facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تكملة بحث صلاحيات البرلمان في تعديل مشروعات القوانين


د.عادل الحياري
06-05-2014 02:59 AM

في المقالة السابقة كنّا قد تعرّضنا الى قرار المجلس العالي رقم (1) لسنة 1954 الذي طرق المسألة لأول مرة. وقد كان الموضوع يتعلق بتفسير المادة 25 من الدستور الباحثة في ركني السلطة التشريعية (البرلمان والملك). وقد كان السؤال يدور حول « هل يجوز لأي عضو في البرلمان ان يكون عضوا في هيئة النيابة على العرش؟ واذا جاز له ذلك, هل يحق له ممارسة صلاحياته كعضو في البرلمان؟ وقد جاء تفسير المجلس, انه لا يجوز لأي عضو في البرلمان ان يمارس صلاحياته وصلاحيات الركن الاخر في اّن واحد. اذ بذلك تفوت فرصة المراجعة.

غير ان المجلس العالي أضاف تفسيرا لا يتعلق بموضوع التفسير الرئيس, حيث تعرّض الى عملية التشريع برمّتها, وحدّد الجهات التي تشارك فيها, وقال ان « واضع الدستور, جعل التشريع في هذه السلطة ثمرة ثلاث عمليات هي: (1) عرض مشروع القانون على مجلس الأمة من السلطة التنفيذية. (2) موافقة مجلس الأمة على هذا المشروع. (3) تصديق الملك. ومع ان هذه الاضافة في التفسير , كانت خارجة عن سياق التفسير المطلوب, الا ان المجلس قد أفلح بعدم التعرّض الى شرح طبيعة كل عملية من العمليات الثلاث التي ذكرها.
ولم يبق الحال على ما هو عليه كما سبق من كلام,اذ اصدر المجلس العالي القرار رقم (1) لسنة 1955, الذي تعلّق بتفسير المادة 91 من الدستور, وهي الباحثة في مسيرة عملية التشريع العادي, من البداية حتى النهاية, والذي تمّ بموجبه مصادرة جلّ صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين العادية التي يعرضها عليه رئيس الوزراء.

لقد ناقش هذا القرار طبيعة عمل كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية فيما يتعلق بالعملية التشريعية. وبعد ان كرّر المجلس معادلة–ان المشرّع قد جعل التشريع ثمرة ثلاث عمليات..الخ–جاء بتخريج جديد يحدد طبيعة مسألتين في غاية الأهمية. المسألة الأولى, انه اعتبر ان الحكومة من خلال اقتراح وصياغة مشروعات القوانين, انها شريكا اصيلا في العملية التشريعية. وقد اعطاها ارادة ملزمة كما هو شأن ارادة البرلمان وارادة الملك, وهما ركنا السلطة التشريعية. وقد اورد المجلس في تبريره لمساواة عمل الحكومة في الاقتراح والصياغة, بموافقة البرلمان وتصديق الملك, أورد ما يأتي: ( لا يمكن ان يعتبر اي عمل من الاعمال الثلاثة بمفرده هو التشريع, وانما التشريع ثلاثتها معا ومجتمعة, اذ ان المادة 91 المذكورة جعلت مشروع الحكومة خاضعا لموافقة السلطة التشريعية. والمادة 95 جعلت الاقتراح الصادر عن هذه السلطة مفتقرا لوضعه في صيغة مشروع من الحكومة. وقد هدف واضع الدستور من تقرير هذا المبدأ المختلط تأمين الناحية التشريعية الفنّية من جهة, وايجاد التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من جهة اخرى. اذ انه باناطة حق وضع مشروع كل قانون بالحكومة, يكون قد ضمن حسن اداء هذه الوظيفة بالنظر لما لدى الحكومة من موظفين فنّيين قادرين على صياغة القوانين صياغة متقنة وفق ما يتطلبه الصالح العام...الخ).

وتعليقا على هذه الحيثيّات التي جاء بها المجلس, نقول انها لا ترتقي الى الحد الذي يجعل من الحكومة ركنا مساويا لركني السلطة التشريعية. وبالعكس فان بعض التبريرات التي ساقها المجلس العالي, تصلح لكي تضع عملية اقتراح وصياغة مشروعات القوانين في سياق العمل الاداري. كقوله ( لما لدى الحكومة من موظفين فنّيين قادرين على صياغة القوانين صياغة متقنة).

لقد سبق ان ناقشنا في مقالة سابقة, مسألة ان الحكومة لا تعتبر جزءا من السلطة التشريعية( منشورة بجريدة الرأي بتاريخ 20-4-2014). ونضيف في هذا المقام, ان المفسّر عليه ان يعود الى القواعد التي تساعده على التفسير, ومن هذه القواعد, العودة الى المصدر التاريخي للنص المراد تفسيره, ويتمثّل في الدستور الذي استقي منه النص, فذلك يسهم ويساعد في استخلاص المعنى الذي قصده مشرعو وثيقة المصدر.
وفي هذا الصدد نذكّر ان الدستور الاردني لسنة 1952 استلهم احكامه من الدستور الفرنسي لسنة 1830, وذلك من خلال الدستور المصري لسنة 1923. وفي فرنسا لا تعتبر الحكومة عضوا تشريعيا, على الرغم من ان الدستور قد منحها حق الاقتراح التشريعي, وهذا هو المعمول به في النظم النيابية التي منحت الحكومة حق اقتراح القوانين, حيث اعتبرت ان الحكومة عندما تقترح فهي لا تشترك في الامر الذي يخلق القانون, وانما تمارس النشاط الاداري الذي يحرك الاجراء التشريعي. وهو الامر الذي لا يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات, ما دام بقي البرلمان محتفظا بحق التقرير التشريعي.

ومهما يكن من امر الاختلاف حول تكييف طبيعة حق اقتراح القوانين الممنوح للحكومة, فان هذا الحق تمارسه الحكومة بصورة أشبه ما تكون بالصلاحية المطلقة. صحيح ان العملية التشريعية بمجملها, بما فيها اقتراح مشروعات القوانين, هي في الاصل من اختصاص البرلمان. لكن الملاحظ في التطبيق العملي, ان البرلمان لا يبادر باستعمال حق اقتراح القوانين–لاسباب يجب ان نستوضحها من أعضاء البرلمان انفسهم -وذلك تطبيقا لنص المادة 95 من الدستور, التي تنص على انه ( يجوز لعشرة أو اكثر من أعضاء أي من مجلسي الاعيان والنواب, ان يقترحوا القوانين..الخ). وهو الامر الذي زاد من استحواذ الحكومة على صلاحية اقتراح مشروعات القوانين, بحيث اصبحت هذه الصلاحية محجوزة بصورة مطلقة للحكومة, فهي تمارس تلك الصلاحية بالأصالة عن نفسها, وبالنيابة عن البرلمان.

وبصرف النظر عن طبيعة مشاركة الحكومة في عملية سنّ التشريع العادي, نقول ان السلطة التنفيذية تتمتع -بالاضافة الى الشراكة في تكوين التشريع العادي–بصلاحيات سنّ التشريع الفرعي, المتمثلة بالانظمة التنظيمية وكذلك المستقلة وأنظمة الضبط الاداري, وأنظمة الضرورة التي اطلق عليها المشرع الدستوري « القوانين المؤقتة». ومما تجدر الاشارة اليه, ان التشريعات الفرعية هذه, تتضمن قواعد قانونية بالمعنى الاصطلاحي من جهة, ولا يجوز للمشرع العادي ان يمارس تقريرها لانها محجوزة للسلطة التنفيذية دون غيرها من جهة اخرى.
ولو وضعنا مجموع القواعد القانونية التي اصدرتها السلطة التنفيذية, باعتبارها صاحبة الاختصاص الاصيل في اصدار التشريعات الفرعية–بما في ذلك القوانين المؤقتة–لو وضعناها في كفة ميزان, ووضعنا في الكفة الاخرى مجموع ما أصدره البرلمان من قواعد قانونية عادية, لمال الميزان بشكل مجحف لصالح السلطة التنفيذية. هذا الوضع يجري في دولة فيها مجلس النواب المنتخب وفيها الحكومة المعيّنة.

بقي ان نناقش المسألة الثانية–وهي الاهم–التي تعرّض لها المجلس العالي في القرار المشار اليه, وهي مفهوم التعديل ونطاقه. ذلك ما سيأتي ذكره في الحلقة القادمة.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :