عمون – لقمان إسكندر -في الدوار الرابع مضارب عشيرة تدعى "المناصبة" تربطها أواصر دم خفي، ليس كأي دم عشيرة أخرى. في الدوار الرابع وزراء بعضهم أولياء بعض.

في عرف الحكومات المسؤولة، لا تكاد تصل جثامين مجزرة كالتي وقعت ثاني أيام عيد الفطر، على طريق الأغوار الجنوبية -الطفيلة بعد عودة معتمرين من الأراضي المقدسة، وسقط فيها ستة مواطنين اردنيين إضافة الى عشرات الجرحى، حتى تكون ورقة استقالة الوزير المعني قد وضعت على طاولة الرئيس، إنها مسؤولية أخلاقية يتحملها المسؤول الأول في قطاعه. لكن "معنا الحكومة غير" .

ما كشفه وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الدكتور وائل عربيات وهو يرد على سؤال حول الجهة المسؤولة المقصرة عن المجزرة يكشف بعض الأسرار. يقول الوزير عربيات: "لا نريد أن نقول أن هناك جهة مقصرة، فنحن حكومة متكافلة متضامنة مع بعضها البعض، لكن لا بد من إجراءات صارمة".

لم يشرح الوزير معنى "متكافلة متضامنة"، ولم يقل على ماذا هي – أي الحكومة -متكافلة متضامنة؟ وهل ظن الوزير بهذه الكلمتين انه يمدح أم يذم؟ كأنه أذن في واد آخر.

لن يشفع للحكومة ومسؤوليها المعنيين وجود خطأ بشري تسبب في المجزرة، ولن يشفع لها البحث عن "كبش فداء" حتى وإن كانت يده ملطخة بالخطايا.
ما كان ملاحظا اليوم هو وقوف الحكومة على قدم ونصف وهي تريد تحميل اكبر كمية مسؤولية ممكنة على الشركة والسائق. طبعا هناك اخطاء فادحة ارتكبت لكن هل هذا يحمي الحكومة عن تحمل ما وقع؟

أما وقد وجد الخطأ، فالأصل أن يمضي المتسبب به الى القضاء، فيما يذهب وزير "القطاع" إلى منزله، من دون ان يحميه قوله أن هناك خطأ بشري واضح وان سائق الحافلة سلك طريقا بالغة الخطورة، كما صرّح وزير الأوقاف.

كما المريب وقد قال خذوني، تستشعر الحكومة التي على رأسها بطحة المسؤولية، تفاعل قضية حادث المعتمرين، فراح كل وزير بحقيبته يدلي بدلوه. فيما كان الغطاء الرسمي هو: طريق الحادث لم يكن مخصصا للحافلات.
يشرح الدكتور عربيات رعب المشهد: كانت الحافلة تسير الساعة الثالثة فجرا، على طريق غير مضاء، كثير المنعطفات.

جهد حثيث لإبعاد المسؤولية عن الجهات المسؤولة. فهل هذا يكفي؟
على حد وصف وزير الأوقاف، "فلولا لطف الله لما خرج أحد من الحافلة حي.. كانوا خرجوا مقطعين".

مجددا، هل هذا يبعد المسؤولية عن جهات رسمية يفترض انها ترعى حياة المواطنين.

وزير النقل جميل مجاهد بدوره كان له سرد آخر لمشهد الحادث. في تصريحات له يعترف مجاهد بتقصير وزارته. وهو اعتراف يحسب له بالتأكيد. وزير النقل ذهب الى ابعد من ذلك، عندما تعهد بالعمل على عدم تكرار مثل هذه الفاجعة.

بوضوح ودون التفاف أو لعب بالكلمات يقول وزير النقل – وهذه ايضا تحسب له -أن النظام الخاص بالحوادث، جرى تفعيله على كل مسارب النقل "الجوية والبحرية والسككية"، من دون أن يجري تفعليه على النقل البري.

لن يسأل رئيس الوزراء أحد عن السر في عدم تفعيل نظام الحوادث الخاص بالمسرب البري. لكن ربما الامر ان مجرد مواطنين في الغالب غير مهمين يسيرون عليه.

قامت ضجة وتحول الحادث الى رأي عام، فما فعلته الحكومة افتعال ضجة مقابلة تغطي على ضجة الرأي العام.

هذا كل شيء.