facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حتى لا تُفسِد السّياسةُ التربيةَ!!


محمد حسن التل
27-08-2014 03:50 AM

مِن الطبيعي جداً أن يقف المجتمع الأردني بكامله هذه الأيام، خصمًا لنقابة المعلمين، بما يخص الإضراب، الذي أربك العملية التربوية والمجتمع الأردني بكامله، في وقت نحن بأمسّ الحاجة لكل ساعة، بل لكل دقيقة لإعادة الفاعلية لمسيرتنا التربوية، التي نالها ما نالها من تراجع وتهشيم لصورتها خلال السنوات الماضية، خصوصاً بعدما كشفت عنه نتائج الثانوية العامة لهذا العام، وما أصبحنا جميعاً نعلمه من أن الأميّة تضرب بظلالها السوداء، جموعاً كبيرة من طلابنا على مستوى البلاد.

بالمُطلق، ثقافة الإضراب مرفوضة، لأنها تُعبّر دائماً عن انسداد أفق في التعامل والحوار بين الأطراف المعنية، خصوصاً بقطاعين أساسيين يمسان عَصَب الوطن بكامله، وهما الصحة والتربية، لأنهما يتعاملان مع حياة ومستقبل الإنسان الأردني مباشرة.

المعلمون كانوا قد فازوا بتعاطف الجميع، أثناء مطالبتهم بنقابة تُنظّم مهنتهم وتحمي حقوقهم، واستطاعوا أن ينجحوا بمطلبهم من خلال تعاطف الناس معهم، ولكنّ النقابة اليوم تقف للأسف ضدّ مصلحة الناس، عندما يَستعْدون بموقفهم هذا أولياء أمور مئات الألوف من الطلبة، وهم يرون أبناءهم والمجهول يَتهدد مستقبلهم، نتيجة التعنّت من قبل نقابة المعلمين في مطالبتها بحقوق اعترفت الحكومة بها، وأقرّت معظمها، وطلبت أن تصبر النقابة على القليل مما تبقى حتى تنفرج كربة الوطن الاقتصادية، ونحن نعلم طبيعة هذه الكربة التي تلقي بظلالها على كل مرفقات البلاد، الأمر الذي يتطلّب منا جميعاً أن نتحمل بعضنا، حتى نخرج من هذا النفق الاقتصادي العسير، ومن ثم يأخذ كل ذي حق حقه.

إننا نخشى أنّ هذا التعنّت يأتي نتيجة حسابات انتخابية، وسياسية، الأمر الذي حذّر الجميع منه أن يُدخل قطاع التعليم بدهاليز السياسة، والحسابات الحزبية والانتخابية، فالمعلمون جيش له قدسيته، كما للجيش المسلّح، فكما حمى الأردنُّ عبر العقود الطويلة جيشَه من الدخول في أتون السياسة ودهاليزها، علينا أيضاً أن نحمي جيشنا الثاني -المعلمون- الذي لا تقل مهمته خطورة وقدسية عن مهمة الجيش الأول -القوات المسلحة-.

نقول: إذا كانت الموافقة الحكومية قد حصلت على خمسة مطالب من ستة تقدّمت بها النقابة، وتمّ الاعتراف بهذا البند أيضاً، ولكن الموضوع في التوقيت، لماذا هذا الإصرار الذي لا نُريد أن نصفه بالمريب على التصعيد، ورفض كل المبادرات، وعلى رأسها مبادرات نواب الأمّة؟! ولماذا ترفض النقابة ربط الحوافز بالأداء؟! ولماذا تريد إعطاء ما يُسمى علاوة الطبشورة لجميع منتسبيها دون تفريق بين المعلم والإداري؟! وهنا أصبح لزاماً على الجهات التشريعية أن تبادر فوراً في تعريف من هو المعلم.

إذا كانت النقابة قد رفضت المشاركة في جميع دعوات وزارة التربية، في اجتماعات تقييم المناهج ونتائج الثانوية العامة، فهنا نستطيع القول أنّ هذه النقابة قد تخلّت عن دورها الأساسي، في المشاركة الفاعلة في حماية المسار التربوي الوطني، الذي كما أشرنا مسّه ما مسّه من سلبيات كثيرة وتراجع كبير.

سياسة الحوار من الشارع مرفوضة، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بأبنائنا ومستقبلهم، والمجتمع الأردني يرفض رفضًا تامًا وقاطعًا، خلط السياسي بالتربوي، لأنّ الأول سيفسُد الثاني بدون أدنى شك؛ فالسياسة في كثير من الأحيان لا ضمير لها، أما التربية فهي قائمة على الضمير والخلق؛ فالسياسي في كثير من الأحيان يعمل على أنْ يأخذ ولا يُعطي، أما التربوي فكل حياته عطاء، والمجتمع الذي يعمل به هو الذي يجب أنْ يُقدّره، ويعطيه من رأس البيدر، لكن إذا توفّرت الظروف الملائمة والتوقيت المناسب.

لا أفهم كيف تُطالب نقابة المعلمين المجتمع بكافة أطيافه وطبقاته، باحترام المعلم وتقديس مهمته، في الوقت الذي تَحشر هذا المجتمع في الزاوية الحرجة، مقابل أمر مادي لا أكثر ولا أقل، وتضغط عليه بمستقبل أبنائه حتى لا نقول تبتزّه؟!!

إننا جميعاً مع احترام المعلم وحمايته، وتحقيق العيش الكريم له، لأنه قائد مجتمعي يَقف في الصفوف الأولى في معركة بناء المجتمع وحمايته، من خلال بناء الأجيال المسلّحة بالعلم والمعرفة، وحب الوطن والانتماء الحقيقي له.

نؤكّد.. بأننا نُؤمن أنّ المعلم كاد أن يكون رسولا، ونؤمن أيضاً أنه لبنة أساسية، في بناء المجتمع الخالي من الأمراض والآفات، ونقدّر عالياً أنه يقضي ثلثي عمره في خدمة الأجيال تفانيًا وعطاءً، ومن حقه أن تكون حياته كريمة مُصانة، ولكننا في المقابل نُؤمن أنّ مصلحة الوطن أغلى من كل شيء، ومصلحة الطلاب أيضاً أغلى، فلا يجوز تحت أي منطق أو مبرر، أن يُترك الطلاب والأسبوع الأول من الفصل الدراسي يكاد ينتهي، وهم في مهبّ الريح بلا دراسة أو تدريس، من أجل خلاف في وجهات النظر، حول توقيت تنفيذ مطلب تم الاعتراف به كما أشرنا في البداية.

إنّ الذي يَجول على المدارس في الصباح، ويرى الطلاب وهم يفترشون الأرصفة في الطرقات نتيجة الإضراب، في الوقت الذي يجب أن يكونوا فيه على مقاعد الدراسة، يشعر بالغضب والحزن على ما آلت إليه الأمور، من إصرار على الحوار من الشارع، بدلاً من الحفاظ على روح الحوار، الذي يؤدي في النهاية حتماً إلى الخروج بنتائج تخدم المصالح الوطنية العُليا، والتعليم جزء لا يتجزأ من هذه المصالح، بل هو الأساس.

وحتى لا تُفسد السياسةُ التربيةَ... نتمنى، بل ونُطالب، معلمينا الشّرفاء، وكلُّ المعلمين شرفاء، أنْ يصغوا إلى صوت العقل والضمير، وأنْ ينزلوا على كلمة سواء، حفاظاً على كل ما ذكرنا، في الوقت الذي تمرّ به بلادنا بظروف اقتصادية دقيقة وصعبة، وأن يُثبتوا أنهم له وليسوا عليه، وسنظلّ نقف، مهما حدث، للمعلم تبجيلاً ونُردّد: كادَ المعلمُ أنْ يكونَ رَسُولا...
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :