facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مسيحيون في عين المَلك ..


محمد حسن التل
26-12-2013 02:25 AM

لم يَكن اهتمام الملك عبدالله الثاني بمناسبة عيد ميلاد المسيح جديداً..أوغريبا، فالملك بصفته قائداً عربياً هاشمياً، يُعتبرحارسا على الأديان في المنطقة، امتداداً للعهدة العمرية التي قال عنها الفاروق -رضي الله عنه- إنّها ذمة الله ورسوله والمسلمين من بعده، فما بالك إذا كان هذا المسلم قائداً هاشمياً، فالهاشميون بالذات لمسوا مبكراً، قبل الإسلام وبعده، ودَّ مسيحيي الشّرق لهذه الأمة، حيث ظهر هذا الودُّ من خلال قلق الراهب بحيره في بصرى الشام، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما كان صبياً صغيراً مع عمه أبي طالب، وحذّره من أن يعرفه اليهود فيقتلوه، لأنّ أوصافه كخاتم الأنبياء موجودة في الكتب القديمة.

ثم تَجدد الودُّ بعد الرسالة بقصة الهجرة إلى الحبشة، وهي الهجرة الأولى في الإسلام، حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أصحابه المضطهدين في قريش بالخروج إلى النجاشي «الملك المسيحي»، قائلاً: لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد.. ووصف الحبشة «وهي أرض مسيحية» بأنها أرض صدق، وهي إشارة أخرى لقوة الوشائج بين الطرفين، والاحترام المتبادل بين الديانتين، وكان من أبرز المهاجرين ابن عمه -صلى الله عليه وسلم-الهاشمي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، والإشارات في التاريخ كثيرة تُبيّن قوة العلاقة بين المسلمين والنّصارى، كأصحاب رسالتين سماويتين، وأصحاب مصير مشترك يعيشون على أرض واحدة، ويبنون حضارة واحدة، قال تعالى «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا».

ونحن كمسلمين جُعل إيماننا بالمسيح عليه السلام، جزءاً أساسياً من إيماننا بمحمد عليه الصلاة والسلام، ومن يكفر بعيسى يكفر بمحمد صلاة الله عليهما.

ومن هنا، يُدرك الملك عبد الله الثاني أنّ هذه العلاقات على اختلاف أنواعها، متشابكة إلى حد لا يمكن تفكيكها، أو الولوج إلى أساسها، فهي مبنية على الاقتناع التّام -كما أشرنا- بمفهوم المصير المشترك، والدرب الواحد في هذه المنطقة من العالم، وأنّ المراجعة السّريعة لطلائع بدايات الدعوة الإسلامية، تُشير إلى نماذج راقية من التعاطف والتعاون، والثقة والاحترام، والاعتراف المتبادل بين النّصارى والمسلمين، حيث جاءت كما قلنا في البداية الإشارة الأولى التي يذكرها التاريخ للمهمة العظيمة، التي تنتظر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من ذلك الراهب الناسك في بصرى الشام، حيث أكّدت هذه الواقعة حرص المسيحية واهتمامها ورعايتها لصاحب الدعوة.

وعِبَرُ هذه القصة تفرض على الجميع، مسلمين ونصارى، أنْ يقفوا عندها طويلاً، لأنّ بطلها رجل نصراني، بل راهب انتهت إليه خلاصة النصرانية، وهو في هذا الموقف أرسى الوشيجة الأولى، التي قامت عليها العلاقات الوثيقة، التي تأسست على الحب والتعاون بين المسلمين والنصارى عبر العصور.

والعلاقة بين المسلمين والمسيحيين بالذات على أرض الأردن، تعتبر نموذجاً كبيراً في التآخي والتوحد اجتماعياً، وعلى مستوى المصير، فعلى الصّعيد الاجتماعي، لم يكن لهذه العلاقة بين الطرفين في الأردن مثيل على امتداد العالم الإسلامي، وذلك من خلال التعاون التّام، وحسن الجوار والاحترام المتبادل، والشراكة الفعليّة في البناء الوطني، الذي لا مثيل له في التّماسك والتّلاحم، وكلُّ هذا بفضل تفهم الطرفين لخصوصية كل واحد منهما، وحرص الملك عبدالله الثاني أنْ يكون ملكاً للجميع، وأنْ يكون ميزان المواطنة الكاملة معادلة الحقوق والواجبات، والكل مسلمون ومسيحيون في عين وقلب وفكر الملك.

ولم تشهد هذه العلاقة، بفضل هذه المعادلة التي رعاها الهاشميون إلى أن آلت الراية إلى الملك عبدالله الثاني، إلا كلَّ خير، بعيداً عن تلك النماذج المقيتة التي رأيناها في مختلف بقاع الوطن العربي، والتي فاحت منها رائحة الفتنة الملعونة والدّم الحرام.

إننا في الأردن نستطيع أن نباهي الجميع، بمعادلة العلاقة التاريخية المتميزة بين المسلمين والمسيحيين، حيث الجيرة الطيبة، والعلاقة الحميمة، ولم يقف الأمر عند هذا، بل الدولة نفسها ما فرّقت يوماً بين مسلم ومسيحي، فالكل سواسية أمام الحقوق والواجبات، وهذا ما جعل الأرضيّة مناسبة لأن تكون العلاقة كما هي عليه الآن،حبا ومودةً.

ان تفاعل الملك وولي عهده الأمير الحسين بن عبدالله بالأعياد المسيحية، هو امتداد قوي في العلاقة المشتركة، بين المسلمين والمسيحيين في الأردن، المؤطرة برعاية الدولة، أرض الرسالات والأنبياء، وميدان النموذج الأنصع في التّآخي والتّراحم، مع مكونات المجتمع الأردني، على اختلاف أديانهم وأعراقهم.
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :