facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




على طريقة البورصة


د. صبري ربيحات
16-12-2016 01:05 AM

لا أحد ينكر أهمية الكسب والربح والاستثمار. لكن من غير المعقول أن تكون هي المحرك الأساس والوحيد لكل ما يقوم به البعض، والتغاضي عن تسلل القيم التجارية وحسابات الربح والخسارة المادية لقطاعات ومجالات كنا نعتقد أنها وجدت لتقوم بمهام ووظائف لا تخضع لحسابات السوق، وجرى تنحيتها وتفريغها لأعمال وأهداف وقيم أسمى من الكسب المادي وتنمية رؤوس الأموال.
مجالات كثيرة في حياتنا، والعديد من طرق تفكيرنا وعاداتنا ومزاجنا وممارساتنا، أصبحت تشبه طرق التفكير والعادات والمزاج والتصرفات التي يقوم ويتسم بها المضاربون في أسواق البورصة؛ فلم يعد للمكان أهمية في تشكيل سلوكنا وتوجيه اهتماماتنا كجماعات، بل أصبح كل فرد منا منشغلا بتواصل مع جماعات وأفراد خارج دائرة المكان؛ تارة يتحدث وتارة ينصت، وأخرى يمضيها في إرسال واستقبال رسائل نصية، في حالة أقرب ما تكون لممارسات المضاربين في الأسواق المالية وهم يلاحقون تطورات الأسعار، ويتممون صفقاتهم وسط التغيرات التي تجري لحظة بلحظة.
مظاهر حياتنا اليوم وربما جوهرها، لا تختلف كثيرا عن حياة التجار الجدد الذين يمارسون تجارة لا تحكمها إلا قواعد الربح والخسارة. فالمنظومة الحسابية التي توجه علاقات المضاربين وقوى السوق، لا ترتبط كثيرا بمعنى العمل وأخلاق التجارة، ولا بنوع المنتجات ومستهلكيها. وفي كثير من الحالات، لا يهتم المضارب بما يجري إنتاجه وبكيفية تسويقه، بمقدار اهتمامه بالقيمة السوقية التي يعمل البعض على صناعتها وترويجها.
المضاربة في الأسهم الفعلية والافتراضية لم تتوقف عند الشباب الطموح الراغب في الكسب السريع، بل أغرت أيضا بعض الطامحين والطامعين، فعملوا على توظيفها كوسيلة للتضليل والاحتيال في العديد من المجتمعات البسيطة خلال الأعوام الماضية. والقدرة التي امتلكها البعض لإقناع العامة إيداع ممتلكاتهم والدخول في مضاربات وهمية، ما كانت لتكون لولا ضعف أخلاق وقيم التجارة التي كانت مهنة يحكمها النبل والصدق والأمانة، وظلت وسيلة للكسب الشريف وظيفتها تأمين احتياجات الأهالي من السلع والخدمات بجودة عالية، مقابل أرباح معقولة.
المشكلة اليوم تكمن في تحول أنماط الشعور والتفكير والاتجاهات؛ إذ تخلى العديد من التجار والعمال والزراع، وحتى من الإداريين والسياسيين، عن الكثير من قيم الصبر والمثابرة والحكمة والرشاد والعمل الجاد، ليحل محلها مزاج البورصة.
اليوم، كثيرون لا يلتزمون المعايير والقواعد المهنية والأخلاق التي توجه الأعمال والحرف. والكثير من الأخلاق والممارسات التي تسود الأسواق الجديدة تسللت للعلاقات الأسرية والاجتماعية والمهنية، وبعض المجالات التي يقتضي العمل فيها التحلي بأعلى درجات الأمانة والخلق وضبط النفس والإيثار، واختيار العاملين فيها ضمن مسابقات وتمحيص استنادا إلى شروط ومعايير صارمة.
خصخصة الوظيفة والدور، لحساب الفوائد التي يمكن أن يجنيها من يقوم عليهما، ظاهرة خطيرة بدأت تطل برأسها علانية في أهم مؤسساتنا قبل سنوات، لكنها تتسلل بشكل خطير في جوانب ومجالات عديدة من حياتنا هذه الأيام.

الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :