عمون - تجدد الجدل في رمضان هذا العام حول قيام نجوم الدراما المسيحيين بتجسيد أدوار شخصيات صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ما بين معارض، ومؤيد، ومؤيد لكن بشروط.

فبعد الانتقادات التي تعرض لها العام الماضي الممثل السوري المسيحي باسم ياخور بسبب تجسيده شخصية خالد بن الوليد رضي الله عنه، تتعرض قناة "ساهور" السودانية الفضائية لانتقادات مماثلة بسبب إشراكها ممثلين مسيحيين في مسلسل من إنتاجها اسمه "قمر بني هاشم"، يتناول سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم من الميلاد وحتى انتقاله إلى الرفيق الأعلى.

فالمسلسل يشارك فيه 220 ممثلا، من سوريا، ولبنان، والأردن، والسودان، وفلسطين، من بينهم الممثلة المسيحية جيني إسبر التي ستمثل دور أسماء بنت أبي بكر (ذات النطاقين)، ويجسد دور حمزة بن عبد المطلب الممثل رشيد عساف وهو أيضا مسيحي، بحسب مصادر إعلامية.


إجازة سورية

وتستند "ساهور" في تنفيذ المسلسل واختيار أبطاله على إجازة المفتي العام للجمهورية السورية للسيناريو؛ حيث أصدرت دائرة الإفتاء السورية بيانا أعلنت فيه موافقتها على تصوير المسلسل داخل سوريا بعد الاطلاع على النص.

واعتبر مفتي سوريا الدكتور أحمد حسون أن المسلسل موضوع الجدل هو "خطوة نحو الوحدة".

وفي زيارته لموقع التصوير قال: "ما يقام هنا (المسلسل) هو دليل على أننا نستطيع أن نستعمل التاريخ لنقترب من بعضنا بعضا؛ فحين أرى في هذه المجموعة المسيحي والمسلم والعلماني يقومون بعمل رسالي واحد أرى أن التاريخ وحدنا وجمعنا، واستطاع أن يؤلف بين قلوبنا".

كما تستند القناة على إجازة هيئة علماء السودان لنص المسلسل، غير أن حيدر التوم نائب أمين عام هيئة علماء السودان صرح لوسائل إعلامية: "الهيئة أجازت النص والسيناريو، ولم تتطرق إلى الممثلين وما يتعلق بالجانب الفني".


صورة الممثل

وإن كان بعض النقاد يربطون ديانة الممثل بمدى نجاحه في تجسيد شخصيات دينية كبيرة، فإن آخرين يرون أن نوعية الأدوار المعتاد أن يظهر بها الممثل في أعمال فنية أخرى هي المحدد الأول في مدى تقبل تجسيده لهذه الشخصيات من عدمها.

وفي هذا يقول مفتي الديار السورية الدكتور أحمد حسون: "حينما رأيت الفنانة مريم فخر الدين تلعب دور زوجة سيدنا خالد بن الوليد (عام 1958) تأثرت حينها وبكيت، وبعد سنة مررت أمام دار للسينما ورأيتها بملابس غير لائقة في مسبح (حمام سباحة) بفيلم آخر فصُدمت صدمة رهيبة، وتساءلت: هل هذه هي التي كانت تبكي وتصلي أمام الكعبة؟!".

كما أن الشيخ محمد أحمد حسن الشايقي الذي تحظى فتواه بقبول واسع في السودان أفتى بأنه لا يجوز عرض المسلسل الذي أنتجته قناة ساهور؛ بسبب اختيارهم الممثلة السورية جيني أسبر لتجسيد دور ذات النطاقين السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ويتساءل: كيف فات على الجهة المنتجة أداء أدوار الإغراء السخيفة التي قامت بتمثيلها أسبر من قبل في عدد من أعمالها؟!".

ولكن بالرغم من احتدام الجدل بين المؤيدين والمعارضين في السودان حول مسلسل "قمر بني هاشم" فإن مصادر مطلعة صرحت لـ"إسلام أون لاين.نت" بأن التلفزيون السوداني بدأ بالفعل في بث المسلسل.



"الخبرة أهم"

ودافع مخرج المسلسل محمد شيخ نجيب عن اختياراته للممثلين في المؤتمر الصحفي الذي عقده بمناسبة تدشين المسلسل منتصف أغسطس الماضي قائلا: إن اختيار الممثلين تم بناء على مستوى أدائهم وخبرتهم الفنية لتقديم الصورة الصحيحة، وبروحانية عالية للشخصيات التي يجسدونها.

ويتفق معه القاص والكاتب السوداني إسحاق أحمد فضل الله الذي قال في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت": "ماذا يضر لو شارك مسيحيون في التمثيل! فالجهاز الذي يبث المادة صنعه مسيحيون، والكاميرات التي تنقل صور وأصوات الشيوخ صنعها مسيحيون".

وأضاف أن "التمثيل يتعلق بقدرات تساعد الممثل على توصيل الشخصية إلى المشاهد، ولا علاقة لهذه القدرات بدين الشخص".

وحول دور الاختلاف العقائدي في فشل الممثل السوري باسم ياخور في تقديم شخصية الصحابي خالد بن الوليد كما يجب بحسب تقييم بعض النقاد، قال إسحاق: "لو فشل ياخور في تلك المرة فقد نجح أنطوني كوين من قبل في تجسيد دور حمزة رضي الله عنه".

ويقول القائمون على مسلسل "قمر بني هاشم" إنه يأتي ردا على الحملات الإعلامية الغربية اليائسة التي تحاول النيل من الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كما أن المسلسل يوجه خطابا للعالم بأن الإسلام دين حق وعدل ونور وحوار مع الآخر.

وبحسب قناة ساهور فإن مسلسل "قمر بني هاشم" سيبث خلال رمضان الجاري في أكثر من 10 فضائيات عربية، وسيترجم لعدد من اللغات الأوروبية.


رفض أزهري

وتعد فكرة تجسيد الصحابة في الأعمال الفنية مرفوضة من الأساس بغض النظر عن ديانة أو شخصية من سيؤديها لدى بعض الدوائر، وعلى رأسها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف الذي أصدر قرارا في وقت سابق برفض عرض المسلسل التلفزيوني "بدر الكبرى" والذي أُنتج لصالح قناة "ساهور" أيضا عن حياة حمزة بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم.

وبرر الدكتور محمود عاشور عضو المجمع ووكيل الأزهر السابق هذا الرفض في تصريحات صحفية سابقة بأن تجسيد شخصية الصحابي حمزة بن عبد المطلب تخالف قرار المجمع بمنع تجسيد أدوار الخلفاء الراشدين وآل بيت الرسول والعشرة المبشرين بالجنة في أعمال فنية تُنتج أو تعرض داخل مصر.

وتعرضت قناة "ساهور" للانتقاد مع بداية انطلاق بثها في يونيو 2007، حينما قدمت نجوم غناء سودانيين يؤدون مدائح نبوية على قواعد الغناء الحديث ومقاماته وسلالمه الموسيقية، وأحيانا يخلعون ألحان بعض الأغاني الغزلية على مدائح نبوية.

وعلَّق على هذا الفنان السوداني محمد وردي بأن هذا النمط المقدم "يسيء للمديح النبوي؛ لأن المديح النبوي في جوهره أداء روحي عميق بآداب معينة".عن مواقع مصرية.