بين جبل وجبل وشارع وشارع باتت الإسكانات والشقق هي العلامة الفارقة في تغير ملامح العاصمة عمان !! وبين مؤيد ومعارض للتوسع العمراني الغير مدروس تارةً والغير منظم تارة أخرى والذي فرضته أجندات الأحداث السياسية المتعاقبة على المملكة والتزايد السكاني خلال السنوات العشرين الماضية يرى الكثيرون على أن التوسع العمراني في عمان لم يرافقه أدنى مقومات التخطيط فغدت العاصمة عمان أكثر إزدحاماً وأكثر ضوضائاً واكثر تلوثاً وأكثر جريمةً في مقابل ذلك باتت عمان أقل نظافة وأقل هدوئاً وأقل طبيعةً وأقل تنظيماً !!

بين طموح المستثمرين ومطالب المواطنين ، وبين جودة البناء وتضاعف الأسعار ضاعت حقيقة ملف الإسكان فتناثرت الشقق السكنية الصغير منها والكبير ، القانوني منها وغير القانوني وبات المشهد في كثير من الحالات أنموذجاً في الفوضى وإنعدام التنظيم وإنتشار الفساد !!

لقد حقق قطاع الإسكان خلال السنوات العشرين الماضية أرباحاً تجاوزت مئات الملايين كان حصة ضريبة الدخل منها عشرات الآلاف ساهم في ذلك النفوذ القوي لبعض أصحاب شركات الإسكانات والمقاولات وقانون ضريبي ضعيف كان ولا زال ينظر إلى ضريبة الدخل بمنظور تقليدي ضيق منذ عشرات السنين عززه تطبيق الضريبة المقطوعة على هذا القطاع الحيوي !!
إن من غير المنصف لسكان عمان أن ترتفع الأسعار وتنخفض الجودة ! كما أنه من غير المنصف لمدينة عمان أن يغيب التنظيم ويظهر التعتيم فبعض شقق عمان لم تعرف نوافذها الشمس فالمتطلبات القانونية بضرورة بضرورة التهوية ومسافات الإرتداد والكراجات والأرصفة تتهاوى في ظل ضعف الجهاز الرقابي لأمانة عمان من ناحية وإستبدال المخالفة بغرامة من ناحية أخرى !!

إن ضعف التخطيط والتنظيم والمتابعة في بعض مناطق عمان جعل من بعض أحيائها مكاره صحية ومناطق مكتظة بالسكان تفتقر إلى أدنى مقومات النظافة والصحة والترتيب فعماراتها ملتصقة في بعضها البعض لا بل أن بعض عمارات عمان يقطنها ما لا يقل عن 500 شخص وبعضها الآخر تضم في جعبتها 100 شقة سكنية في محيط لا يتجاوز مساحته الإثنين من الدونمات !

إن من غير المقبول أن يصبح إذن الأشغال أو الترخيص مستنداً فارغاً فالأموال التي تدفع من قبل بعض المستثمرين بطرق شرعية وغير شرعية يرافق كل ذلك عشرات الولائم هنا وهناك من أجل تمرير قرارات جائرة ، وضعف المتابعة وإنعدام المتابعة جعلت من إجراءات بعض أجهزة الدولة أنموذجاً للضعف الحكومي فإنخفض منسوب الهيبة مع إرتفاع منسوب التقصير أو الرشوة لدى البعض !!

لقد استطاع البعض وبدونم واحد من الأرض أو أقل من بناء 30 شقة سكنية ! وبمساحات 40 متر لبعضها وتحت مسمى الشقق الصغيرة !! وصولاً إلى الشقق الطابقية وبإستثمار تجاوز المليون دينار للعمارة الواحدة وبين ما هو قانوني وغير قانوني كان المواطن الأردني هو الخاسر الأكبر سواء أكان مشترياً لشقق تجاوزت أسعارها شقق نيويورك وباريس أو مستأجراً تعدى الإسكان الجديد كل خصوصية ممكنة لشقته القديمة.

إن الاصلاح الذي أرهق آذان المواطن صبيحة ومساء كل يوم ينطلق من جذور ثابته قوامها التخطيط الأمثل لحياة أفضل من خلال جملة من الإصلاحات التي تنعكس على مستوى رفاهية المواطن ومن أبجديات تلك الحياة الأفضل وجود سكن عصري حضاري مبني على جودة عالية ومواصفات تراعي وجود الكراجات والأرصفة والتهوية والمسافات الكافية يرافق كل ذلك مدارس مجهزة ومراكز صحية مؤهلة ومساجد واسعة لينعم المواطن بحياة كريمة.