قبل أيام تشرفت البادية الشمالية بشمولهابزيارة ملكية مباركةتأتي في سياق التواصل الهاشمي مع الشعب وهذه سنةحميدة تكاد تكون ميزة خيرة لهذه القيادة صاحبة الشرعية التاريخية والدينية.
إلا أن هذه الزيارة كان لهاوقع خاص من خلال الدروس المباشرة وغير المباشرة التي تمخضت عنها:
فالدرس الأول كان من خلال مستوى الطرح السياسي الرائع الذي تناوله أبناء البادية بين يدي جلالة الملك والذي عكس رؤية سياسية واعية عبرت عنها بعض الكلمات ليثبت أبناء البادية أنهم ضمن دائرة الحدث يؤثرون ويتأثرون وليعطوا جواباً واضحاً لكل من حمل الفكر الإصلاحي الليبرالي في الآونة الأخيرة والذي كان قائماً على رفض كل ما هو تقليدي وقديم دون الاعتراف بالمستوى الذي وصل إليه الخطاب السياسي في البادية الأردنية والذي يؤمن بالإصلاح فكراً وبرنامج حياة ولكن دون التخلي عن القيم السامية التي بنيت عليها الدولة الأردنية فالحفاظ على مكنونات القيم والاصالة لا تتعارض اطلاقاً مع الفكر الإصلاحي القائم على التطور الطبيعي للدول والاستجابة للمتغيرات السياسية والاجتماعية وأصبح والحالة هذه امكانية الاعتماد على الكفاءات التي تزخر بها البادية من مثقفين وحملة شهادات عليا ليكونوا جزء من العملية السياسية بالاشتراك مع أقرانهم من أبناء الوطن على اختلاف مساحاته.
أما الدرس الثاني المستفاد من الزيارة فهو الانفتاح الملكي على الشعب وترجمته من خلال العفوية المعروفة من الهاشميين والتي لم تغب عن صاحب الجلالة بصفاته الشخصية ولكنها غُيبت من خلال بعض العاملين في المحيط الملكي والتي طالما نبه لها الكثير من المخلصين والخيرين في هذا الوطن ألا أن فلسفة التغير غير المبرر في طريقة تعامل مؤسسة الحكم مع الشعب بداعي التغير نحو الأفضل أو بداعي الظروف الأمنية خلقت حاجزاً مزعجاً لم يعتد عليه الأردنيين مع قيادتهم التي بادلوها عبر التاريخ حب بحب وثقة بولاء إلا أن الرصيد التراكمي عبر الممالك الهاشمية المتعاقبة حال دون تحول ذلك التغير الملموس إلى أزمة لقناعةالناس بأن ما يحدث هو طارىء سيزول بزوال أصحاب هذا الفكر من البطانة الملكية التي تسللوا لها على حين غفلة من الزمن.
والدرس الثالث المستفاد هو سقوط النظرية الأمنية التي سيطرت على المحيط الخاص بجلالة الملك فنجد أحد أبناء العشائر يستل سيفاً بين يدي جلالة الملك ويشهره ليعاهد جلالته على الولاء دون الترتيب المسبق مع التشريفات أو الحرس الخاص وهذا عكس درجة التفهم الكبيرة لدى العاملين بعدم مزايدتهم على أبناء الشعب في الحفاظ على حياة الملك رغم تفانيهم واخلاصهم خدمة جلالته وحمايته بأعلى درجات اليقظة والانتباه المعهودين بهم.
أما الدرس الرابع فكان الروح الانسانية المتقدة التي تعامل بها صاحب الجلالة مع الحالات التي عرضت عليه عبر محطات الزيارة فكان هناك الكثير من النماذج لأشخاص وقع عليهم ظلم معين فكانت الاستجابة تعكس الروح الانسانية بكل وضوح بل كان أسلوب التعامل بلسم داوا الكثير من الجراح سواء كانت بالتوشيح الملكي السامي بنفس اللحظة أو بالتوجيه للمرافقين بضرورة الاهتمام حتى أن بعض القضايا تم الاتصال مع أصحابها في اليوم الثاني بالرغم من أنه يوم جمعة وعطلة نهاية الأسبوع لاستكمال الأوراق لاتخاذ القرار المناسب حيال تلك القضية.
أم الدرس الخامس فيكمن بالاقتداء بجلالة الملك بأهيمة الاستماع لمطالب الناس بأريحية مطلقة لتؤكد بأن استماع المسؤول لصاحب المشكلة أو المطلب يعتبر جزء رئيسي من الحل ويعزز الثقة بين المواطن والمسؤول كما يسهل مهمة الحكومات باتخاذ القرارات المناسبة حتى وأن كانت غير شعبية لطالما أن قناة التواصل البيني وجدت على أسس وقواعد الانفتاح السليم.
سأكتفي بهذا القدر من ذكر الدروس المستوحاه من الزيارة الملكية بالرغم من وجود دروس أخرى إلا أن ما يجدر الاشارة إليه بأهمية قصوى هو مشاركة ولي العهد حفظه الله في هذه الزيارة تأكيداً على النهج الهاشمي في تواصل القيادة مع الشعب كما هو عهدنا بالهاشميين عبر تاريخ وطننا العزيز.

*عضو مجلس الأعيان
عضو اللجنة التنفيذية لحزب الجبهة الأردنية الموحدة