قنابل المناطق المهمشة * اميرة المشعل
14-08-2016 10:26 AM
في العاشرة صباحاً تتسارع خطى فتيات حينا باجسادهن الصغيرة الضائعه في أطقم الصلاة المعرقة الى المسجد والمراكز الدينية مشهد ما كان يمكن أن تراه بهذه الكثافة قبل اربع سنوات كنا ككل اطفال الزرقاء ننفق صيفنا بلعب الحجلة وبيت بيوت والحبلة في الشارع حين لم يكن عيبا او امام افلام الكرتون حين لم تكن حراماً!
من قبل لم نعرف مركزا ثقافيا واحدا لم نعرف مركزا رياضيا واحدا.
وفي هذا الفراغ المفتوح جاءت المساجد و المراكز الدينية لتكون لا اقول الخيار المفضل بل الخيار الوحيد امام أهالي المناطق المهمشة فمن يستطيع حقا وضع اولاده في نواد صيفية خاصة لتعلم الكراتية او الموسيقى او اللغة، ناهيك عن اجور المواصلات وهم بالكاد يؤمنون قوت يومهم ..
حين تأخذ مدينة كاملة لون فكر واحد عليك أن تتجاوز سذاجة ربط تصاعد التيار الديني بالفقر والبطالة لقد إزدهر هذا التيار في ظل الفساد والغياب التام لمسؤوليات الدولة اتجاه مواطنيها في الوقت الذي قدم فيه التيار الديني نفسه كخيار وحيد لكافة أفراد المجتمع .. للنساء المهمشات حيث لا جمعيات ثقافية او توعوية فاعلة تدعمهن واللواتي ينظرن لدروس الدين بوصفها النشاط الاجتماعي الوحيد والمبرر و الاكثر قبولا والتي أدت الى انسحاب القيم الإنسانية الأصيلة أمام الأفكار الطارئه و المتشددة عن كل شئ بدأ بلون الحجاب و مشاهدة التلفاز وحتى موسيقى حفلات الزفاف !
الشبيبة المثقفة في مدينة لا يوجد فيها سوى مكتبة عامة واحدة فوق مجمع تجاري منفي وثلاث مكتبات خاصه تزخر بالأدب الفارغ أدب المراهقين وربات البيوت حيث لا مراكز ثقافية معروفة أو مسارح او سينما او طبقة مثقفة فاعلة.
للأطفال الذين يهربون نحو التشابه مع أقرانهم في صفوف يديرها أشخاص يعتقدون بأنهم اوصياء الله على البشر
أتساءل كيف يمكنهم أن يتقبلوا اي أفكار آخرى وهم يكبرون وسط هذا الكم الهائل من المسلمات كيف يمكنهم ان يكونوا مستقبلنا وهم يملأون خيالهم بالماضي الم يكن أولى بالمعنيين بالجانب التربوي مثلا أن يفتحوا المدارس كنواد صيفية يديرها متطوعون من اجل هؤلاء الاطفال..
ألا يمكن للمعنيين بالثقافة أن تماثل مراكزهم على الأقل عدد المراكز الدينية من اجل جيل يؤمن بالتنوع و الإبداع؟!
ألا يجدر بالحكومة إنشاء مشاريع اقتصادية قادرة على الارتقاء بالمستوى المعيشي للسكان أو النهوض بالبنية التحتية المتآكلة للمدينة؟!
ندفع الثمن مرتين مرة بالتهميش و آخرى بالصفات الجاهرة و البديهية الناتجة عنه!