عمون - كلمة النائب حسن عجاج عبيدات في مداولات الثقة على حكومة عبد الله النسور.
بسم الله الرحمن الرحيم
معالى الرئيس الاخوات والاخوه اعضاء المجلس الكرام
كان العنوان الذى دخل منه الاردن لمرحله جديدة هو اجراء الانتخابات بنجاح ، نتج عنه برلمان جديد وشًكل هذا الانجاز مدخلا حقيقيا لاحداث التحولات الديمقراطيه وفق مبادئ الدستور .
ان التحولات الديمقراطيه التى نطمح لتحقيقها لابد ان تكون لها معايير المجتمع
المتقدم فى الميدان السياسي ، وفي طليعة هذه المعايير وجوب مشاركة الجماهير
الشعبيه في الحكم, واقامة نظام من المؤسسات التي تشجع على ان يُرفع الى مراكز القيادة الافراد الاوفر موهبة ولابد من ترسيخ تقاليد ديموقراطية لا يمكن
للنظام ان يعمل بدونها ، ولابد من توفير الضمانات الحقيقيه والعمليه التي تؤكد
حق الشعب في تصريف شؤونه بنفسه, والعمل على توفير البيئة المناسبة
للتحويل الديمقراطي المنهجي في السياسة والاقتصاد في البلد كما ان
التحولات للديموقراطية يجب ان تتوفر لها وسائل النشر والاعلام الذى يتطلب
مشاركة المواطنين في شؤون الدولة والتاثير فيها ونقدهم للدولة نقدا حرا ، ومن
شروط الديموقراطية ان يعرف الشعب وممثلوه الجوانب السياسية للدولة , وان
يطلعوا على الاتفاقيات والمعاهدات التي تبرمها الدولة مع غيرها من الدول ،
وان من اهم الشروط لانجاح الديمقراطية تدعيم الاحزاب والمنظمات الشعبية
والنقابية ، وفرض القوانين والانظمة التي تعزز مشاركتها في بناء الدولة
المدنية الديمقراطية التعددية القادرة من تعميق التحول الديمقراطي على خلق
ظروف افضل لحل المشكلات القائمة ، ومن شروط التحول الديمقراطي ان تكون
الجماهير قادرة على انتقاء ممثليها ومسؤوليها , وان يكون لها الحق في عزلهم,
وان تراقب عملهم , ويكون لها الحق في تعيين الجديرين في مراكز القيادة ,
وبمقدار ما تتسع الحقوق الديمقراطية للموطنيين, يمتد نضالهم من غير ان
يضعف ابدا, والتحول الديمقراطي لا يمنح من الاعلى بل هو حصيلة لنضال
سياسي عميق يولٍد قوانين موضوعية للتحول الديموقراطي .
ويُفترض في النضال السياسي في اطار النظام الديمقراطي مواجهة حرة بين
الأراء المختلفة , ولا بد ان يكون هذا النضال في صيغ مقبولة لئلا ينتهي الى
ان يدمر الخصوم بعضهم بعضا, وهذ النضال خليق بأن يوفر للشعب تربية
ديمقراطية عقلانية تجعله قابلا الى الاستماع للخصوم , والاهتمام برأيهم ايضا
ولابد للجماهير ان تمارس النضال السياسي , بشرط ان لايخرج عن الاطر
القانونية,وان النضال من اجل الصيغ الديمقراطية سيكون صعبا لان اي حكم
لا يرضى ان يتنازل عن سلطته عن طيب خاطر .
وعلى خط متوازٍ لتطور الحركة الديمقراطية, لابد من الاهتمام بتطور الفكر
السياسي الذي يتفق مع الظروف السياسية والاقتصادية ، وترجع ضرورة التدرج
البطيئ في تنفيذ الاصلاحات الديمقراطية الى وجود البيروقراطية ،
اما طرائق النضال الديمقراطي ووسائله فينبغي ان تظهر بصيغ قانونية دستورية
غير ان هناك بعض الحركات والمنظمات تلجأ الى اساليب غير قانونية, فلا بد
والحال هنا الى عدم التعاون معها لانه سيعمل على اعاقة مسيرة التحول الديمقراطي, ووضع المطالب القانونية المحقة في وضع محرج .
ان الاكتفاء بالاحتجاج دون ان يكون هناك برنامج انتخابي , فإن هذا
يندرج في العمل غير المنهجي وان كان مظهره بناءا ,ومهما يكن امر
المحتجين ,فإنهم كانوا ايضا يقومون بأعمال سياسة بدون وعي ، اما
اذا كانت مرحلة الاحتجاج تسهم في صياغة ارضية سياسية للتغيير ،
فإنها ستكون مرحلة في صياغة برامج وضعتها التيارات السياسية
المختلفة وعلى خط موازٍ لمشكلة التحويل الديمقراطي وطرائقه ،
تطرح مشكلة التنظيم الذى يقود هذا التحول ، فيجب ان يبتعد شكل التنظيم
عن السرية لان الاساليب الفنية البوليسية لاتدع لتنظيم سري الا حظا ضئيلا
من النجاح , وعلى اساليب العمل الديمقراطي ينبغي ان تكون علنية , وان تتجنب
اللجوء الى النضال المنافي للقوانين ودستور الدولة , ولا بد في نهاية العمل الديمقراطي ان نرى بناءا يرتفع عاليا , تتضاعف فيه الادوار, على حين ان
اشياء كثيرة قد هرمت وسقطت بتقادم الزمن .
معالي الرئيس الاخوات والاخوة اعضاء المجلس
اردت في هذه المقدمة عن الحديث عن التحول الديمقراطي ان اشير الى ان
العبور للمستقبل لايمكن الا ان يكون بنضالات عديدة تشمل الجوانب السياسية
والاقتصادية والاجتماعية , وان المطلوب للوصول الى الاصلاح والتغيير يتطلب
تشكيل قيادة تتألف من خيرة الكفاءات المتعددة والبعيدة عن الشبهات , كفاءات
سياسية وقانونية واقتصادية , فهذه المرحلة المفصلية من اهم المراحل التي يمر
بها البلد فهناك ملفات كثيرة موجودة يجب ان تفتح, وان هناك تجاوزات حدثت في
المراحل الماضية يجب التحقيق فيها ،
ان الهاجس العام يجب ان يكون المستقبل وكيف نصنعه, من خلال الحوار الحقيقي
الذى يشترك فيه الجميع, من اجل خلق حياة سياسية قادرة على تحريك كل الاطراف , لخلق قيادات جديدة تقود الدولة بسلطة الشعب المباشرة .
وعند الحديث عن الفساد المالي والاداري ومحاسبة المسؤولين, فان ذلك لا يعني
ان نعطل المستقبل لكي نحاسب على ما جرى سابقا , وعندما نتحدث عن الفساد يجب أن نتحدث عن الخصخصة الخصخصة كملف واحد ،
بالاضافة الى ملف بيع الاراضي الذى حدث فيه ما يشبه النهب,
اما موضوع تغيير الرؤساء والمجيء برؤساء ومسؤولين جدد, فان مقولة اللابديل
غير صحيحة , وان الدولة لاتحتاج الى توريث لان الساحة قد تغيرت , ولم يعد
مجال البحث عن البدائل محصورا , بل اصبح ممكنا ان تجيىء البدائل من داخل
العمل السياسي, المهم ان الباب انفتح على مصراعيه , وسقط الحصار الذي كان
مفروضا على الساحة الساسية .
ان المجلس النيابي السابع عشر تقع عليه مهمات كبيرة , ومسؤوليات مضاعفة
فهو المدخل الحقيقي للتحول الديمقراطي والاصلاح والتغيير, وهو الممثل
الشرعي للشعب, والشريك الاساسي في صناعة القرارات التي يجب ان تنعكس
بشكل ايجابي على مختلف اطياف ومكونات المجتمع في بواديه وقراه ومخيماته و
يتحدث باسمهم ويعبر عن تطلعاتهم وامالهم في الحياة الحرة الكريمة .
والمجلس النيابي السابع عشر هو بوابة العبور, ونقطة التحول التاريخي للوطن
يؤكد على النهج الديمقراطي الذي يحمي المواطن ويعزز حريته وحقه في التعبير
رأيه ومعتقداته, وهو الحاضنة السياسية للحوار الوطني الذي ينبثق عنه المؤتمر
الوطني العام للوصول الى بناء الدولة المدنية الحديثة , دولة المؤسسات ,حيث
لامكان فيها الا للمواطن المنتج المسؤول المنتمي العامل من اجل البناء والتحديث
والتعمير .
معالي الرئيس ، الاخوات والاخوة الكرام
تتباين قرارات دول العالم في تصديها للتحديات التي تواجهها, وفقا لمواردها
الاقتصادية والبشرية , ونجاحها في استثمارها لكل امكاناتها, وتختلف التحديات
التي يواجهها الاردن , وفقا لمواردها الاقتصادية والبشرية, ونجاحها في استثمارها لكل ،
امكاناتها, وتختلف التحديات التي يواجهها الاردن في طبيعتها, فمنها التحديات
الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية, وظل امن الاردن
مرتبطا بامن الاقطار العربية المحيطة به منذ تكوينه السياسي وحتى اليوم ،
والتحدي الاكبر الذى يواجه الاردن هو الخطر الصهيوني الذي لا يزال يطمع
في حل القضية الفلسطينية على حساب الوطن, اما اتفاقية وادي عربة التي عقدت سنة 1994
فلن تكون مانعا دون تحقيق اطماع الحركة الصهيونية التى لاحدود
لها في الاراضي العربية , كما ان, الدول الضعيفة تظل تحت رحمة الدول الكبرى
التي لاتحترم المعاهدات ولا القانون الدولي, وتسخر الامم المتحدة والمنظمات
الدولية لخدمة اهدافها وتعمل على تغيير الانظمة واقامة انظمة حكم تابعة لها و تسلمها موارد بلادها ومقدراتها, ويتعرض الاردن لتحديات سياسية خارجية تتمثل
في الضغوط التي يتعرض لها من الدول الكبرى ، لتنفيذ سياساتها او تسهيلها في المنطقة او عدم وضع العراقيل في طريقها , وعلى الاردن الموازنه بين هذه الضغوط الخارجية التي يتعرض لها , وبين تطلعات الشعب نحو الاستقلال
والتخلص من الهيمنة الخارجية , وان قضية التضامن العربي اصبح شبه مستحيل
في هذه الظروف, يستند الى التكامل الاقتصادي هي احدى السبل التي يمكن ان
تقف في وجه الاطماع الخارجية .
معالي الرئيس
ان الشارع الاردني مقسوم بين الموالاة والمعارضة , وهذا الانقسام لا يصح مع
انتماء الطرفين للوطن , ولكن الحكومة لم تعالج هذا الانقسام الخطأ, برغم قساوة
الأوضاع القائمة التي تستدعي الوحدة والانصهار في بوتقة المواطنة التي تساوي
بين جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية والجغرافية .
ان التحدي الأكبر هو تهديد مستقبل الاردن لما يحاك له من مؤامرات ويحيط
به من عواصف هوجاء حيث يعلن الرئيس في بيانه أن أمن الوطن بات مهددا ،
ولكنه يريد ان يلجأ الى مجلس الأمن والأمم المتحدة حيث الوصاية الامريكية
والغربية الكاملة عليهما, بدل ان يبادر الى دعوة جميع مكونات المجتمع الى
الجلوس الى طاولة الحوار لمواجهة هذا التهديد للامن الوطني الاردني .
ان التحديات التي تواجه الوطن كثيرة وكبيرة ولعل اهمها :
1- يواجه الاردن اليوم أزمة اقتصادية نتجت عن سوء الادارة الاقتصادية والعبث بمقدرات الوطن وثرواته الطبيعية واستشراء الفساد الذى وصل الى قلب الدولة ,مما تسبب في عجزها واعتمادها على المساعدات الخارجية والاقتراض من الصناديق الدولية, كما أدت الخصخصة الى تراجع القطاع العام واضعاف دوره, وادى رفع يد
الدولة عن التدخل في الية ضبط السوق الى فتح الابواب امام السماسرة وكبار التجار وشركائهم من المسؤولين لممارسة غسيل الاموال والمضاربات التي نهبت
مدخرات المواطنين في البورصات واخترعت المشاريع الوهمية لنهب المال العام ،
وأدى رفع الدعم عن المواد الاساسية الى تغول شريحة صغيرة من اصحاب رؤوس
الاموال على الفئات الفقيرة والمتوسطة ومحاربتها في لقمة عيشها .
2- ان الازمة الاقتصادية المتفاقمة لن تستقيم الا بوجود الادارة الحقيقية لاعادة هيكلة الاقتصاد للدولة ، وذلك من خلال فتح تحقيق فى البيوعات التي تمت
بشكل صفقات واسترداد الدولة ومؤسسات القطاع العام التي هي ملك للشعب
الاردني وهي شرط رئيسي لتحقيق التنمية الاقتصادية للبلاد . كما ان تعديل القوانين
الضريبية بحيث تتصاعد بنسبة الضريبة مع تصاعد حجم الدخل , والحد من الاتكال
على الضرائب التي تؤخذ دون أخذ حجم الدخل بعين الاعتبار كضريبة المبيعات
وضرائب المحروقات والمسقفات وغيرها من الضرائب التي تزيد من فقر الفقير وتقضي على الطبقة الوسطى , كل هذا يساهم في تحسين الاداء الاقتصادي للدولة
ويمكنها من تجاوز ما تعانيه في الازمة الاقتصادية الحالية .
ان تحقيق العدالة والمساواة والتنمية الشاملة والتوزيع العادل للثروة من خلال تخصيص الاموال اللازمة لصندوق تنمية المحافظات يخلق فرص عمل جديدة
للمواطنين في المحافظات ويساعد على تقليل البطالة والفقر .
تعتبر أموال الضمان الاجتماعي أموالا للمواطنين , وعلى الدولة الحفاظ عليها
وايجاد السبل الكفيلة التي تضمن بقاءها بعيدة عن تدخل السلطة ومن هنا فإننا نرى
ضرورة فصل مؤسسة الضمان الاجتماعي عن وزارة العمل وضمان استقلاليتها باعتبارها بيت مال الاردنيين الذي يتأتى من جهدهم , مع تعديل الضمان بحيث يصبح للمؤسسة محافظ يتمتع بالاستقلالية والحصانة القانونية .
يعتبر القطاع الزراعي و الحيواني من أهم القطاعات الاقتصادية التي يعتمد عليها المواطن الاردني في الريف والبادية والاغوار, ومن هنا يترتب على الدولة انشاء
التعاونيات ,ووضع خطط تسويق الانتاج , وتفعيل صندوق المخاطر الزراعية ,
واستغلال أراضي الدولة لزراعة الاعلاف, واقامة السدود المائية التي تزيد من
رقعة الاراضي الزراعية , مع إعفاء صغار المزارعين ومربي الثروة الحيوانية
ومشاريع الصناعات الزراعية الصغيرة من الضرائب .
معالي الرئيس الاخوات والاخوة أعضاء المجلس
لقد اعتمد الدستور بمواده المختلفة على مبدأ احداث التوازن بين السلطات الثلاث وأقر بمبدأ الفصل بين هذه السلطات, بهدف الوصول الى قاعدة أن الشعب مصدر
السلطات , الا أن بعض الممارسات التي سادت في السنوات الاخيرة ساهمت في
تعظيم العلاقات الشخصية والشللية والواسطة والمحسوبية وتوريث المناصب وتغيب الكفاءات الوطنية ، ساهمت جميعها في تفكيك اجهزة الدولة ، و غابت هيبتها ، وانعدمت ثقة الشعب بكل أركانها , ان سياسة توريث المناصب واختيار القيادات
العليا للدولة من رؤساء وزارات والوزراء والمؤسسات الرسمية مرفوضة لأن التوريث لايجوز دستوريا الا للملك .
ولإجراء تصحيح جوهري لسياسات الحكومة المختلفة لابد من تقوية ودعم التيارات الوطنية والحزبية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني بدلا من تهميشها واقصائها
واضعافها ..
ولابد من الغاء قانون الصوت الواحد واستبداله بقانون انتخاب جديد بتوافق وطني يعيد التلاحم بين مكونات الشعب الاردني ويضمن اجراءات نزيهة تحول دون سيطرة المال السياسي وتمنع عمليات التزوير , وان نظام الانتخابات المختلط الذي
يعتمد على دوائر المحافظات والقائمة النسبية على مستوى الوطن يثري الحياة السياسية والحزبية ويسمح بولادة نخب جديدة في الحكم والمعارضة تعزز الحياة
الحزبية الناضجة وتقوي قدرة البرلمان على الرقابة والمساءلة ، وان أمور الدولة
لاتستقيم بدون تطبيق القانون على الجميع بواسطة قضاء عادل مستقل مؤهل تأهيلا
عاليا للتعامل مع كافة القضايا المطروحة , واصبح بحكم الضرورة اصدار القوانين
والانظمة والتعليمات التي تمنع توالد وتكاثر واستمرارية كافة أنواع الفساد, وخاصة
قانون الإثراء غير المشروع وتنفيذ التشريعات بدقة وحزم وعدالة وبأثر رجعي ،
ان استعادة ثروات واموال الوطن من الفاسدين وتحويلهم الى القضاء وعزلهم سياسيا بقانون ،
هي الخطوة الاولى في إتجاه الاصلاح, وهي مفتاح الاستقرار السياسي والاقتصادي و الاجتماعي و الامني .
ان التعليم بكافة مراحله هو اساس تطور ونموالدول , لذا يجب ان يكون الطالب والمعلم
محور اهتمام الدولة والحكومة والمجتمع, ولابد من اعادة النظر بكافة مراحل وقطاعات التعليم من حيث الادارة والمناهج الدراسية والهيئات التدريسية والوسائل
التعليمية والتأكد من مخرجات التعليم على انها اصبحت ادوات فعالة للنمو السياسي
والاقتصادي والعلمي, والتأكيد على مجانية التعليم للجميع كما انه لابد من ضرورة التأمين الصحي الشامل لكافة المواطنين .
معالي الرئيس الاخوات والاخوة أعضاء المجلس
ان الصراع في اطاره العالمي ينعكس على الجانب الاقليمي , وما يجري في
هذا الجانب يندرج ضمن الصراع على النفوذ في جانب منه, الا انه يجري على
الادوار الاقليمية بالنسبة للاطراف المنخرطة فيه, وفيما يتعلق بالمنطقة العربية
فان لدى كل من العدو الصهيوني وتركيا أطماعا للحصول على ادوار في
المنطقة العربية .
ان المخطط الصهيوني الذي بدء بتنفيذ الجزء الثاني منه والمتمثل بأنتقال وعد بلفور
من التقسيم الجغرافي للدول العربية الى التقسيم الطائفي , حيث تكاد الازمة السورية ان تستهلك ليس مؤسسات الدولة السورية و الشعب السوري و مقدراته فحسب ، بل هناك خوف من أن ينتقل الحريق الى دول الجوار العربي .
و يسعى العدو الصهيوني من خلال استثماره لقدراته العسكرية ، و المظلة الاستراتيجية الامريكية للدخول الى المنطقة العربية ، عبر فرض مشروعه على الشعبين الفلسطيني و الاردني كمقدمة للنفاذ الى دول الخليج العربية ، و يسعى للحيلولة دون تمكين الشعب الفلسطيني من إنشاء دولته المستقلة ، و استعادة حقوقه الوطنية ، تمهيدا لفرض الحل على حساب الاردن .
إن المشكلة الاعظم لهذا المجال تتعلق بغياب الطرف العربي ، و انشغال كل دولة بمشاكلها الداخلية دون أن يلوح في الافق بروز قوة عربية يمكنها استقطاب الاخرين لصالح خيار استراتيجي يملئ الفراغ الحالي ، و يعبر بصورة حقيقية عن طموحات الشعب العربي و أماله في الوحدة و الحرية و الديمقراطية ، و نهضة سياسية اقتصادية علمية .
إن التحولات الجارية في العديد من الدول المحيطة بالاردن أدت الى سقوط كامل لبعض الانظمة ، و تغيير اساليب الحكم في دول اخرى ، و تنازل الحكام عن السلطة لصالح الشعوب ، إن هذه التحولات تشير الى ان الامة العربية بدأت تعيد صياغة تاريخها ، و نحن مقبلون على تحالفات اقليمية جديدة سوف تتشكل بسبب الضغط الشعبي و الحراك الشبابي .
لقد ادى ارتباط سياسة الاردن الخارجية ببعض المحاور الاقليمية و الخارجية الى افتقاده حرية المناورة و التوازن الاقليمي مع باقي الدول العربية و الاقليمية مما ادى الى تراجع الدور الادني الفاعل في القضايا الاقليمية و الدولية ، و لا بد للسياسة الخارجية الاردنية من توسيع قاعدة المشاركة حيث لا يزال دور الحكومة و مجلس النواب و الاحزاب هامشيا و مغيبا ، مما انتج سياسات خارجية لا تنسجم مع المصالح الوطنية الاستراتيجية ، كما ادت معاهدة وادي عربة الى إضعاف الموقف الاردني العربي ، و لم يستفد الاردن واقعيا من هذه الاتفاقية ، و ظل العدو الصهيوني متمسكا بمواقفه الرافضة لحق العودة ، و تبنيه لمشروع الوطن البديل .
شكل الاردن و فلسطين و سوريا و لبنان منطقة واحده سميت سوريا الطبيعية أو سوريا الكبرى ، و ظلت هذه الاقطار تشكل وحدة حضارية واحدة حتى نهاية الحرب العالمية الاولى و اعلان اتفاقية سايكس بيكو و وعد بلفور عام 1917 .
تمثل العلاقة بين الشعبين الفلسطيني و الاردني مثالا حقيقيا لوحدة و تلاحم الشعب العربي و ظلت كل من الاردن و فلسطين وحدة واحدة الى ان رُسمت الحدود بينهما في عام 1922 ، حيث صادقت عصبة الامم على هذه الحدود عام 1923 ، إن وحدة الشعبين التي تمثلت في وحدة الضفتين بدولة واحدة أكدت على التلاحم القائم بينهما ، و ربطتهما بمصير واحد و إن العدو المشترك هو العدو الصهيوني الذي يستوطن ارض فلسطين ، و ان دعم الشعب الفلسطيني في نضاله من اجل تحرير وطنه و اقامة دولته و عاصمتها القدس واجب على الشعب الاردني و على العرب و على المسلمين ، و ان حق العودة حق مقدس لا يحتمل اي اشتهادات ولا يحق لاحد التنازل عنه مهما كانت الاسباب و المبررات ، و إننا نؤمن ان النضال بمختلف اشكاله حق مشروع للشعب الفلسطيني و ان خيار المقاومة هو الخيار الاول الذي يحقق طموحات الشعب العربي الفلسطيني في الحرية و الاستقلال .
معالي الرئيس ، الاخوات و الاخوة اعضاء المجلس
في ظل الواقع القائم المأزوم عربيا و دوليا ، و في ضوء المستجدات التي نشهدها كل يوم ، فإن الظروف التي تشكلت بها الحكومة ، و الصيغة التي ظهرت بها ، لا تشير الى واقع صحي ، و جاءت مخيبة لامال المواطنين و مجلس النواب ولا تعكس طموحات الشارع الاردني كما انها بحالها القائم لا يمكن ان تنهض بالاعباء و المسؤوليات الملقاة على عاتقها فلا يعقل ان يتحمل وزير مسؤولية وزارات عديدة و يقوم بها خير قيام .
كما ان هذه الحكومة ليست حكومة ثابتة بل تبدو حكومة مؤقتة عابرة و الاردن في هذه الظروف الصعبة ، يحتاج الى حكومة وحدة وطنية تتمثل بها كافة القوى و الاحزاب و المنظمات و الحراك ، لتتمكن من الحفاظ على امن الوطن و استقراره ، و تعزيز الوحدة الوطنية و إرساء الديمقراطية التي هي عنوان التغيير و الاصلاح الحقيقي .
الاخوة الكرام
ان الصراع الدولي الذي يجري على ارض سوريا هو الذي سيحدد المستقبل العربي لأجيال عديدة ، و ان كل ما يتبنى الان مرهون بنتائج هذا الصراع ، لقد نأى الاردن بنفسه عن الاحداث الجارية في سوريا ، و اعلن رسميا انه ضد الحسم العسكري ، و التدخل الاجنبي ، و لكن هل هذا النأي يكفي .؟ و هل يجنًب الاردن تداعيات الازمة السورية ؟ أن العلاقة المميزة التي تربط الشعبين الاردني و السوري تفرض على السلطة التنفيذية التواصل و التشاور مع السلطة السورية لحل المشاكل الناجمة عن الازمة السورية و في طليعتها نزوح الالاف من المواطنين السوريين و تهجيرهم عن قراهم و منازلهم قصرا ، فالامن الاردني مهدد لا يمكن ان ينفصل عن الامن القومي المفقود .
وقف النظام العربي من الاحداث في سوريا موقفا مشبوها في معظمه ، و متأمرا في بعض اركانه حيث يدعم الحرب بين الاطراف المتصارعة ، و يغذي لغة الحقد و الكراهية في اوساط الشعب السوري ، و بهذا الموقف فقد التأثير المباشر ، و أصبح طرفا في الصراع بدلا من ان يكون جزءا من الحل .
إن المشاركة في تدمير الدولة السورية بمؤسساتها الاقتصادية و الاجتماعية بدعم و مشاركة عربية هو عمل أثم و جريمة لا تغتفر ، إن المنظمات الارهابية الوافدة من مختلف دول العالم كجبهة النصرة و القاعدة و غيرهما بدعم و إسناد امريكي غربي تركي عربي ، فإنها بإرهابها ستنقلب عليهم جميعا .
أن السؤال الذي يطرح نفسه على هذه المنظمات الارهابية ، اين هي عملياتكم الجهادية في فلسطين ؟ ، و كم عملية جهادية قمتم بها ضد الاحتلال الصهيوني الغاصب لارض فلسطين ؟
كما أن السؤال يفرض نفسه على الداعمين لهذه المنظمات من العرب ، ما هي الفائدة التي يجنونها من تدمير و تخريب بلد عربي كسوريا ؟ علما بأن هذه يصب في صالح الكيان الصهيوني و المشروع الامريكي و هو البلد العربي الذي لا يزال يرفض و يقاوم المشروع الصهيوني الامريكي في هذه المنطقة ؟
معالي الرئيس ، الاخوات و الاخوة الكرام
إن المأساة التي يعيشها الشعب العربي السوري الشقيق و المتمثلة في تخريب مؤسسات الوطن ، و تشريد و تهجير المواطنين من قراهم و منازلهم تتطلب تضافر جهود المخلصين من مختلف التيارات و المكونات الشعبية و السياسية العربية من اجل طرح مبادرة تقوم على وقف الحرب الدائرة ، و تقريب وجهات نظر المتحاربين ، و التوسط بينهم للجلوس معا على طاولة الحوار و التفاهم على حل يحقق للشعب حريته و للوطن وحدته و سادته ، وصولا الى انتخابات حرة يشارك بها الجميع تحدد معالم مستقبل سوريا على قاعدة بناء الدولة المدنية التعددية الديمقراطية التي تحفظ كرامة كل مواطن و تحقق له تطلعاته في الحرية و العيش الكريم .
معالي الرئيس ،
منذ بداية الحركات الشعبية الاردنية ، و هذه الحركات ترفع شعارات الدعوة للاصلاح و محاربة الفساد و بناء دولة العدل ، و الى جانب هذه الشعارات ، ظلت ترفع شعار المطالبة بإطلاق سراح الناشطين السياسيين و المعتقليين على خلفية سياسية ، و من ابرزهم الجندي المناضل البطل احمد الدقامسة الذي تقدم اكثر من 80 نائبا بطلب الافراج عنه و وقعوا على عريضة بحوزة لجنة الحريات .
لقد ان الاوان ان تتخذ الحكومة قرار الافراج عن هذه المناضل و عودته الى اسرته الكريمة ليعيش حريته في ظل هذا البلد الامن المستقر انشالله .
معالي الرئيس ،،
التزاما بقرار كتلة التجمع الديمقراطي للاصلاح الموحد ، و للقناعات الذاتية و استجابة للقواعد الشعبية فإنني أعلن حجب الثقة عن هذه الحكومة ، شاكرا لمعاليكم و الاخوة حُسن الاستماع و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
النائب : حسن عجاج عبيدات
17\4\2013
المكان : مجلس النواب الاردني – السابع عشر