facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




توازنات الاخوان .. هل تبعد الجماعة عن مسار تصادمي مع السلطة?


رنا الصباغ
03-05-2008 03:00 AM

فجّرت جماعة الاخوان المسلمين في الاردن قنبلة سياسية بانتخاب د. همام سعيد, ابرز قيادات جناح الصقور المتشدد المقرّب من حركة حماس الفلسطينية, مراقبا عاما لاربع سنوات مقبلة. هذا الاقتراع يعزّز مخاوف من تصاعد التأزم المتنامي مع الحكومة بعد عامين من بدء انفراط تحالف تاريخي مع النظام كان تعزّز على مدى ستة عقود على قاعدة تبادلية المصالح.

اختيار الشيخ الحائز على دكتوراه في الشريعة الاسلامية, يعكس تنامي نفوذ الصقور عبر قواعد "الاخوان" في مواجهة استراتيجية رسمية لتحجيم نفوذ التيار الاسلامي منذ ان رصدت الدولة محاولات استقواء عليها بعد ان وصلت حماس لمقاعد الحكومة عقب اكتساحها الانتخابات التشريعية عام .2005

اختير د. سعيد بسبب ما يمثله من تشدد. لكن انتخابه يحمل دلالات رمزية اخرى لعل اهمها يكمن في انها المرة الاولى في تاريخ الجماعة التي يفوز فيها اردني من اصول فلسطينية بهذا المنصب الرفيع منذ انبثاقها عن الحركة الام في مصر عام .1946 (حماس انطلقت الى العلن عام 1987 من رحم اخوان الاردن).

يتربع الشيخ سعيد اليوم على سدة اهم تجمع سياسي عابر لضفتي النهر بعد فوزه بفارق صوت على منافسه سالم الفلاحات, المراقب السابق والمحسوب على ما يعرف بجناحي "الحمائم والوسط" في اقتراع سري لمجلس الشورى اجري ليل الاربعاء-الخميس.

الانتخابات الاخيرة توّجت خمسة شهور من المناورات السياسية الداخلية اعقبت اقدام مجلس الشورى السابق على حل نفسه ضمن عملية محاسبة داخلية عقب فشل غالبية مرشحي جبهة العمل الاسلامي, الذراع السياسية للاخوان, في الانتخابات التشريعية الاردنية خريف العام الماضي.

لم يتفاجا ساسة ونشطاء حزبيون باجواء ومفاعيل الانقلاب الاخواني الاخير.

ففوز الشيخ سعيد يعكس تنامي نفوذ الصقور على مستوى القواعد التي حمّلت قيادة تيار الاعتدال مسؤولية تراجع نفوذ الحركة بسبب عجزها عن الوقوف في وجه الاستراتيجية الرسمية (2006-2010) لقصقصة نفوذ الاخوان في وقت تعبر الاقليم متغيرات سياسية عميقة.

لكنهم يختلفون في قراءة خارطة العلاقة القادمة بين السلطة والجماعة. ما يزيد الوضع صعوبة هشاشة الجبهة الداخلية في ظل تراجع مستوى معيشة المواطنين بعد رفع الدعم الحكومي عن اسعار المحروقات. بالتزامن مع ذلك يتعاظم الخوف- رسميا وشعبيا- من سراب الوعود الامريكية بقيام دولة فلسطينية مستقلة مع خروج الرئيس جورج بوش من البيت الابيض بداية العام المقبل. فانسداد الافق السياسي واضح بالرغم من الحراك الدبلوماسي النشط الذي تخوضه الاطراف الاقليمية والدولية. الاجواء السائدة تستحضر الخيار الاقوى على الساحة وهو اجبار الاردن ومصر على ادارة شؤون سكان غزة والضفة الغربية وتوفير الامن من دون ارجاع الاراضي المحتلة كجزء من استراتيجية اسرائيل التوسعية ضمن حدود "ارض الميعاد".

ساسة ونشطاء حزبيون يؤشرون الى نجاح متشددي الاخوان في اختطاف قيادة الحركة الاسلامية واسعة النفوذ والاكثر تنظيما من خلال د. سعيد وزكي بني ارشيد, امين عام جبهة العمل الاسلامي.

منهم من يتوقع الاسوا; مواجهة حتمية على الطريقة المصرية بعد ان بان الوجه الحقيقي للتيار وزعاماته. اذ يرى مسؤولون ان اجنحة متشددة في اخوان الاردن اضحت "ادوات في يد حماس" ولا تبدي اي اهتمام بالهم المحلي والاجندة الوطنية.

وهناك توقعات بان يسعى المراقب الجديد الى خيار تحريك الشارع عبر العودة الى شعارات مطلبية وخدماتية ليرد على الاصوات التي تشتكي من ان التيار لم يركّز في الاعوام الماضية الا على شعارات سياسية تتعلق بفلسطين والعراق من دون الالتفات الى امور حياتية ومعيشية. يستطيع د. سعيد استغلال تدهور القوة الشرائية لغالبية العائلات الاردنية مع توقعات بازدياد الاوضاع المعيشية سوءا في الاشهر المقبلة بسبب ارتفاع اسعار النفط وازمة نقص الغذاء العالمي. وهو لن يستطيع المزايدة على وطنية حماس لانها دخلت في حوار مع اسرائيل, عبر بوابة مصر, من اجل تثبيت تهدئة في قطاع غزة. وسبق لزعاماتها ان عرضوا اتفاق هدنة مشروط مع اسرائيل لمدة 25 عاما وقبلوا باقامة دولة فلسطينية ضمن حدود الاراضي المحتلة عام .1967

في المقابل يتجه راي اخر الى ان القيادات الاسلامية ستتحاشى افتعال ازمة مع السلطات بل ستركز على تجاوز اخطر ازمة داخلية عاصفة تشهدها خلال عقود. فالصقور, الذين باتوا يهيمنون على اكثر من نصف مقاعد مجلس الشورى الخمسين, اكتفوا بثلاثة من ثمانية مقاعد في المكتب التنفيذي فيما بدا وكانه تسويات داخلية تحاشيا للاصطدام مع الدولة, بحسب خبراء في الشان الاسلامي. يوم الخميس اختار مجلس الشورى عبد الحميد القضاة نائبا للمراقب العام فضلا عن المعتدلين ارحيل غرايبة, ممدوح المحيسن, احمد الكفاوين, وجميل ابو بكر ضمن تركيبة المكتب التنفيذي الى جانب المتشددين سعادة سعادات, زياد المثاني وكاظم عايش. منح جناح الوسط غالبية مقاعد المكتب التنفيذي يعكس محاولة ترميم الوضع الداخلي واستعادة التوازن بين القيادة والقواعد. حجم التجاذب الاخير ظهر من خلال اصرار تحالف ما يسمى ب"التيار الرابع" على افشال مخطط جناح الوسط بانجاح الفلاحات بفارق صوت او صوتين. الا ان التوازنات اللاحقة في المكتب التنفيذي عكست حرصا على ابعاد الجماعة عن مسار تصادمي مع السلطة.

كذلك انيط موقع رئيس مجلس الشورى بعبد اللطيف عربيات, المعتدل, واعيد النظر في نظام المحاكم الداخلية كما تواصل مشروع الفلاحات في محاكمة كل من زكي بني ارشيد و محمد ابو فارس وعبد المجيد ذنيبات وغيرهم لمواقفهم قبل وبعد الانتخابات.

رغم رجعية العقائدية والتشدد العالية لدى همام سعيد, فان مقربين منه يرون فيه جانبا براغماتيا. ويدلل خبراء في الشان الاسلامي على ذلك بتكتيك منح المعتدلين غالبية مقاعد المكتب التنفيذي. يرى هؤلاء ان سعيد, الذي يتمتع ايضا بـ"هامش مناورة واسع, هو رجل المرحلة القادرة على اعادة ترتيب البيت الاخواني في مواجهة استهداف حكومي".

ساسة وحزبيون يتوقعون اذا استمرار حالة الشد القائمة مع الحكومة للحفاظ على مكتسبات سياسية وشعبية جناها الاسلاميون عبر عقود في وقت سالت الدماء بين الاسلاميين وغالبية الانظمة في الدول العربية المجاورة. الهدف النهائي, على ما يبدو, يكمن في المحافظة على السلم الاهلي من دون الدخول في معركة مصير.

من جهتها, تقول السلطة انها لا تفكر في مواجهات او في حل الجماعة ولن تقدم على خطوات استباقية. سيكون "رد الفعل الرسمي مرتبطا بالفعل نفسه" وضمن اسس ومحدّّدات القانون.

يقول احد المسؤولين: "اذا اختاروا التحرك ضمن القانون فلا مشكلة مع الدولة وسنتعامل معهم حال اي حزب معارض يعمل على الساحة الاردنية ضمن القانون".

مسؤول رفيع اخر يفيد بان استراتيجية الدولة لاعادة التيار الاسلامي الى حجمه الطبيعي اتت ثمارها من دون عنف ونجحت في تجريده من المنابر الشعبية, ادوات الحراك لكسب النفوذ. الخطة الرسمية بدات بابعادهم عن المساجد عبر قانون جديد. بعدها حرموا من حق اصدار فتاوى شرعية اذ حصرت العملية بمجلس الافتاء. واحيل ملف "جمعية المركز الاسلامي", ذراعها المالية والاستثمارية الى القضاء بسبب مزاعم فساد. وتم اقصاء التيار الاسلامي من عضوية ورئاسة بلديات في مدن مختلطة كانت تعتبر معاقل نفوذ تقليدي للتيار الاسلامي مثل اربد والزرقاء والرصيفة والكرك ومعان وذلك في الانتخابات التي اجريت الصيف الماضي.

قرار انسحاب الاسلاميين بعد ساعات على بدء الانتخابات البلدية, وسط مزاعم بحصول عمليات تزوير واسعة ودفع منتسبي القوات المسلحة الى الاقتراع لمصلحة مرشحي الدولة, لم يعطل الانتخابات وانما اضر بصورة الاردن في الخارج. لم تتراجع الحكومة وواصلت حملة التحجيم في الانتخابات التشريعية الاخيرة اذ فاز ستة من مرشحي الاسلاميين الـ 22 مقارنة بـ 17 مقعدا في مجلس النواب السابق. في تلك الانتخابات, تكرّرت مزاعم بوقوع عمليات تزوير وشراء اصوات وتدخل في نزاهة الانتخابات. مع ذلك, لم يتغير شيء على ارض الواقع رغم تأييد مزاعم الاخوان حول "انتهاكات جسيمة" في تقرير صدر عن المركز الوطني لحقوق الانسان الذي يرأسه احمد عبيدات, رئيس وزراء اسبق (1984) ومدير اسبق لدائرة المخابرات العامة.

يؤكد مسؤولون ان الدولة ستراقب مسار الجماعة وخطابها وممارساتها على ارض الواقع لترى اين ستستقر كفّة محاولة احداث توازن داخلي بين الصقور والمعتدلين وسط مد اسلامي في المنطقة تغذيه اوضاع اقتصادية متفاقمة واحباط سياسي نتيجة مقاربات امريكا واسرائيل.

يقول احدهم في مقابلة مع "العرب اليوم" ان الحكومة غير معنية بفوز شخصية مثل د. همام سعيد لان التيار الاسلامي لم يعد يملك ايا من ادوات الضغط والتصعيد لا سيما المنبر البرلماني". وبالتالي تستطيع الحكومة "التعايش مع الواقع الجديد".

فوز د. سعيد, بحسب التحليل نفسه, كان "سيكون مشكلة كبيرة لو نجح التيار الاسلامي في تحقيق غالبية برلمانية عبر تحالفات ليشكّل ثقلا داخل المجلس النيابي يوازي الثلث المعطل, اي استنساخ تجربة "حماس" في غزة و"حزب الله" في لبنان.

لكن مستقبل العلاقات بين الدولة والجماعة يعتمد على تصرفات المراقب العام الجديد خاصة ان هياكل الاخوان والجبهة وقفت في وجه ترشيحه للانتخابات التشريعية الاخيرة, التي كانت محور سجال بين اجنحة الاخوان.

في نهاية المطاف لن يقف في وجه تمدد الاخوان الا سلسلة سياسات رسمية تؤسس لحاكمية رشيدة وتحارب كافة مظاهر الفساد الاداري والمالي والسياسي المستشري, بالتزامن مع بدء اصلاحات سياسية عميقة وجريئة لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار. يتطلب ذلك احزابا فعّالة, تعديل قانون الانتخابات واطلاق العنان لصحافة وطن تضع يدها على الجرح وتساعد على ايجاد الحلول البناءة.

فضعف الجبهة الداخلية يظل الخطر الاول الذي يواجه المملكة يليه تحدي التغلغل الايراني في الجوار العراقي والخطر الاسرائيلي الرافض لاقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية.
العرب اليوم .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :