في وداع سفير المحبة رحمة الزعابي .. ل يوسف الزعبي*
23-10-2008 03:00 AM
السفير الاماراتي رحمة حسين الزعابي ابوخالد عميد السلك الدبلوماسي النشط الذي سحر الناس في ابتسامته وتواضعه واحترامه واخلاقة العالية. رؤوف له من اسمه النصيب الاكبر، كان دائما نصير الفقراء والضعفاء والمرضى ومن يقصده طالب العون والمساعدة،شعاره "تبسمك في وجه اخيك صدقة" ملأت مكاتب السفارة والمراجعين، وكان قدوة الجميع في هذا النهج.
واعتذر منك سعادة السفير بان انقل للمواطنين ما قلته لي مؤخرا وانت تستعد للرحيل بداية الشهر القادم، حينها سألت سفير المحبة عن شعوره، فقال لي :" اشعر بحزن عميق لان هذا البلد الطيب هو بحق بلدي الثاني وقد شعرت اني بين اهلي وناسي طوال السبع سنوات التي مضت..لكن هذا هو القدر والنصيب الذي يجب ان نؤمن به خيره وشره كما امرنا بذلك الخالق عز وجل، كذلك الواجب الوطني المقدس حينما نلبي ما يأمرنا به أولي الامر منا...واقول بصراحه - والحديث للزعابي- ان جسدي سينتقل الى بلد اخر لكن روحي وقلبي ستبقى هنا بين احبتي واعزائي على تراب الاردن الغالي".
في بداية عملي كنت ارغب في معرفة حدودي كاعلامي وسياسي في السفارة من خلال مسؤولي مباشرةً، وحينها توجهت الى السفير الزعابي وسأتله:" كيف اعمل ومن اين انطلق وماهي صلاحياتي، فقال لي واتذكر ذلك جيدا" لسنا ممن يضع الحدود والقيود فنحن تعرف بلد المحبة والاتحاد... اعمل بما يمليه عليك ضميرك ودينك وانسانيتك لما فيه مصلحة الاردن والامارات والامة كلها".
نعم لم تكن هناك قيود ، بل كانت الاخلاق العالية ترعانا، والتعامل الحسن يطوقنا، لا اذكر طوال السبع السنوات التي قضاها السفير الزعابي في السفارة وفي الاردن انه قد تلفظ بكلمة نابية بحق أي شخص ،فقد كان يستقبل الاساءة بصدر رحب وحلمه المعروف، ويعالج أي مشكلة او قضية تواجهه او تعتري أي جانب من جوانب العلاقة الثنائية الوثيقة بكل هدوء وكفاءة واقتدار شأنه في ذلك شأن نهج السياسة الخارجية المتزنة والحكيمة لدولة الامارات العربية المتحدة.
في الجانب الرسمي كان حريص على متانة العلاقة الاردنية الاماراتية المتطورة في شتى المجالات وقد ساهم في ارتقائها، وفي الجانب الشعبي احترم العادات والتقاليد للعشائر وكافة الاطياف وقد كان حريص على تلبية دعوات المواطنين في الافراح والاتراح والمناسبات الاخرى وتواضع حتى انك تجده دوما بين العامة، وهم من اطلقوا عليه " السفير الاماراتي الاردني"، معتبرينه واحدا منهم ومن اسرهم.
على عهده تطورت العلاقات الاقتصادية الاردنية الاماراتية بشكل كبير ومتسارع واذكر ان حجم التبادل التجاري بين الاردن والامارات عند بداية تعين السفير رحمة الزعابي عام 2001 لم يتجاوز الـ 67 مليون دينار.في حين ان حجم التبادل التجاري لعام 2007 قد بلغ 370 مليون دينار ويتوقع ان يتجاوز الـ 400مليون دينار في نهاية العام الجاري.
اما الاستثمارات الاماراتية في بداية عام 2001، فتشير بعض التقديرات انها لم تتجاوز الـ 60 مليون دولار، وفي الوقت الحالي تقدر بنحو 8 مليارات دولار اذا ما اضفنا اليها مشروع شركة المعبر الاماراتية في ميناء العقبة الذي يقدر بنحو 5 مليار دولار سينفذ على مدار السنوات القليلة القادمة.
لا نستطيع ان نعرج على كافة اوجه العلاقات او نوفيها حقها، فهي متطورة جدا سواء في الجانب العسكري حيث يتضح التعاون العسكري الكبير وتبادل الخبرات والتنسيق المستمر لحضور كافة الفعاليات والمعارض العسكرية، منها: ايدكس في الامارات وسوفكس في الاردن ، حيث يحرص كبار المسؤولين والقيادات العسكرية العليا على حضور تلك الفعاليات، وهذا ينطبق ايضا على المجال الثقافي والتعليمي وكافة الجوانب الاخرى.
اما الجانب السياسي، فهناك وحدة حال بين كلا البلدين ،وهذا يتضح من خلال الزيارات المتكررة لجلالة الملك عبدالله الثاني واصحاب السمو الشيوخ حكام الامارات العربية وكبار المسؤولين في كلا البلدين، كذلك هناك تنسيق وتوافق وانسجام تام في سياسة كلا البلدين تجاه أي قضية او مسألة تهم البلد الاخر.
نعم ...اننا نشكر دولة الامارات العربية المتحدة التي تهمها الاردن وتخصها دوما بكوكبة من الدبلوماسيين، ممن نهلوا من مدرسة حكيم الامة زايد الخير-رحمه الله- ومن بعده وسار على نهجه بكل كفاءة واقتدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، كما كانت توجيهات وزير الخارجية سمو الشيخ عبدالله بن زايد للسفراء الاماراتيين في الخارج دليلا ونبراسا للانضباط والاعتدال والحفاظ على الوحدة والاخوة بين الشعوب العربية، وترجمة لما تسير عليه سياسة الدولة من اعتدال وحكمة.
من منا لم يحب السفير الزعابي ، من منا لا يحب من احب الاردن كما احب بلده ، من منا لم يحب هذا الاخلاص والانتماء للامة والانسانية، فلقد نلت يا ابا خالد وسام المحبة باقتدار من كل الاردنيين، واوكد كما قال احد الكتاب في مقالته ان الزعابي لو رشح نفسه للانتخابات في أي منطقة في الاردن من الشمال حتى الجنوب سيحصد القلوب قبل ان يحصد الاصوات.
لقد احببناك يا سفير الامارات...لانك احببتنا...ولا يسعنا الا ان نقول لك وفقك الله اينما كنت وسدد خطاك على طريق الخير والبركة..وان موطنك هو قلوب الاردنيين النشامى..فتذكر دوما هذه القلوب التي تحبك.
***اعلامي سفارة دولة الامارات العربية المتحدة/ عمّان