بداية انا اعرف ومؤمن بان دولة الرئيس عبدالله النسور من احرص الناس على كل فلس في بلدنا الحبيب الاردن، ولا احد يزاود عليه ، ويمكن وصفه بانه اول رئيس وزراء في الاردن الذي يحفظ دائما درسه الاقتصادي جيدا، ولكن يبدو انه لم يعطي الوقت الكافي لدراسة موضوع الاستمطار، ربما الموضوع غريب عليه، او انه كان مشغولا جدا، او ان تكاليف المشروع 17 مليون جاءت للاردن هبة دون اي مقابل. واقسم بالله انني فقط لشعوري بامانة المسؤولية امام الله، ولمصلحة بلدي الحبيب الأردن، الذي هو بلد الجميع وكلنا حريصون عليه، لا احد يزاود على احد، أحببت ان أضع النقاط على الحروف بما يخص الاستمطار.

الإستمطار يعني رش او نثر الغيوم بمواد كيماوية ، تعمل هذه المواد كنويات تكاثف يتجمع حولها بخار الماء بحيث تصبح قطرات الماء او الثلج ثقيله وتسقط على شكل امطار او برد. وتجرى هذه التجارب في حالات خاصة جدا ...ومن اهمها وجود الغيوم ودرجات حرارة معينه وعوامل اخرى لا داعي لذكرها. ربما لا يدرك البعض ان الاستمطار في أغلب الاحيان يتم في أجواء ماطرة أصلا. واريد ان اضع النقاط التالية حول الاستمطار:

1- هناك جدل واسع حول نجاح هذه التجارب من عدمه في الاوساط العلمية بشكل عام.

2- التجارب الاسرائيلية بجوارنا من عام 1960 -2010 والتي اجريت بواسطة علماء من جامعة تل ابيب من قبل العالم Zev Levin ومعه علماء اخرين ...نشرت في بحث علمي في مجلة علمية محكمة ( ليست اخبار صحافه). بل مجلة علمية اسمها
Atmospheric Research vol. 97 page 513-524
البحث مرفق ويحمل ملف رقم (1 ): ارجو الاطلاع على النتيجه (conclusion) ويستطيع غير المختصين الذين يتقنون الانجليزية (مكتوبه بلغة انجليزيه سهله ) يمكن الاطلاع على نتيجة البحث قمت بوضع لون اصفر عليها في الملف رقم (1) الملف الاصلي المرفق.. وهي سهلة الفهم لغير المختصين ويمكن ترجمتها كالتالي:

(ان التحاليل والتجارب التي اجريت في اسرائيل لم تاتي باي زيادة على الامطار حسب ما كنا نتامل ، ففي المناطق الجنوبية ؛ اي (عندهم) عند مقارنه المناطق المستهدفة بالاستمطار بالمناطق التي لم يتم فيها الاستمطار ..لم يكن هناك اي فرق اي(بين المناطق التي تمت عملية الاستمطار فيها وبين المناطق التي لم يتم الاستمطار فيها)....بل على العكس، المناطق التي لم يتم الاستمطار فيها اعطت امطار اكثر من التي تم الاستمطار فيها. بينما كانت النتيجه افضل في المناطق الجبلية والسبب قد لا يكون الاستمطار ربما يعود لعمق المنخفضات الجوية في الشمال وكذلك عامل التضاريس الجبلية في تلك المناطق)
كما ويوجد بحثين اخرين يتحدثان عن نفس النتيجه
Rangno A. L. and Hobbs, 1995. A new Israeli Cloud Seeding Experment. J. Appl. Meteorolgy 36 (260-271)
Kistler R. et.al 2001. The NCEP –NCAR 50 Years reanalysis monthly mean. Bull. AM. Meteorlo. Soc. 82. (247-267)

يوجد ملف رقم ( 2) وهو منشور على النت لنفس العالم ويلخص التجارب ويمكن ترجمته كالاتي:
(لم تكن التجارب خلال الخمسون عاما ايجابية وهي غير مشجعه ) انتهى الاقتباس المترجم.
Lessons learned from 50 years of cloud seeding in Israel
يوجد على الرابط الالكتروني :
https://www.wmo.int/pages/prog/arep/wwrp/new/documents/Levin_Lessons_Learned.pdf
3- أهم الأفكار التي اريد طرحها هو رأي المنظمة العالمية للارصاد الجوية، ما هو رايها في الاستمطار .. حيث ان كل دوائر الارصاد الجوية في العالم ومن ضمنها الاردن اعضاء في المنظمة العالمية وهي المظلة والحاضنة العلمية لكل دوائر الارصاد الجوية في العالم ...وارفق راي المنظمة العالمية للارصاد الجوية بالاستمطار ملف رقم (3) الملف الاصلي وهو موجود على الرابط الالكتروني التالي: https://www.wmo.int/pages/prog/arep/wwrp/new/documents/WMR_Weather_Mod_documents_Final.pdf

قمت بوضع خطوط صفراء ( في الملف المرفق) والذي يمثل راي المنظمة العالمية للارصاد في الاستمطار. ومن العجيب ان المنظمة اجتمعت في تايلاند البلد الذي يتبنى الاستمطار لدينا ويعملون تجارب لنا ، وكأن المنظمة قالت لهم في عقر دارهم ان الاستمطار غير فعال والنتيجه مرفقه في الملف رقم (3). علما ان هذا الاجتماع تم في العام الماضي 2015 في شهر اذار الماضي في تايلاند. وهذا ترجمة ما قالته المنظمه العالمية للارصاد في الاجتماع الذي عقد في تايلاند:
ترجمة رأي المنظمة العالمية للارصاد:
(لا شك ان هناك تاثير على التركيب الجزيئي للغيوم من خلال عملية الاستمطار. ولكن لا يوجد دليل قطعي على فاعلية الاستمطار وانه موضوع مثير للجدل ولا يمكن البناء عليه). انتهت الترجمه والاقتباس.
الفكرة الرئيسية هنا، اذا كانت الجهة العلمية العليا المسؤولة عن كل النشاطات العلمية في هذا المجال ..وهي منظمة الارصاد العالمية وهي احد منظمات الامم المتحد، تقول ان الاستمطار موضوع مثير للجدل ولم تثبت فاعليته، فمن هي الجهة العلمية في بلدنا التي ورطت الحكومة في مثل هذا المشروع. وهو موضوع مهم جدا هنا. اي من هي اللجنه الفنية التي اقرت هذا المشروع ودرست الجدوى الاقتصادية له نحن نتكلم عن 17 مليون.
4- الم يكن بالامكان الدعوة لمؤتمر علمي يتم دعوة العلماء والباحثين ليتم الاخذ بتوصياتهم.
علما بان هذا العرف المتبع قبل الشروع في اي مشروع علمي او ان العملية غفط في لهجتنا الاردنية.
5- للحكم على نجاح التجربه نحتاج الى 10 سنوات لحساب معدلات الامطار والتغيرات التي حصلت عليها ومقارنتها في مناطق لم يتم الاستمطار بها..... وهل نحن في رغد اقتصادي في ظل الظروف الاقتصادية للتضحية في 17 مليون لننتظر النتيجه بعد 10 سنوات !!!!!!!!؟
6- هل يستطيع خبراء ارصادنا الحكم على نجاح التجربه .... فليحضر احدهم امام مختصين ويريهم كيفية الحكم على نتيجة التجربه فهي حسبه معقدة لا كما يعتقد البعض وبحاجة لخبراء اكفاء للحكم عليها، حيث ان سرعة الرياح احيانا تاخذ هذه المواد لمواقع اخرى والحسبة معقدة وتحتاج لنمذجة عددية احيانا ولا يدركها احد في دائرتنا.
7- اليهود بعد 50 عام من التجارب لم يحصلوا على نتيجه ايجابية وهي قصة مثيرة للجدل لديهم فكيف لنا ان نضحي ونتجرأ على 17 مليون لنشتري( سمك في البحر).
وهذه التساؤلات التي يجب طرحها على الحكومه والرأي العام لأن الموضوع يتعلق في 17 مليون، ونحن في وضع اقتصادي لا نحسد علية. نحن لا نريد مهاجمة او اتهام اي شخص، ونعرف دولة الرئيس ونظافته وحرصه .. دعونا نفكر معا لا نتحدى بعضنا البعض كلنا مخلصين للبلد ولا يتهم بعضنا بعضا. نحن نطرح افكار منطقية على الحكومة، لربما نصحح الخطأ



اولا:
اذا كان راي المنظمة العالمية للارصاد الجوية والتي دائرتنا الارصاد الجوية عضو فيها تتبنى هذا الراي في الاستمطار...على اي اساس اقنعت دائرة الارصاد الجوية الحكومه الرشيدة في مشروع يكلف الخزينه 17 مليون دينار.
ثانيا:
من هم الخبراء الفنيين في مجال الارصاد الجوية الذين تبنوا هذه الفكرة. أرجو ان يطلع دولة الرئيس ومجلس النواب على مؤهلاتهم العلمية .. كم عدد المؤهلين الذين يحملون شهادات في تخصص الارصاد الجوية ممن يعملون في هذا المشروع. وهل يمكن مقابلتهم لابلاغهم بهذه الحقائق.
ثالثا:
هل يعلم الفريق العامل أن نجاح هذه التجربة يحتاج الى دراسة معدلات الامطار على الاقل لعشر سنوات، لاثبات النتيجه من عدمه..بمعنى اخر نحتاج بعد ثلاث سنوات الى 17 مليون اخرى لمواصلة التجربه وهكذا حتى تنتهي ال 10 سنوات. وبعنى 17 مليون مضروبه في 3 يعني 17x 3= 51 مليون خلال العشر سنوات ..ارحموا بلدنا يا وزارة التخطيط.
رابعا:
من المعروف ان الاستمطار لا يتم في سماء زرقاء والفريق التايلاندي اكيد موجود في البلد في فنادق الدرجة الاولى على حسابنا وينتظر قدوم الغيوم ليستمطرها ، يعني بيستنوا مثلنا مثلهم في المنخفض الجوي... . !!!(ما اجمل رحمة الله) وهذه كلفة (وسجل على الدفتر)
خامسا:
ان الاستمطار ليس اولوية بالنسبة لبلدنا،يمكن استثمار هذه المبالغ في الحصاد المائي بطرق حديثة ومضمونة ، او حتى صرف جزء من هذا المبلغ لتاهيل دائرة الارصاد الجوية التي تعاني من نقص في الخبراء والمعدات والنماذج الرياضية اللازمه للتنبؤات الجوية.
خامسا:
الاردن منطقة قريبة من الصحراء والغبار والشوائب تملأ الاجواء الاردنية وهو استمطار طبيعي، وهذه نتيجة قالت بها تجارب بعض الدول العربية مثل مصر والسعودية

* دكتوراه هندسة الارصاد الجوية والدرسات البيئية والمناخ
جامعة الملك سعود / الرياض