التخوف من انقلاب عسكري في العراق
01-10-2008 03:00 AM
عمون - د.عون الفريحات - عاد الحديث عن امكانية حدوث انقلاب عسكري في العراق يطرق الابواب بقوة . ففي غضون اقل من شهر عبر ثلاثة من كبار قادة العراق الجديد عن مخاوفهم من امكانية قيام مثل هذا الانقلاب معبرين عن قلقهم العميق مما يجري لاسيما على صعيد ما بات ينظر اليه على انه اعادة لعسكرة المجتمع العراقي من جديد . والثلاثة الكبار هم كل من مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان وعادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية واحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي .
فقد ذهب رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني بعيدا في مجال الحديث عن امكانية حدوث انقلاب عسكري معتبرا ان الضمانة الوحيدة التي تحول دون مثل هذا الانقلاب هو الوجود العسكري الاميركي في العراق .
وطبقا لهذا التصور فانه في حال نفذ المرشح الديمقراطي للرئاسة الاميركية باراك اوباما تهديداته وعمل على سحب القوات الاميركية من العراق في حال فوزه بالرئاسة الاميركية مع الابقاء فقط على حراس السفارة الاميركية في قلب المنطقة الخضراء فان بيان رقم واحد لم يعد امرا مستبعدا .
واذا ما ربطنا تصريحات البارزاني مع ما حذر منه نائب الرئيس عادل عبد المهدي وهو قيادي بارز في المجلس الاعلى الاسلامي مما اسماه ( عسكرة المجتمع ) فان الحديث عن الحديث عن امكانية حدوث انقلاب عسكري يكون قد انتقل من الهواجس الى مايمكن تسميته بالمجسات .
واذا ما ربطنا مخاوف البارزاني وعبد المهدي مع ما اعلنه احمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي من انه لم يعد يستبعد هو الاخر حصول مثل هذا الانقلاب فان المسالة تستدعي النظر والتامل معا .
لكن الاخطر في كل ذلك هو ما افصح عنه الجلبي بشان هوية الانقلاب مثار الحديث حيث حصر الجلبي الجهة التي يمكن ان تقوم بالانقلاب بكونها جهة شيعية ولعل تصريح الجلبي ينطوي على مفارقة تثير التامل ذلك ان الشيعة هم من يمسك بزمام السلطة في البلاد وبالتالي فان قيام جهة شيعية بتدبير انقلاب على الشيعة انفسهم لايعني سوى تصفية حسابات داخل البيت الشيعي نفسه .
واذا اعدنا الهواجس التي عبر عنها القادة الثلاثة ( كردي وشيعيان ) مع عدم وجود حديث سني عن انقلاب مع ان العرب السنة في العراق هم الذين تولوا طوال نصف قرن تقريبا عملية الانقلابات العسكرية ضد بعضهم البعض من ابناء المؤسسة العسكرية التي هيمنوا عليها منذ اوائل القرن العشرين حتى تسريح اخر جندي عراقي باوامر الحاكم المدني الاميركي السابق بول بريمر فان هذا يعني ان الشراكة الشيعية ـ الكردية التي قامت على انقاض نهاية دولة العرب السنة في العراق التي استمرت نحو 80 عاما بدات تهتز في الوقت الذي لم يجر بعد انجاز حتى التعديلات الدستورية .
ليس هذا فقط فان التحذيرات التي وردت على لسان الدكتور عادل عبد المهدي مما اسماه عسكرة المجتمع وهوما بات يعبر عنه الحديث عن مجالس الاسناد في الوسط والجنوب وما بدات تفرزه من خلافات بين الدعوة والمجلس الاعلى وافصاح الجلبي عن ان الجهة التي يمكن ان تقوم بالانقلاب هي جهة شيعية يعني اننا مقبلون على مرحلة حاسمة وحساسة في الوقت نفسه .
وفي حال صح ذلك فان البلاد يمكن ان تغرق في بحر من المشاكل والصراعات قد تفتح الباب امام شتى الاحتمالات . ومن هذا المنطلق فان وحدة العراق يمكن ان تتعرض لخطر جدي هذه المرة خصوصا اذا ما اضفنا التصريحات الاخيرة لرئيس الوزراء نوري المالكي بشان ضرورة تقوية المركز على حساب الفيدراليات .
وباعادة رسم المشهد ثانية فان الصراع يتمحور بشان صراع شيعي ـ شيعي في الجنوب بين الدعوة الداعي للمركزية وبين المجلس الاعلى الاسلامي المطالب باقليم الجنوب الفيدرالي وصراع نصف شيعي ـ كردي في الشمال حيث ان المالكي يرى ان الامن والسيادة خط احمر وما عداه يمكن ان يكون موضع نقاش حتى على صعيد الفيدراليات .
وبحساب عرب كما يقال فان المالكي يريد فيدراليات مقدور عليها وتحت هيمنة المركز وهو مايتناقض تناقضا صريحا مع المطالب الكردية الواضحة بان تكون الفيدرالية حقيقية وفوق ذلك معبرة عن الخصوصية القومية الكردية .
وبين هذا وذاك فان هناك ربما طرفا ثالثا هو الذي يمكن ان يستفيد من هذا الصراع الجديد بشان الانقلاب المزعوم ويذيع في غفلة من زمن المتصارعين الجدد وهم انفسهم حلفاء الامس بيان رقم واحد لاسيما وان الولايات المتحدة تريد ان يكون دخول الحمام العراقي ( زي ) خروجه كما يقول اخوتنا المصريون .
لقداثارت تصريحات ادلى بها مسؤولون عراقيون بشأن وجود خطة لاحداث انقلاب عسكري في العراق الكثير من التكهنات ، بعد ان اشار الى هذا الموضوع عدد من المسؤلين الكبار بينهم نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ، والدكتور احمد الجلبي والدكتور ابراهيم الجعفري ومسؤولين من احزاب سنية ، فيما اثارت مقالات لكتاب عراقيين ردود افعال كبيرة بعد ان كشفت ان عودة ضباط عراقيين من الجيش السابق الى الجيش الحالي ربما تكون جزء من التخطيط للانقلاب .
ورغم ان اراء الكتاب وردت في مواقع وصحف عراقية او عربية في الخارج الا ان تحذيرات بدأت تصدر من جانب الحكومة وبعض المقربين منها في هذا المجال ، تعبر عن القلق ، خاصة بعد زيارات قام بها الفريق الركن رعد الحمداني قائد فيلق في الحرس الجمهوري في عهد النظام السابق ومجموعة من ضباط الجيش الى بغداد للبحث في حل مشكلة الجيش العراقي السابق الذي سبق ان حله بريمر ، وبقيت قضيته معلقة والتي بحثها الفريق الركن الحمداني وبعض الضباط الكبار لاستعادة حقوق الجيش المهضومة بعد مرحلة مصادرة لها وبعد ان خضع منتسبو الجيش السابق إلى حملات من التقتيل والاعتقالات المفتوحة والتهجير والتجويع والإذلال، وكانت مهمة الوفد اعادة رواتب الجيش السابق واعادة الضباط الى الخدمة والتي حققت انجازات مهمة في هذا الصعيد حيث اعيد عدة الاف من الجنود والضباط السابقين فيما تقرر تعويض فترة الفصل التي اقرها بريمر برواتب تقاعدية لانقاذ عائلات الكثير من الجيش السابق التي تحولت الى الفقر بسبب قرار حل الجيش .
وفيما يرى بعض الكتاب الذي ناقشوا قضية الوفد العسكري العراقي الى بغداد بانه مخطط لاحداث انقلاب بالاتفاق مع القوات الامريكية التي وفرت الاجواء لوصول هذا الوفد الذي اقام في بغداد ،ان الفريق الركن رعد الحمداني يقيم في عمان وان زيارته الى بغداد جاءت بتفويض عدد كبير من ضباط الجيش العراقي السابق وحظيت بترحيب شخصيات عسكرية ووطنية وسياسية عراقية حيث تم تخويله ووفد عسكري عراقي يمثل كبار ضباط الجيش السابق تخيلا اخلاقيا لمناقشة قضية الجيش العراقي السابق مع الحكومة المسؤولين الامريكيين ، وبعد عدة لقاءات تم الاتفاق على اعادة رواتب الجيش واعادة من يصلح او يرغب للخدمة ، وان ذلك كان في محاولة لانقاذ الالاف من عائلات الجيش العراقي السابق التي حرمت من مصادر رزقها وتشرد بعضها في الداخل والخارج ، وتعرض بعضها للقتل والخطف والاعتقال ، وان هذا المشروع قد لقي ترحيبا كبيرا من منتسبي الجيش العراقي السابق الذي اعيدت لهم حقوقهم ، واعتراف الامريكيين بخطأ حل الجيش العراقي ، وقد كان مطلب عودة الجيش وضمان حقوقه مطلب جميع القوى الوطنية العراقية منذ الاحتلال الامريكي الذي قام بحل الجيش حتى الان .
لقد بحث الفريق خلال زياراته الثلاث الى بغداد و استغرقت كل زيارة ثلاثة أيام وعلى التوالي 24 /3 ،1/5 ،20/7 هذا العام ، كما تبنى بشجاعه من أجل إسقاط التهم السياسية الباطلة التي ألصقت بالجيش العراقي،والدفاع عن القيادات العسكرية الأسيرة،وحقوق الجيش المهضومة وبالرغم لتعرضه لشتى أنواع المخاطر من أجل الهدف ،وكل التفاصيل وكل جهود المباحثات كانت تعلن على الملأ من خلال وسائل الأعلام المختلفة ،وبعلم العديد من القيادات السياسية الوطنية،وبعلم وبمؤازرة المئات من كبار ضباط الجيش داخل العراق .
ويذكر ان الفريق رعد الحمداني هو احد قادة الجيش العراقي السابق وهو من المع القيادات العراقيه ويحضى باجماع ومباركة عناصر الجيش العراقي .