حفلات الزفاف في لبنان .. ترف يتحدى الواقع المعيشي الامني .
07-09-2008 03:00 AM
عمون - بيروت - من اخلاص القاضي - من يحظى بحضور احدى حفلات الزفاف في لبنان لا يمكن ان يتصور انه في بلد عاني ويعاني من الحروب والاقتتال ..اذ يتفنن اهل العروسين بالتعاون مع شركات متخصصة بابتداع وابتكار برامج وديكورات وزينة وانواع من الضيافة المتنوعة والحلويات المميزة والطعام والشراب ..
بحيث يبدو كل عرس " كرنفالا" مختلفا عن سابقه بل يفوقه بموضة جديدة تبهر الحاضرين ..
وتحتل كلفة وجمال هذا العرس او ذاك مساحات من احاديث المدعوين على مدار ايام عدة حتى يأتي عرسا جديدا ينسف بافكاره الخلاقة سابقاته ..
فقد اختار العريس جاد من /منطقة عاليه احد اقضية جبل لبنان / تزيين حوالي 10 سيارات مستأجرة مزينة " مع سائقيها " من نوع " ليموزين " لتشاركهما في الموكب المتجه لجلب العروس / سيسيل / من منطقة قريبة من قضاء عاليه ..
كما اشترطت العروس ميمي من بلدة المحيدثة / قضاء راشيا الوادي /على عريسها ارتداء فستان عرس مميز بلغت كلفة استئجاره حوالي 4000 الاف دولار .. فيما بلغت كلفة العرس الاجمالية التي شملت غداءا لاهل القرية وعشاء لمدعوين محددين حوالي 13 الف دولار ..
وانبهر مدعوون في احد الاعراس حين رأوا اسمي العروس والعريس وقد كتبا بالنار في السماء التي علت احد الفنادق البيروتية ..
في الوقت الذي دخل فيه اخرون الى عرس اطفأت فيه الاضاءة الا من تحت الطاولات التي تعلوها اغطية شفافة بحيث ظهرت وكان الطاولات " تشتعل " ... وتعلق الصبية "زينة "احدى الحاضرات ضاحكة .. الحمد لله لم نحرم من منظر النار حتى في الافراح ....!
واستوقفت " دانيال رضا , طالب في الجامعة الامريكية في بيروت " كلفة احد الاعراس التي حضرها في بيروت والتي تم استقدام المدعوين اليه بطائرة خاصة من بلدان مجاورة للبنان .. اذ انفق " بحسب رضا " ما يقارب ال 60 الف دولار امريكي " للالعاب النارية " فقط عدا عن برنامج العرس الذي وصفه " بالاسطوري "
تقول وفاء جمال 46 عاما / ناشطة في تعاونية المحيدثة / ان الاعراس في لبنان لم تتأثر بالظروف السياسية على الاطلاق بل كان المقبلون على الزواج يفضلون تأجيل العرس لحين الانتهاء من ظرف سياسي او امني ما على ان لا يقيموا عرسا " لا يتحدث عنه احدا " حتى لو اضطروا للاقتراض من البنك ...
مؤكدة ان كلفة بعض الاعراس قد تصل الى اكثر من 100 الف دولار في بعض المناطق .
وترى اميمة حسان 24 عاما / من منطقة عين الجديدة , عاليه / ان العروس تحلم بأن تكون متميزة في هذا اليوم لذا فانها تجتهد وتتعب في انتقاء فستان العرس وشكل التسريحة وغيرها من المستلزمات بحيث تجري الكثير من /البروفات/ قبل انتقاء تسريحة او فستان ما .
وتتنافس الشركات المتخصصة في تجهيز برامج الاعراس لتقديم احدث الافكار لاستقطاب اكبر عدد من المقبلين على الزواج والتي تقوم بدورها بتقديم الفرق الشعبية التي تتولى بدورها زفة " العرسان " وتحضير " الكوشة " التي لابد وان يتواءم لونها ولون اغلفة الشوكولاته والبقلاوة والفرش الذي يغطي مقاعد المدعوين اضافة الى اغطية الموائد وربما تراعي الشركات " الميول السياسية لاهل العرس " بحيث تناسب الالوان المنتقاة الوان اعلام التيارات والاحزاب والاتجاهات السياسية المختلفة .
وتعتقد الستينية مها جمال " ربة بيت " ان انتخاب الرئيس العماد ميشيل سليمان وتشكيل الحكومة انعش صيف لبنان الحالي كما انعش حفلات الاعراس التي تصادف يومي السبت او الاحد من كل ا سبوع ..
حيث تؤكد جمال ان تلك الايام لم تخل من عرس او اثنين في حين امتدت اعراس الى ايام اخرى من الاسبوع بسبب اكتظاظها .
ولا تشبه الاعراس في لبنان غيرها بحيث تتجه العروس ومن معها من المقربات منذ الساعة السادسة صباحا الى " الكوافير" لتكون حاضرة قرابة الساعة الثانية عشرة ظهرا حيث تتجه الى بيت اهلها الذي يكون قد زين بابهى الحلل في الوقت الذي يتولى فيه اهلها واجب الضيافة من حلويات و" مطبقيات "انتقيت ببالغ العناية على حسابهم الخاص ..
ثم تتوجه العروس الى بيت العريس الذي تذهب اليه راجلة " اذا كان العرس في نفس الضيعة " القرية " وترافقها الزفة واهلها في الوقت الذي يمطرها فيه وابل من الارز المخلوط بالورد الذي تنشره عليها نساء الضيعة من على الشرفات ومن امام المنازل . ...
وبعد ان تصل الى منزل العريس او " قاعة الضيعة " تلصق العروس العجينة على اعلى الباب / وهي عادة قديمة يختبر من خلالها سعادة العروس المتوقعة / في حين يكون اهل العريس قد اعدوا وجبة غداء للمدعوين عبر شركات متخصصة او تقوم نساء الضيعة بالتعاون مع بعضهن البعض قبل ايام عدة من العرس بتحضير انواع مختلفة من الطعام كالكبة وورق العنب والهريسة /وهي الاكلة الرئيسية التي تزين موائد الاعراس و تتكون من القمح واللحم/ .
وفي المساء يقام استقبال ساهر للعروسين في احد المطاعم او الفنادق يدعى اليه الاقارب والاصدقاء ويستمر حتى ساعات الصباح الاولى وتسيطر على اجوائه الدبكة اللبنانية والفرق الفلوكلورية المختلفة .
ويتبارى اهل العروس والعريس " في سباق محموم " خلال الموكب الذي يقصد بيت العروس من ضيعة الى اخرى بحيث يجتهدوا للوصول الى خلف سيارة العريس حين تشتد المنافسة التي يصاحبها تجاوزات خاطئة وسرعة جنونية في الوقت الذي تبقى فيه الامهات قلقات على ابنائهن لحين عودة الموكب سالما دون حوادث .
كما يتنافس اهل العريس والعروس على نوعية الضيافة وكلفتها وشكل ولون اغلفة الشوكولاته والسلال " اوعية تقديم الحلويات " اضافة الى نوع " الصواني " التي تقدم عليها الضيافة واغلبها من الفضة الخالص .
ولا يتم تقليد العروس بالذهب الاصفر من قبل العريس بل يكتفيان باستبدال المحابس وتلبيسها عقدا من الذهب الابيض ..
كما يسقبل العروسان هدايا مقربين من الذهب اضافة الى " النقوط " الذي يتم جمعه في صندوق خاص في الوقت الذي يرفق فيه رقم حساب بنكي مع بطاقات الدعوة لتحويل النقوط عليه اضافة الى تزويد المدعوين بقائمة احتياجات العروسين للمنزل تحاشيا لازدواجية الهدايا .
ولم تعد الاحداث السياسية او الامنية ترهب اللبنانيين الذين يصرون على الحياة ويتقنون فن عيشها رغم كل شيء .
***الصورة ارشيفية..