارعها المليئة بالحفر وببائعي البسطات- في مفارقة واضحة لمجتمعين في مدينة واحدة.

مشهد شديد التناقض: شريحة تزداد ثراء, انفتاح اقتصادي من دون حدود, استثمارات خليجية في السياحة والعقارات, وتراجع تدريجي لدور المؤسسات الحكومية وعجز عن تلبية الاحتياجات المتصاعدة, مؤشرات إلى فقر مدقع وإرهاصات لتطرف ديني وقومي لن تحمد عقباه.






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :