حلب تحترق .. وما المشكلة في ذلك؟ .. د.عصام صيام
01-05-2016 02:38 PM
حلب تذبح من الوريد إلى الوريد... وما المشكلة في ذلك؟ وما الجديد في ذلك؟ أو لم تذبح غزة قبل ذلك مرات ومرات؟ أو لم تذبح بيروت قبل ذلك؟ أو لم يأكل الفلسطينيون لحم القطط في مخيمات عين البارد والبداوي؟
حلب تذبج أمام مرأى القادة العرب دون أن يحرك أحدا ساكنا. ما المشكلة وقد فقدت الأمة العربية مخزوناتها من هرمونات الكرامة والحياء
حلب تحترق وما المشكلة طالما أن الضحايا ليسوا من الأوروبيين والأمريكيين أو الإسرائيليين.... وما المشكلة في أن تهدم حلب على رؤوس ساكنيها طالما أن تلك المجازرلم تقع في باريس أو بلجيكيا أو نيويورك مع إستنكارنا المبدئي والحازم لكل عمليات العنف والإرهاب أينما ووقتما وقعت.
إنه الدم العربي الرخيص... إنها الكرامة العربية المهدورة. إنه زمن العقود والصفقات المليونية على حساب أطفال حلب والغوطة وغزة. إنه زمن شركات الأفشور والتهرب الضريبي.
منذ أن قام أنور السادات بالخروج عن الإجماع العربي وتوقيعه على معاهدتي كامب ديفيد مع إسرائيل بدأت الأمة تفقد رويدا رويدا أحاسيس التضامن والوحدة بعدما فقدت الكثير من أوراق الضغط في الساحة الدولية
. منذ ذلك التاريخ المشؤوم بدأ النظام العربي الرسمي بالإنهيار ولكن بشكل تدريجي وأصبح النظام "المهترأ أصلا" كمريض الإيدز يفقد مناعته ضد الأمراض وغزو الأجسام الغريبة يوما بعد يوم إلى أن يلفظ أنفاسه غير مأسوف عليه.
حالة الوهن التي اصابت النظام العربي الرسمي منذ كامب ديفيد هي التي مهدت إلى إجتياح بيروت في 1982 وحصارها عبر إسرائيل وعملائها من "اليمين اللبناني" وهي التي أعطت الضوء الأخضر لمذابح صبرا وشاتيلا من دون أن تتحرك الدول العربية إلا "بهمة- بكسر الهاء- إذاعية لم تسمن ولم تغن من جوع.
مسلسل الإنهيار للنظام العربي إستمر بغزو صدام حسين الكارثي للكويت في الثاني من أغسطس 1990 وما تبعه من عدوان عالمي على العراق تلاه مارثون سلام بين العرب وإسرائيل في مدريد في 1991 ( لم يتحرر شبر واحد من الأراضي العربية)
ومما لاشك فيه أن إنهيار النظام العربي الرسمي إقترن بحالة تزداد سوءا يوما بعد يوم من "اللامبالاة" تجاه الدم العربي سيما أن كامب ديفيد أطرت لمرحلة "القطرية العربية" الأمر الذي دعا كل دولة عربية إلى التفكير بمصالحها ( واقصد هنا مصلحة نظامها) بعيدا عن معايير التضامن العربي التي كانت تحكم السياسات العربية حتى معاهدة كامب ديفيد.
من هنا بدأت مظاهر "التمسحة" تظهر جليا على سياسات النظام العربي الرسمي فهان الدم الفلسطيني في بيروت ومخيمات طرابلس وأستبيحت الحرمات الفلسطينية حينما اصبح المشروع الوطني الفلسطيني التي تبنته منظمة التحرير يمثل خطرا ليس فقط على إسرائيل بل على غير دولة عربية لدرجة أن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر إعترف أن جال كل الدول العربية ولم يسمع من رئيس عربي مطلب قيام دولة فلسطينية مستقلة.
ومن هنا كان التواطؤ الرسمي واضحا وجليا في مشاركة إسرائيل وأمريكا في حصار أبو عمار في المقاطعة برام الله وقبلها دعم تقليص صلاحياته لصالح منصب رئيس الوزراء الذي إستحدث من أجل شخص أبو مازن وإنتهى الأمر بمقاطعة أبو عمار من الزعماء العرب إلى أن لقى ربه شهيدا.
ومن هنا إستمر النظام العربي الرسمي في إنهياره الأخلاقي ولكن هذا المرة بشكل أكثر فظاظة ووقاحة عندما ساهمت أكثر من دولة عربية وبشكل علني في الحرب على غزة في العام 2014 عندما فكر هؤلاء أن مساعدة إسرائيل في القضاء على حماس سيساهم مباشرة في القضاء على منظومة الإسلام السياسي برمتها.
غزة 2014 وحلب 2016 كلها شهادات وفاة للنظام العربي الرسمي فأين المشكلة الان في أن تحترق حلب؟ وما الجديد في ذلك؟