يا ذيب يلي تالي الليل عويت ..
03-12-2014 11:40 AM
عمون - محمد الخوالدة - في الشعر النبطي ثمة مساجلة شعرية جرت في سالف العهد والاوان بين شخصين، ورغم الزمن الشاسع الذي يفصلنا عن ذلك العهد فلا زالت تلك المساجلة التي تكشف تفاصيل قصة عشق ووفاء عظيمه حاضرة في اذهان محبي الشعر النبطي في اريافنا وبوادينا..
القصة التي كشفت تفاصيلها الابيات الشعرية التي قيلت في المساجلة اياها يروي تفاصيلها الشيخ نائل المجالي فيقول: "هذه الحكاية مجهولة الأبطال نظراً لمضي وقت طويل عليها، أو لأن أبطالها ليسوا من المشهورين كالأمراء والفرسان والذين يحرص الناس على أسمائهم قبل حكاياتهم.
يضيف الرواي المجالي: كان هناك رجل بالبادية متزوج من امرأة ليست من قبيلته، بل كان من قبيلة أخرى مجاورة لقبيلته... ومرت عليه فترة سنة هو وزوجته يعيشان بأحسن حال... وقد اختلفت القبيلتان وحصل بينهما نزاع وكان زوجها طرفاً فيه... وكان اخوتها من الجهة المقابلة أطرافاً بهذا النزاع واشتدت الأزمة بين طرفيالنزاع مما حدا بإخوان الزوجة أن يأخذوها ليلاً من بيت زوجها نكالاً له... وهي لم تكن راضية بفراقها لزوجها وكذلك زوجها الذي كان يحبها حباً كبيراً أيضاً... ومرت فترة طويلة بعض الشيء على فراق الزوجين وكل منهما كان يريد الآخر ولكن النزاع الحاصل حال بينهما.
ضاقت الأرض بالزوج، فهو يريد زوجته ولا سبيل لوصوله إليها، ففكر بطريقة... أن أرسل إليها إحدى عجائز القبيلة تبلغها برغبته بلقائها... ورسم لها خطة للقاء... وبالفعل ذهبت العجوز للزوجة وأبلغتها بذلك فرحبت الزوجة بالفكرة، ولما كانت الليلة الموعودة حيث كان الوعد بينهما بعد غياب القمر جاء الزوج للمكان المتفق عليه وكمن بحيث لا يراه أحد... ثم أخذ بالعواء كعواء الذيب ثلاث مرات متتابعة... عرفته الزوجة حيث كانت تعلم بالخطة سلفاً وذهبت إليه وجلسا بعد طول الفراق يشكو كل منها حاله للآخر بعد الفراق حتى إذا ما جاء الفجر افترقا وعاد كل منهما لقبيلته..
مضى على هذا اللقاء فترة أشهر... ويقسم الله سبحانه أن تحمل المرأة من زوجها كنتيجة لذلك اللقاء... ويكبر بطنها فيراه أخوها ويهددها بالقتل فمن أين لها بهذا الحمل وقد فارقت زوجها منذ فترة طويلة ولم تكن حاملاً؟
فأعلمت شقيقها بحقيقة ما حصل بينهما وبين زوجها ووصفت له المكان وأعلمته بكل ما جرى... فقال الأخ سأذهب أنا لزوجك وأتأكد من حقيقة ما حصل فإن لم يكن صحيحاً فليس لك عندي غير السيف، ولما بين القبيلتين من خلاف كبير فقد كان من الصعب على الشقيق ان يذهب الى حيث يريد الى ان اهتدى الى طريقة... فلما جن الليل تنكر وذهب إلى قبيلة زوج أخته ودخل مجلسه وجلس ولم يعرفه أحد... وعندما سكت المجلس تناول الربابة وأخذ يغني عليها:
يا ذيـب يللـي تالـي الليـل عويـت
ثلاث عوياتـن على سـاق وصـلاب
سايلـك بالله عقبـها ويـش سويـت
يوم الثـريا راوسـت القمـر غـاب
غنى الشقيق هذه الأبيات على الربابة ثم توقف ووضع الربابة جانبا وعاد إلى مكانه... فعرف الزوج أن هذا أخو زوجته وفهم أن زوجته حامل كعادة البدوي سرعة اللمح وشدة الذكاء... فتقدم وتناول الربابة وأجاب:
أنا أشهـد إني عقـب جوعي تعشيـت
وأخـذت شاة الذيب من بين الاطنـاب
على النقـا وإلا الـردى ما تهقويـت
وادو حلالـي يـا عريبيـن الأنسـاب
فلما فرغ الزوج من أبياته فهم الأخ أن رواية أخته كانت صحيحة انسحب بدون كلام... وفي الصباح أعادوا زوجته الى زوجها.