facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من جيتو وارسو إلى جيتو غزة


ياسر ابوهلاله
08-01-2009 04:31 AM

ترسم كربلاء جديدة في غزة ، ينتصر الدم على السيف . حسنا لو كانت طفلتك التي يطوقها الحديد وكتل الإسمنت تحتل الصفحات الأولى هل ستتذكر كربلاء ؟ من يجيب نعم بسرعة إما أن يكون كذابا أو بلا قلب . فالنبي عليه السلام وقف على وفاة ابنه إبراهيم وقال :" إن القلب ليحزن وأن العين لتدمع وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون " .
فكم من إبراهيم يحزن عليه القلب وتدمع العين ؟ يسهل البكاء والتباكي ، تماما كما يسهل الفخر والتفاخر .. الصعب هو أن تتخذ قرارا بالمواجهة المكلفة . وما شخصية الشهيد نزار ريان إلا تعبير عن هذا الصراع العنيف بين السياسي والأخلاقي والإنساني . فكان قراره غير المنطقي بعدم الاختباء هو والعائلة ، حماية لقرار المواجهة الذي كان من متخذيه .
يحلم الناس جميعا بعالم بلا حروب ، وفي الإسلام الذي يشكل المكون الثقافي الأساسي " كتب عليكم القتال وهو كره لكم " فالنفس البشرية تكره القتال .وفي قصة الخلق قالت الملائكة " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ". إلا أنه وفي كل الشرائع والقيم الإنسانية ظل مطلبا اضطراريا لإقامة العدل وبسط الأمن ونشر السلام :" وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها، واجعل لنا من لدنك وليا، واجعل لنا من لدنك نصيرا" .

الصراع بين الأخلاقي والإنساني والسياسي لا يقتصر على أهل غزة ، فاليهود أنفسهم يحتفلون بذكرى المحرقة " الهلوكوست " في يوم 18 -1 بعد عشرة ايام وهو اليوم الذي شهد عام 1993 انتفاضة جيتو وارسو في بولندا . يومها خاضت قلة من المقاتلين (مئة إلى أربعمئة ) معركة على ثلاثة جبهات : ضد السلطات النازية الألمانية وضد المتعاونين معها من البولنديين ، والأخطر ضد البوليس اليهودي المتعاون في الجيتو مع النازيين . تسلح المقاومون اليهود بالمسدسات والرشاشات القصيرة وحفروا الأنفاق ونصبوا المتاريس . وتضامن الجيتو معهم صمدوا أقل زهاء شهر ، وانتهت المعركة بانتصار الجيش النازي وتدمير الكنيس اليهودي واستكملت عملية الترحيل .
لم توثق الحرب العالمية الثانية على الهواء كما توثق الحرب على غزة اليوم . إلا أن السجالات الأوروبية في حينها لا تختلف عن سجالاتنا . ولو كان القرار إنسانيا لكان على أوروبا أن ترقص للنازيين لا تقاومهم .فالمقاومة كانت مكلفة جدا أودت بحياة الملايين .
إنسانيا ، كان أبناء غزة والضفة يعيشون بمستوى حياة أفضل قبل دخول السلطة ، وقبل سيطرة حماس . كان الشباب عمالا لدى الإسرائيلي يعودون إلى بيوتهم جيوبهم ممتلئة . فهل هذا عادل ؟ تسترق شعبا كاملا وتحرمه من حقه في الكرامة والحرية وتشغله لبناء المستوطنات التي تبنى على أرضه المستلبة ، ويشقى في المصانع لينعش اقتصاد المحتل و... هل هذا عادل ؟
المقاومة اليوم في غزة هي الأشرس في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ، وخسائرها هي الأقل . لنتذكر صور الشهداء من جنود مصر الذين حصدوا بالآلاف في صحراء سيناء وثبت أن كثيرا منهم قتلوا بعد الأسر ، لنتذكر حصار بيروت .. ليست مقاومة عبثية ، ويكفي صمودها إلى اليوم . وأقسى ما تواجهه المقاومة هي صور الأطفال تحت الركام . فالمجاهد اتخذ قراره بوعي لكن من يقرر عن الأطفال ؟
العالم أكثر قسوة ، والعامل الإنساني ليس وحده من يقرر مسار الصراع . والسجالات ستسمر من جيتو وارسو إلى جيتو غزة .
الغد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :