د. نبيل الشريف
ثمة حاجة لامراء فيها لمواجهة حملات التشويه التي يتعرض لها الإسلام ويدفع ثمنها المسلمون في كل أرجاء العالم.
ولكننا اعتدنا دائما ، وفي ردود أفعالنا المختلفة ، على البحث عن متآمرين من الخارج يضمرون لنا الشرور إنسجاما مع ماتسمى بنظرية المؤامرة ، فنحن لايأتينا الباطل من بين أيدينا ولامن خلفنا ، والأمر كله من صنع الأعداء المتأمرين !
ولكننا لانستطيع أن نقنع أحدا هذه المرة أن الأعداء الخارجيون هم فقط الذين يتأمرون على صورة الإسلام العظيم ، فهناك من يقدمون لهم العون ويسهلون مهمتهم من المحسوبين على الإسلام ومن المنضوين - ولو في الظاهر- تحت رايته السمحة.
ولايحتاج أي محلل إلى بذل الكثير من الجهد لرصد بعض الظواهر التي تسيئ إلى الإسلام من الداخل ، فيكفي أن نشير إلى أعمال القتل وجز الرقاب على الهواء مباشرة التي تقترف بإسم الإسلام وهو منها براء ، ولايحتاج المراقب إلى جهد خارق ليسجل إصرار البعض على ربط الإسلام بالماضي ( مع أنه صالح لكل زمان ومكان ) وعلى إحاطته بالخزعبلات مع أنه دين العلم والنور الذي أضاء على البشرية كلها علما وحضارة وخلقا رفيعا قرونا طويلة.
وحسبنا أن نشير أيضا إلى تكفير الآخرين وإخراجهم من الملة لمجرد أنهم أصحاب رأي مختلف حتى لانتحدث عن الموبقات الأخرى التي يرتكبها البعض بإسم الإسلام أيضا ضد بعض الشركاء في أوطاننا من أصحاب الملل الأخرى ، وبيع السبايا والقتل على الهوية.
إن أصعب الحروب واشدها خطرا هي حروب الداخل لأن الأعداء فيها هم جزء من الواقع المالوف ، كما أنهم لايعلنون عداءهم جهارا نهارا بل هم يندسون في الفضاء الداخلي بإعتبارهم جزءا منه ، ويتخفون على شاكلة المنتمين إلى الأمة والمدافعين عن حقوقها وهم أبعد مايكونون عن ذلك. أما الأعداء الخارجيون فعداؤهم واضح ومعلن على رؤوس الأشهاد ولايحتاج المرء إلى أدنى جهد للتعرف إليهم وكشف أهدافهم.
إنني لست ممن يطلقون على هذه الحرب داخل ديار الإسلام حربا بين معسكر الإعتدال ومعسكر التطرف ، إذ هي حرب بين الإسلام وبين من يشوهونه لصالح أعداء الأمة.
والمشكلة هي أن المنتمين للفئة الضالة التي إحترفت تشويه الإسلام هم من أصحاب الصوت العالي الذين يخطفون الأضواء بأفعالهم المستنكرة وضجيجهم الذي يصم الآذان مما يؤدي إلى إختلاط الأمور لدى البعض فيعتقدون أن الإسلام هو ماتفعله هذه الفئة من المحسوبين عليه زورا وبهتانا.
وما يزيد الأمر تعقيدا هو أن صوت من يمثلون قيم الإسلام الحقيقية خفيض لايكاد يسمع وهم لايبذلون جهدا كافيا لتبيان حقيقة هذا الدين العظيم وشرح رسالته السمحة للعالم ، تاركين بذلك الساحة خالية يملؤها المضللون بأفعالهم المستنكرة البغيضة التي لاتمت للإسلام بصلة.
لقد طالت إستكانة أهل الإسلام واصبح الفضاء كله ملكا لمن يقومون بتشويه هذا الدين العظيم من المحسوبين عليه . وقد أن الآوان لكي نواجه حقيقة هذه الحرب التي يجب أن تخاض داخل معسكر الإسلام بين المدافعين عن هذا الدين الحنيف وبين فئة إختطفته عقودا طوال وإحتكرت الحديث بإسمه وسعت في كل أفعالها إلى تشويه صورته وإخراجه عن سياقه وإلباسه لبوسا من العنف والجهل والدموية ليس له.
إن صمت أهل الإسلام هو السلاح الأمضى في أيدي الفئة الضالة التي تشوه الإسلام بأفعالها المستنكرة وضجيجها العالي.وقد آن الأوان لكسر هذا الصمت وإعادة الإسلام إلى أهله الذين يعرفون حقيقته الناصعة بإعتباره دين نور وعلم وحضارة وسماحة وتعايش.
ولايمكن أن يحدث ذلك الابإعتماد منهاج متكامل يشمل المناهج المدرسية والجامعية والمواعظ الدينية ووسائل الإعلام تعمل جميعها بشكل متناغم وضمن خطة مدروسة لإعادة الإسلام إلى أهله بعد رحلة إغترابه وإختطافه على أيدي فئة ضالة قدمته للعالم على غير حقيقته الناصعة. ومن حق أهل الإسلام الذين يحرصون عليه كما يحرصون على أنفسهم أن يباهوا به الدنيا ، فهو دين عظيم أسهم إسهاما كبيرا في تقدم البشرية وأضاء بنوره العظيم مسالكها ودروبها ولايمت بصلة للصورة المشوهة التي قدمها عنه المضللون المرجفون طوال السنوات الماضية .