facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن بين عهدين .. "لكل زمن دولة ورجال"


رنا الصباغ
15-02-2009 01:55 PM

عمون - يعتقد ساسة خدموا مع الراحل الملك الحسين أن نجله البكر, الملك عبد الله الثاني, ربما يكون أكثر حظّا من والده الذي حكم الأردن قرابة نصف قرن واجه خلالها محاولات اغتيال داخلية وخارجية, وخطر مدّ قومي وشيوعي وناصري معاد للملكية, وحروبا وتحديات سياسية إقليمية شرخت نصف مملكته عام 1967 واستهدفت أساسات وجودها.

في مستهل حكمه, اضطر الحسين الغض أن يدير الأردن من خلال مجلس وصاية لنحو عام قبل أن يكمل الثامنة عشرة من عمره ويستلم سلطاته الدستورية يوم 11/8/ 1952 ليبدأ رحلة بناء مؤسسات الأردن الحديث, وحماية نظام المملكة وفرض دور إقليمي سيتعاظم لاحقا من خلال لعبة السياسة والدبلوماسية: تبديل الخنادق والتحالف مع الأصدقاء والأعداء.

ولأكثر من عقدين عمل الحسين مع رجال خدموا الملك المؤسس عبد الله الأول الذي استشهد على أدراج المسجد الأقصى في تموز ,1951 ثمنا لسعيه صوب تحقيق حلم السلام المفقود.

المخاطر الداخلية كانت تحت السيطرة تقريبا حين اعتلى عبد الله الثاني العرش عام .1999 رابع ملوك الأردن, الذي تسلّم الحكم وهو على مشارف عقده الرابع, أفاد بلاده أيضا من الفورات الاقتصادية كما ظلّ في مأمن من المؤامرات السياسية وحتّى الأمنية, التي كان يضمرها لوالده الراحل زعامات الدول المجاورة خلال حقبة المد القومي, البعثي والناصري.

أيام الحسين, كان الفارق الزمني والفكري بين الملك ورجاله كبيرا, كالفرق بين الأجداد والأحفاد.

خلال الفترة الانتقالية بين الأجيال, أضطر الملك حسين أن يغيّر عشرات الحكومات, بعضها استمر اياما أو أشهرا في زمن القلاقل والحروب الإقليمية. عام 1957 فرض الأحكام العرفية وحظر الأحزاب السياسية - باستثناء "جمعية" الإخوان المسلمين. بعد أن خسر الضفة الغربية عام 1967 جمّد الانتخابات التشريعية لما يزيد على عقدين, وواجه فوضى خلقتها عملية تحدي التنظيمات الفلسطينية لهيبة الدولة ما بين 1967 و.1970

وربما كان زيد الرفاعي أول رجالات الدولة من جيل الحسين, إذ لم يكن قد أكمل عامه السابع والثلاثين حين كلفّه الملك بتشكيل حكومة عام .1973 فكر الرفاعي كان يحاكي نهج قيادته السياسية التي ركزت على الخارج أكثر من الداخل بسبب طبيعة المخاطر المتحركة. وقتها بدأت الحكومات تعمّر لفترات زمنية أطول - بعضها امتد اكثر من ثلاث سنوات- بينما خدم الرفاعي خلال فترتين زمنيتين لما يزيد على سبع سنوات.

لكن الرفاعي ومجلس وزرائه, وغالبيتهم من الشباب, لم يسلموا من سهام نقد "الحرس القديم" الذي أطلق عليهم وصف "أولاد النيدو" تماما كحال "وزراء الديجتال" الشباب الذين اختارهم الملك عبد الله الثاني لتنفيذ رؤاه لتسريع تحديث الأردن.

اذا, ما حصل مع الملك عبد الله الثاني لم يختلف كثيرا عن تجربة والده مع برنامج الإدارة والحكم, ذلك أن الملك الشاب اضطر حتى الآن لتجريب ستة رؤساء حكومات تأرجحوا بين التقليدية-المحافظة العشائرية أو البيروقراطية أو العسكرية, والتكنوقراط الأكاديمي غير المسّيس, والليبراليين.

لكن "يبدو أن ذاكرة الأردنيين قصيرة فهم لا يريدون تذكّر فصول التاريخ الداخلي الحديث", بحسب سياسي مخضرم, يحاول رسم مقاربة بين العرشين.

بخلاف والده الذي استفاد من مدرسة جدّه السياسية بحكم قربه منه, جاء الملك عبد الله الثاني من المؤسسة العسكرية, التي خدم فيها عقدين من دون احتكاك كثيف مع طبقة "الكريما السياسية". وهكذا وجد نفسه بلا تحضير مسبق, مسؤولا عن إدارة شؤون أسرة قوامها أكثر من ستة ملايين نسمة متعددة الأصول والمنابت لم تصل بعد إلى تكريس مفاهيم المواطنة ودولة القانون.

لذلك اضطر للاتكاء إلى انضباطيته العسكرية ودوراته الأكاديمية في أوكسفورد البريطانية وجورج تاون الأميركية, واعتمد على أشخاص متضادين أحيانا في مواقع مفصلية أساسية بما فيها رئاسة الديوان والحكومة ودائرة المخابرات العامة لتنفيذ التصور الذي يريده للأردن الحديث والذي بانت ملامحه بعد أسابيع من توليه السلطة عام .1999 المحور الرئيسي ظل التركيز على الشأن الداخلي لتطوير النظام الاقتصادي والاجتماعي والقضائي الذي يظل, برأيه, أساسا لتحديث سياسي تدريجي بالتزامن مع العمل من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة متواصلة جغرافيا قابلة للنمو والحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة لحماية أمن واستقرار بلده.

لكن بحسب رجال العهد القديم, فإن اضطرار الملك الشاب لتغيير رجالات الصف الأول والتأرجح بين مدارس فكرية وسياسية بأولويات مختلفة, لا يعني غياب الانتظام في الرؤية والسياسات, كما يعتقد ساسة وحزبيون. "ما يحصل هو جزء من تطور عملية الإدارة السياسية لأن استمرارية نظام الحكم يمثّلها الملك ومؤسسة العرش".

ويتابع أحد الساسة المخضرمين أن "ما تغير في العهد الرابع هو أسلوب الإدارة عبر التركيز على ملفات معينة دون غيرها والاضطرار لتغيير الأشخاص بسبب أدائهم الضعيف وغياب المقدرة على تنفيذ الرؤية الملكية".

بسبب دينامكية شخصيته وإصراره على تنفيذ أوامر التحديث أمس قبل الغد, لجأ الملك عبد الله الثاني إلى تجنيد شباب جاء غالبيتهم من القطاع الخاص.

ويقول أحد الساسة المخضرمين "كان هؤلاء الشباب على مرتبة عالية من الخبرة في مجالات عملهم ومناسبين جدا لتنفيذ السياسات التي يريدها الملك". لكنه أردف أن "ما كان ينقصهم هو الخبرة في طريقة عمل مؤسسات الدولة وإدراكهم أن السياسات المرجوة يجب أن تمر عبر الأقنية الصحيحة »الحكومة والبرلمان والسلطة القضائية« لأن أيا كان لا يستطيع إدارة الأردن كشركة خاصة".

ويستطرد المسؤول قائلا: لكن هؤلاء الشباب نسوا أن الولاية العامة هي للحكومة, وأن الدستور مرجعيتنا وأن الملك رئيس السلطة التنفيذية لكنه يحكم من خلال وزرائه وأن أوامره الشفاهية والكتابية معفاة من المسؤولية لأنه كرئيس دولة فوق المساءلة والرقابة, وبالتالي لا يكون مسؤولا أمام مجلس النواب". ونسوا أيضا "أن أي انجاز تحققه الحكومة يحسب له »للملك«, لكن أي إخفاق يحسب عليه وهنا كان المقتل لأن جميع المسؤولين قابلون للتغيير ما عدا الملك".

للقفز فوق بطء الماكنة البيروقراطية المحبطة للرؤية الملكية, نشأت مؤسسات بديلة "وأصبح الملك عبد الله الثاني مسؤولا عن إدارة الدولة بتفاصيلها الصغيرة »المايكرو« إضافة إلى تحديد وجهة السياسات الخارجية التي لطالما كانت من صميم عمل الملك مع أن التنفيذ كان يتم من خلال وزارة الخارجية".

خلال السنوات الثلاث الماضية تضخم الجهاز الإداري في الديوان الملكي وصولا إلى ثلاثة آلاف موظف وموظفة تقريبا ما عدا الحرس, مقارنة مع ثلاثمئة في الماضي.

لذا اشتد الصراع بين مدرستين سياسيتين متناقضتين حيال المكاسب والنفوذ. الأولى تضم غالبية محافظة تضم من يرفض الانفكاك بسرعة عن الدولة وتفكيك مؤسساتها الأمنية والسياسية وإضعاف الولاية العامة عبر خلق أطر عمل موازية غير دستورية. هذا التيار الواسع غير المتجانس يصر على الإبقاء على دور الدولة الإجتماعي والاقتصادي, محصنا بثقافة المؤسسية الأردنية وثوابت الدولة والمجتمع الذي قامت عليه المملكة. ويشعر أنصار هذا التيار أيضا بأن مستقبل بلادهم بات مهددا وأن هناك من يحاول تفكيك المؤسسات لكسر الإرادة الشعبية وتحضير الأرضية لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن, في المقابل تقف أقلية متجانسة تتبنّى نهج الليبرالية الاقتصادية لا السياسية, تحاول هندسة مجتمع جديد من خلال طبقة اقتصادية-اجتماعية تدعم نهج تسريع الخصخصة الذي بدأ عام .1989

هذه الأقلية تؤمن بتقليص دور الدولة شبه الرعوي من خلال وقف الهدر في برنامج الدعم الحكومي وتوجيهه للفئات الأقل حظا, مع أن عددا من أقطابها أهدروا عشرات الملايين على مشاريع تنموية ثبت فشلها لاحقا. أتباع هذه المدرسة يطالبون بحفز القطاع الخاص لأنه يولد فرص عمل. الأخطر في هذه المجموعة تبنيها لوجهة نظر عملية ومحاسبية في قضية "الحقوق والمواطنة" الحساسة وهي تريد تحصيلها عبر إقامة نظام محاصصة سياسية قبل إقامة الدولة الفلسطينية وانتزاع حق العودة والتعويض ولو كان ذلك على حساب نهج سارت عليه الدولة لعقود وأمن توازنات مطلوبة. ويعتقدون أيضا أن المدرسة المحافظة تسعى إلى تقويض جهود التحديث الملكي للمحافظة على المكاسب بدلا من تعزيز مفهوم دولة المواطنة.

يخلص ساسة مخضرمون إلى أن الملك عبد الله الثاني ما يزال يحاول التجسير بين المدرستين لدعم برنامج التحديث. لكنه قرّر الوقوف في منطقة الوسط, لذا أطلق التغيير الأخير مع رئيس الوزراء الحالي نادر الذهبي الذي أستعاد الولاية العامة للحكومة تدريجيا بينما عاد رئيس الديوان للعب دوره الأساسي كحلقة وصل وتنسيق بين الملك وسائر سلطاته في زمن يسعى القصر إلى وقف تغّول جهاز المخابرات وحصر دوره الأمني-السياسي في محاربة الإرهاب.

"بصراحة, اثبتت التجربة خلال العقد الأخير أن الحكم يستطيع أن ينجز الكثير من خلال السلطات التنفيذية والتشريعية وليس على حساب مؤسسات الدولة عبر إيجاد طرق سريعة وبديلة", يستخلص أحد المسؤولين خدم في العهدين. "فالأصل", يشرح المسؤول, "أن يتم التغيير في السياسات والتنفيذ من خلال المؤسسات المعنية لأن الهدف هو حماية سيّدنا ولن يتم ذلك إذا اختبأ كل المسؤولين وراءه".0

rana.sabbagh@alarabalyawm.net
عن العرب اليوم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :