facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




للاسف لن يتحرك احد .. !!


حسين الرواشدة
11-12-2016 01:44 AM

يقول الخبر : في صيف عام 2014، أُصيب 60 شخصاً في قرية كاليتشي التي تقع في شمال كازاخستان بالنوم المفاجئ، واستيقظوا بعد ذلك وهم يعانون من فقدان ذاكرة جزئي وغثيان ودوار، في حين أُصيب بعضهم بسكتات دماغية خلال نومهم. وفي العام نفسه، شهِدت المدارس نوم مجموعة من الطلاب داخل الفصول الدراسية، ما أدى إلى إيقاف الدراسة، خصوصاً بعدما بدأ الطلاب في الهلوسة ورؤية أشياء غريبة كثلاجات تتدلى من سقف الفصل الدراسي وأقزام وأفيال وأحصنة مجنّحة.
هذه بالطبع ظاهرة غريبة من نوعها، لم يُعرف لها تفسير إلى الآن، وهي حالات النوم المفاجئ التي تصيب قاطني القرية من دون إنذار سابق، وتتراوح فترة النوم ما بين يومين إلى ستة أيام، مع هلوسة سمعية وبصرية ومن دون أن يتذكر الشخص ما حدث له.
السكان المحليون اكدوا أن هذه الظاهرة بدأت منذ العام 2010، وكانت أولى الضحايا فتاة اسمها ليبوف لايبوكا، التي كانت تتحدث مع صديقاتها لتسقط فجأة على كرسيها من دون حراك، وفق ما نشره موقع “هافينغتون بوست”.
آنذاك أُجريت الفحوصات للايبوكا، ولم يُكشف عن أي إصابات ولم تستجب لمحاولات إيقاظها، بل استيقظت بعد أربعة أيام من تلقاء نفسها، مع أعراض لفقدان الذاكرة المؤقت.
وانتشرت الظاهرة سريعاً، حتى أصابت 129 شخصاً من أصل 680،لكن العلماء والأطباء عجزوا عن إيجاد تفسير واضح لهذه الظاهرة، في حين اعتقدت وزارة الصحة في كازاخستان أن السبب قد يكون من الأبخرة التي يتعرّض لها السكان في موسم التدفئة، إلا أن ذلك لم يُثبت لأن الظاهرة استمرت على مدى الفصول الأربعة.
وأجرى الأطباء دراسة من خلال أخذ سبعة آلاف عيّنة من السكان والتربة والهواء، واستبعدوا، بعد ظهور النتائج، أن يكون السبب هو مرض الالتهاب السحائي، كما لم يجدوا أي شيء غريب في التربة والمياه والهواء.
في آخر الأبحاث، توصل العلماء إلى ثلاثة تفسيرات محتملة لهذه الظاهرة، ابرزها “الهستيريا الجماعية”، حيث توجه له العلماء والأطباء بعدما عجزوا عن إيجاد تفسير علمي، وهي هستيريا تظهر بسبب القلق طويل المدى، والذي تتحول أعراضه إلى الضحك والبكاء والنوم المتواصل وارتعاش الأطراف. وتنتشر هذه الظاهرة في المجتمعات الصغيرة المُغلقة والمنعزلة، كالمدارس والمصانع.
حين قرأت هذا الخبر تذكرت مسألتين : الاولى من عالم الخيال وهي قصة فيلم العمى الذي قدمه المخرج البرازيلي (فيرناندو ميريليس) عن رواية للكاتب البرتغالي (خوسية ساراماجو) ، وهي تتحدث عن سائق يقف امام اشارة المرور الحمراء ، ثم فجأة لم يعد يرى امامه شيئاً ، لقد اصيب حقاً بالعمى ، يتطوع احدهم لانزاله من سيارته والقائه على الرصيف ، ويفرّ هارباً بالسيارة ، لكنه ما يلبث ان يصاب بالعمى ، يقف الرجل الاول على منصة الشارع ، فيقترب منه رجل آخر ليساعده على الوصول الى بيته.. ثم ما يلبث ان يصاب بالعمى.. وهكذا ينتشر الداء في كل المدينة ، امرأة السائق تصاب بفقد البصر بعد ان لمست زوجها ، والطبيب الذي فحص عيونه.. والجيران.. ولم يبق في المدينة الا امرأة واحدة ، هي زوجة طبيب العيون ، تعاين مشهد العميان ، ولكنها تتظاهر بالعمى خوفاً على نفسها..
المدينة – بالطبع – تغرق في الفوضى ، كلاب تنهش جثث الميتين من الجوع ، اكوام القمامة لا تجد من يرفعها ، لا سيارات ولا كهرباء ولا حركة ، الناس يحاولون ان يتسللوا للشارع ، وأياديهم تسبقهم للمس الاشياء ، لا قوانين ولا محاكم ، الغرائز اللاانسانية تستيقظ فجأة وتفعل ما تريد..
مضمون الرواية يتجاوز – بالطبع – الحديث عن فقدان البصر بمعناه العضوي المعروف الى الحديث عن العمى الروحي والنفسي ، العمى السياسي والاخلاقي ، الذي اصيبت به الانسانية وافقدها القدرة على رؤية عذابات الناس وآلامهم ، وهو ما عبر عنه احد ممثلي الفيلم حين قال : في هذا العالم لا نرى الاخرين، ولان العدوى تنتقل – فوراً من مكان لآخر ، فان احداً ليس بمأمن من الانهيار الذي يبدأ بالقيم والعلاقات الاجتماعية ثم يمتد لكل ما يرتبط بالانسان والحضارة الهشة .. كما حدث تماماً للمدينة التي أصابها العمى.
المسألة الثانية من عالم الواقع، يمكن ان تنقلها من سوريا وتحديدا حلب او من العراق وخاصة الموصل او من اليمن وليبيا ..الخ، وفيها من المشاهد ما لا يمكن ان نتصورة، جثث الاطفال في الطرقات وتحت الابنية ، بكاء النساء والمشردين ، الجائعون الذين يأكلون اوراق الشجر، عالم يجمع ما حدث في القرية الكازخستانية وما حدث في مدينة العميان ايضا.
اذا كانت الحكومة في كازخستان في ضوء عدم إيجاد تفسير لهذا الظاهرة الغريبة تعمل الان على نقل السكان من قريتهم إلى مناطق أُخرى، واذا كان سكان مدينة العميان في الفيلم ، يستعيدون بصيرتهم ،ابتداء من السائق الذي اصيب بالعمى امام الاشارة ، حيث يعود البصر للجميع بالترتيب ، واحداً بعد الآخر ، بعد ان يتفق الجميع على العودة الى انسانيتهم ، الى الحب والعدل والعمل ، وهي الوصفة الوحيدة التي يقدمها ساراماجو للشفاء من هذا الداء. فماذا يمكن ان نفعل في عالمنا العربي الذي انتشرت فيه لعنة الذبح ورائحة الموت في كل مكان. الاجابة معروفة لكن لن يتحرك احد لاقتناصها للاسف.

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :