facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المتمرّد والعاشق والشاعر في رواية «يا صاحبيِ السّجن»


حلمي الأسمر
16-03-2012 02:44 AM

التقيته في دائرة المكتبة الوطنية، كان يحمل مجلدين كبيرين مخطوطين، حسبته انهما ديوانا شعر، فأخي الدكتور أيمن العتوم عرفته شاعرا كبيرا، له حضور في المنتديات والاحتفالات، ولا يذكر دون أن يذكر أخي الآخر والده الدكتور علي العتوم، صاحب السيرة العريضة في العمل الإسلامي، كداعية وخطيب مفوه، وبالفعل، فهذا الشبل من ذاك الأسد، سألت أيمن: أديوان شعر جديد؟ فقال: بل رواية أولى، وما عزم أن حاول إهدائي أحد المجلدين، فقلت أنني سأصبر للحصول على الرواية مطبوعة!.

تقول زهراء الغضبان، في قراءتها المعمقة لرواية «يا صاحبي السجن» الصادرة حديثا: يروي السّجين أيمن مذكّرات ما زالت عالقةً في ذهنه عن السّجن والرّفاق... لكن... أين هو السّجن إن لم يكن في داخلك؟! أين هو القيد إن لم تلفّه بإرادتك حول معصمك؟! بل أين الأسر إن لم تَدْعُهُ إليك وتقول له: هَيْتَ لك!! لم تحوِ صفحات هذه الرّواية سوى الحرية والانطلاق والطّيران... في السجن لكنه مع نفسه في عوالم أخرى... عوالم من التّأمّل والفلسفة والهيام...!

بصراحة، أثار الدكتور أيمن شجونا عميقة في داخلي، حين انتحيت جبرا وقهرا ركنا قصيا، يدعى زنزانة، أمضيت فيها اثني عشر يوما فقط، لكنها زودتني بخبرة اثني عشر عاما، وظلت في داخلي رغبة دفينة لتسجيل تلك التجربة، حتى إذا جاءت رواية أخي أيمن، فجرت شوقي القديم.

وأستعير قليلا مما جادت به قريحة زهراء، وقد أسرتني كلماتها وهي تغوص داخل سطور الرواية..استطاع بقوّةٍ ما تقطنه أن يحوّل القيد إلى سوار ذهبيّ جميل لن يخلعه أبداً... لأنه لم يعد هو هو.. ونقرأ سوية ما خطه يراع أيمن: «مرّ على مكوثي في هذه الزّنازين ما يقرب من أسبوع... تحوّلت خلالها إلى إنسان آخر... لا أحد يبقى على حاله ما بين لحظتين، فكيف بهذه الليالي الاستثنائيّة الّتي قضيتها هنا؟! نعم تغيّرت... مساحة الحنين اتّسعت لتملأ كلّ عرق نابضٍ فيّ..صارت تبكيني لحظات الذّكرى... أشعر أن البكاء متعة... ما أسهل أن تبكي... ما أجمل أن تبكي... ما أروع أن تبكي...!!»

« يا صاحبيِّ السِّجن».. كل الرّفاق كانوا هناك.. وما عادوا.. كل الصداقات والحكايا والذكريات عن الأخوّة والوشائج... كانت هناك... بين السّطور... وفي الثّنايا... على جدران زنزانة مهجع (6) «المهجع الأكثر زرقة من ماء البحر... والأوسع مدىً في فضاء الفكرة، والأعمق غَوراً في بئر الحياة!!». لكلِّ منهم صورة ترسمها حين تقرأ الرواية.. كأنما أبدعتها يد فنّان يهتمّ بالتّفاصيل... وحركات اليدين وسكنات الوجه.. بل حتى الطّباع والأمزجة... لن تستطيع أن تنسى أيًّا منهم..(يوسف) الهادئ المتواضع، وكذا (عليّ) و(جهاد) و(سالم)..أمّا (عكرمة) فسيظلّ سيّد المواقف كلّها... «لقد كان وجهه كتاباً، وعيناه صفحات، وأصابعه كلمات، وشَعر لحيته حروفاً، استفزّني لأحتمي بالقراءة كما لم يفعل أحدٌ من قبل».

وفي أجواء الرواية الفريدة، المليئة بالشعرية الآسرة ... «حين شاهدتُ إخوتي قادمين من بعيد قفز قلبي من صدري فرحًا، وعندما صاروا قريبين منّي لم أستطع أن أعانق أيًا منهم. كان الموقف لا يسمح بذلك. غير أنّي هويت دون وعي أحضنهم في خيالي جميعًا، وشعرت بدفء المودّة تسري في كياني كلّه، وانسابت حرارة الحبّ فيما بيننا، وكأننا عشّاق هاموا على وجوههم في الصحراء والتقوا بعد طول غياب! ... تغيّر فينا كلّ شيء إلا قلوبنا، ظلّت على تحدّيها وعلى حبِّها وعلى إيمانها...»

في الرواية الأولى لأيمن، – كما تقول زهراء- ترى المتمرّد والعاشق... المقاوم والشاعر... وفي الرواية استطاع أن يُخبرنا عن نفسه... إنها الحريق... «أحرق كلّ شيء..موروثاتك البالية..وأفكارك الّتي هي أفكار غيرك، وصلتْ إليك باستمراء الوضع القائم..الحريق!! نعم الحريق!!»

«صنعتً حرّيتي التّامّة في أشعاري..هربت إليها..وناجيتها نجوى العاشق.. وفي ظلال كلماتي شعرت بالدّفء، وتحت خيمة عباراتي تدثّرتُ بثوب الجُمل الرّائقة...كان شعري أنا، صورتي في مرآة قلبي، ومن دماء مشاعري انتفضتْ قصائدي عروساً حيّة، وحسناء حَية! (بل هو شاعر فليأتنا بآية)!!»

أنا شاعرٌ غنّى فأشجى، مَنْ رأى شَجَراً يُحاسِب طائراً لأغانِ

مباركة هذه الرواية أخي أيمن، ومبارك هذا الجهد الرائع..


الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :