عمون - د. جورج طريف - اختتم المشاركون في مؤتمر بلاد الشام التاسع اعمال مؤتمرهم الذي حمل عنوان الزراعة في بلاد الشام منذ أواخر العهد البيزنطي حتى نهاية العهد العثماني عام 1920م الذي نظتمه لجنة تاريخ بلاد الشام في الجامعة الأردنية التي يرأسها الاستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت بالتعاون مع جامعة اليرموك وجامعة دمشق بمشاركة عدد كبير من الباحثين والمؤرخين والعلماء والمفكرين من مختلف الدول العربية والاسلامية بالاضافة الى الاردن .

وقد ناقش المشاركون ما يزيد عن تسعين بحثا موزعة على 12 محورا تتناول دراسة تحليلية للمادة المتوفرة في المصادر المطبوعة منها والمخطوطة ، والسجلات والدراسات المعاصرة ومصادر المياه والمحاصيل الشتوية والمحاصيل الصيفية ، ووحدات الكيل والأوزان والمقاييس والأشجار المثمرة والضرائب ونظام الخراج.. وأنواع الأراضي الزراعية في بلاد الشام و الهجرات التي اتجهت الى بلاد الشام من الجزيرة العربية حيث مثلت بلاد الشام مركزا حضاريا قويا, قدم العرب فيه العديد من النظريات والمعلومات التى تدل على أنهم أول من اعتقد أن الزراعة ليست مجرد وضع البذور في الحقل وحصة نباتها, بل تعدوا الأمر الى الانتاج النباتي والحيواني, وعدوا الزراعة عدة علوم وليس علما واحدا ، بالاضافة الى دور أهل الذمة في الزراعة في بلاد الشام وبيان الدور الذي قاموا به في تحسين الزراعة و المحاصيل الزراعية من حبوب وفاكهة وأشجار مثمرة وأماكن زراعتها, وما كان يجنيه الفلاحون منها ودورها في تحقيق رفاهيتهم هذا عدا عن الزهور والورود والرياحين, وصناعة السكر في وادي الأردن وغور الصافي وزراعة القطن والتنجيم والزراعة وبيان أثر الكواكب والنجوم على حياة الناس وبيئتهم والعلاقة بين التنجيم والأحوال الجوية والآفات الزراعية والقحط والغلال والأوبئة والكوارث و التقنيات الزراعية المستخدمة وشراء الأراض واستصلاحها والبساتين واستغلال مياة الأمطار في ري المزروعات, واتساع شبكة الطرق, واختراع ادوات زراعية جديدة و الزراعة والمياة مع التركيز على مصادر المياه وتوزيعها في مناطق بلاد الشام والانهار والاودية والينابيع والبرك والثروة الحيوانية والأوبئة والجوائح والكوارث الطبيعية وتربية الحيوانات ، والتقنيات الزراعية في بلاد الشام وتطورها ، بالإضافة إلى القوى البشرية العاملة في الزراعة.

وقد غطت الدراسات المقدمة للمؤتمر معظم الجوانب الزراعية في بلاد الشام مثلما غطت مختلف مناطقها الجغرافية في سوريا ولبنا ن والاردن وفلسطين بما تحويه من تنوع ف المحاصيل الشتوية والصيفية والاراضي المروية والبعلية وبما تحويه من معاصر وطواحين ومصانع وما يتبع ذلك من معاملات تجارية وصناعية وعادات وتقاليد في مواسم العمل الزراعي على مدار العام وفي مختلف الفصول والا مثال الشعبية والحكايات الشعبية التي رافقت المواسم الزراعية في مناطق بلاد الشام التي مازالت حتى يومنا هذا والمكاييل والاوزان والمقاييس والعلاقة بين الفلاحين والحكام ومالكي الأرض والمستخدمين فيها وانعكاس ذلك على الزراعة.

كما بينت الدراسات التي طرحت في المؤتمر مصادر الدراسات الزراعية في بلاد الشام من دفاتر الطابو او سجلات الاراضي وسجلات المحاكم الشرعية ودفاتر المفصل ودفاتر المجمع والسالنامات والدراسات الاثرية والنقوش وكتب الرحلات وكتب الفلاحة والزراعة والصحف والمجلات والكتب الاخرى المخطوطة واتلمطبوعة والروايات الشفوية وغيرها من المصادر التي اثرت دراسات جلسات المؤتمر بمعلومات جديدة وفريدة وقيمة .
جلسات المؤتمر التي توزعت على خمسة ايام شهدت حوارات ونقاشات لبحوث ودراسات جادة ورصينة وجديدة عرضها المشاركون ولاقت استحسانا من الجميع انعكست نتائجها على التوصيات التي خرج فيها المؤتمر لتغطية الفجوات التي ربما تكون قد حصلت بين الدراسات المطروحة في المؤتمر .

المؤتمر كان فرصة ثمينة للمشاركين من الدول العربية الشقيقة والاجنبية الصديقة لتبادل الاراء بشأن القضايا العلمية المطروحة وقضايا الاوضاع العامة في المنطقة والعالم كما ان تراكم انتاجية المؤتمر الذي يعتبر مدرسة تاريخية في العالم العربي وقدوة لباقي الدول للاستفادة منها نجح في تحقيق أهدافه وغاياته وخصوصا في تناوله القطاع الزراعي كونه مرتبط بالأمن الغذائي والأبرز في تلك المرحلة في ظل غياب شبه تام لقطاعات تنموية أخرى ليس في بلاد الشام وحدها وانما في المنطقة كلها .