facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العدوان على البيئة تهديد سافر للتنمية المستدامة


د. عادل يعقوب الشمايله
04-07-2018 10:59 AM

سيطر مفهوم النمو الاقتصادي والنمو الاقتصادي وحدهُ، على أذهان الاقتصاديين ومن ثم السياسيين منذ بدايات الثورة الصناعية. فقد كان الاعتقادُ السائدُ وحتى منتصف القرن العشرين، أن النمو الاقتصادي كفيلٌ بحلِ كافة مشاكلِ الدول والشعوب وأنهُ سِرُ السعادة والاستقرار والقوة. غير أن النتائج على أرض الواقعِ تختلفُ عن تلك التوقعات الى درجة أن اصبح شعارُ النمو الاقتصادي الاعور والاطرش ينتسبُ الى مجموعة أسلحة الدمار الشامل.

فمن ناحية، لم ينجح النموُ الاقتصاديُ في مَحو الفقرِ في أي دولة من دول العالم، كما لم يفلح في تخفيض معدلات التفاوت في توزيع الدخل بين طبقات المجتمع، بل ان العكس هو الصحيح. هذا الفشلُ أدى الى عدمِ الاستقرار السياسي وسقوط أنظمة في بعض الدول وخُسرانِ الانتخابات من قبل الاحزاب التي تبنت تلك الشعارات في دول اخرى.

لكن ما هو أخطرُ من الفقر ومن عدم العدالة في توزيع الدخل، الاثار البيئية لذلك النهج التنموي. فقد أدى شِعارُ النمو الاقتصادي أولا الى تلوثٍ كامل لمُعظمِ الانهار وشواطيء البحار والمياه الجوفية والينابيع والهواء وتآكلِ المساحات الخضراء وخاصة الغابات، كما خُرِبت التُربة الزراعية، وأصبحَ مِن المعتاد إرتداءُ الكمامات طيلة الوقت في العديد من مدن العالم. واذا ما تم احتساب الكلف المالية التي تتحملها الدول حكومات وافرادا لعلاج الامراض الناجمة عن التلوث بكافةِ اشكالهِ ومصادره نجدُها تتجاوزُ عشرات المليارات. فاذا أضفنا الى ذلك، قيمة الاضرار لمصادر الغذاء وخاصة الاسماك، فان رقم الكُلفة يقفزُ ايضا عشرات المليارات الاضافية، مما يجعلُ معدلات النمو الحقيقية سالبة وإن بَدت لغيرِ المُختصين إيجابية. أمام هذا الواقع، ظهر مفهوم التنمية المستدامة.

هذا المفهوم يُركزُ على أنه طالما أن الانسانَ هو هدفُ التنميةِ، وأنهُ مَن يجب أن يحصُدُ منافعها، وطالما أن الانسان هو العنصر الاهم على الكرة الارضية، فإن أي تهديدٍ لمصلحته وسلامته وسعادته يجب أن يُحال ضِدهُ قبل أن ينشأ، وأن تُزالَ التهديدات القائمة عاجلا قبل آجلا. إن الطريق للتنمية المستدامة يبدأ مِنَ الحفاظِ على البيئة. والمقصودُ بالبيئة هو كل ما يحيط بالانسان، بل كُلُ ما عدا الانسان. فقد سخر الله كلَ شئ للانسان حسبما تُبينُ الكتبُ السماوية وغيرها من كُتب الاديان التي يؤمنُ بها البشر، وهو ما لا يُنكره أيضاً أيُ عاقلٍ حتى ولو لم يكن متدينا.

وبالتالي فإن أية اعمالٍ تُناقضُ ذلك التصورَ، ينجمُ عنها تسخيرُ الانسانِ نفسه للتنميةِ والمصالحِ والارباحِ، تقعُ في باب الخروج على إرادةِ الله خالق الكون ومُنظم شؤونه. إن أي تجاوزٍ على البيئةِ هو خرقٌ لقوانين الكون التي هي أسمى من كافةِ القوانينِ وأولاها بالتطبيق. أمام هذا الادراك لاهمية البيئة، وأن الحفاظَ عليها هو شرطٌ أساسيٌ للحفاظ على التنمية أصلا، فإن النمو الاقتصادي والتنمية بكافة أشكالها الاجتماعية والتربوية والثقافية والصحية والصناعية والزراعية لن تكون مُستدامة، أي ستكونُ مُعرضةً للانهيار والفشل، اذا لم تُولى البيئةُ أقصى درجات الرعاية والحب بل والعشق.

وإدراكاً مِن أُممِ العالمِ المتحضرةِ، بعد أن قاست ما يكفي من رداتِ الفعل على هُجومِها الهمجي على البيئة، فقد تم توقيعُ العديدِ من الاتفاقات بين حكوماتها للحفاظ على البيئة، بعد نِقاشات وحوارات وأحياناً صِراعات. كما أُنشأت في معظم الدولِ وزاراتٌ أو إداراتٌ وَسُنَت قوانينٌ صارمة للحفاظ على البيئة. ولم تتوقف صحوة الامم المتقدمة عند ذلك، بل التزمت بتقديم تعويضات للدول النامية مُقابلَ ما يصلها من تلوث. ولذلك يتلقى الاردنُ، شأنهُ شأن العديد من الدول الناميةِ عشرات الملايين من الدولارات سنويا كتعويضات، ولِحفز الحكومة الاردنية لاتخاذ الاجراءاتِ المُناسبةِ لِمَنعِ ومُعالجة المخاطر البيئية التي تنجمُ عن أفعالِ مواطنيها أو مَن تستضيفهُ مِن مُستثمرين. وعلى الرغم من أن كلا من وزارات الصحة والزراعة والجمارك والصناعة والتجارة والمواصفات والمقاييس وامانة العاصمة والبلديات مسؤولةٌ بموجب قوانينها عن الحفاظ على البيئة ورعايتها، فقد أنشأت وزارةٌ مُتخصصةٌ للبيئةِ، كما وأنشأت مُديريةٌ للشرطةِ البيئيةِ في الامن العام.

ومن الانصافِ، الاعترافُ أن تلك الوزارات والدوائر والبلديات المشار اليها قد أبلت بلاءا حسنا في مكافحة المخاطر البيئية المحلية والمستوردة، وأن ما تقوم به حتى بعد نشأة وزارة البيئة يتفوقُ كثيرا على دور وزارة البيئة التي شاخت في طفولتها. ويرى كثيرٌ من نشطاء البيئة وجمعياتهم أن الوزراة قد إستهواها أن تكونَ هامشيةً، في حين يرى البعض الاخر أن المُقررِ لها أن تكون هامشيةً لأنها أُنشأت إرضاءاً للدول والمنظمات العالمية التي تقدم معونات للاردن كمبرر لاستمرار تدفق تلك المعونات والتصرف بها على أوجه اخرى. والدليل، أن ما يرصد للوزارة في الموازنة العامة لا يعبر عن وجود سياسة بيئية. إن الامثلة على قُصور وزارة البيئة أكثرُ من أن تُعدد في هذا المقال، وتكفي بعضُ الامثلةِ للتدليلِ والاثبات.

لقد فشلت الوزراةُ بضبط تدفق الزبل الطبيعي وخاصة زبل الدجاج غير المعالج للمزارع خاصة في الاغوارِ رغم توفر الزبل المعقم، وبالرغم من إفتراضِ تواجدِ دوريات الشرطة البيئية على كافة المقاطع المسيطرة على الطرق المؤدية للمزارع. النتيجةُ أن الاغوارَ التي تُعتبر منطقة السياحةِ الرئيسية في الاردن، أو التي يمكن أن تكون ويجب أن تكون كذلك، تُعاني الامرين من الذُبابِ والناموس والروائح الكريهة. هل تستطيعُ وزارة البيئة والشرطة البيئية أن تُشككا بذلك؟ إن المتفقد للمزارع في الاغوار عند بداية كل موسم لا بد وأن يشاهد أكوام زبل الدواجن في كل مزرعة، كما أن عشرات الالاف من الاردنيين الذين يتنزهون في الاغوار يشهدون على أن الذُباب يُنافسهم، بل ويُقاتلهم على كل قطعة كباب.

المثالُ الثاني هو سُحب الغبار الناجمة عن استخراج رمل صويلح وغيرها من انواع الرمال في منطقة الرامة على طريق البحر الميت، لاستخدامها في تصنيع الخرسانة والتي تصلُ عنان السماء. هذه السحب الرملية التي تمطر في رئات سكان الرامة وسويمه والشونة والعدسية وناعور ومرج الحمام والمشقر أظهرُ من أن تخفى على وسائل الرقابة التي تمتلكها وزارة البيئة وأكبرُ من أن يُسكتَ عليها بسبب أضرارها الصحية الفادحة ناهيك عن أضرارها على المزروعات والسياحة خاصة وأن العديد من فنادق خمس نجوم قد أُنشأت لاستقطاب السياح للاستمتاع بدفء الاغوار في الشتاء والميزات العلاجية للبحر الميت. ومن الجدير بالتنويه، أن المخاطر لا تقتصرُ على غبار المرامل، بل تتعمق بسبب الشاحنات اثناء نزولها لتحميل الرمال واثناء عودتها محملة به بسبب كبر أحجامها وسرعاتها الزائدة لانها مُحصنةٌ من المخالفات كما يُشاع. ويرى الكثيرون أن النزول الى الاغوار عبر طريق السلام المار بمرج الحمام وناعور يعتبر مُجازفة عالية المخاطر.

في ضوء هذه الحقائق، لا بد من التساؤل: مَن أولى بعنايةِ وزارة البيئة، عشراتُ الالاف من المواطنين والزراعة والسياحة، أم مصلحة المستثمر بتلك المرامل كائنا من كان؟ لقد كلّ سكان الرامة وسويمه مِن المُطالبةِ بوقف تلك المرامل ونقلها الى شرق الطريق الدائري أسوة بمثيلاتها المملوكة لاناس أقل نفوذا.

لماذا يستثنى هذا المستثمر ويبقى فوق القانون؟ إنني اعلمُ أن التلوث "شرٌ لا بد منه" وأنهُ من مُخرجات التطور في شتى المجالات، ولكن الصراع مع حالات "الشر الذي لا بد منه"، يستهدف تقليله وتقييده على الاقل. لهذا، فأنا لا أدعو الى قطع مصادر عيشِ الناس، كما أنني مع تنمية التنمية لا تحجيمها، إلا أن إنتمائي وكافة العقلاء، للتنمية المستدامة أكبر. وحيثُ ان معظم الناس على الكرة الارضية يؤمنون بمبدأ أن مصلحة المجموع تعلو على مصلحة أي فرد أو قلة من الافراد، فان الامر يستدعي أن تتخذ وزارة البيئة وبقية الوزارات المعنية الاجراءات اللازمة لازالة هذه المرامل من موقعها الحالي الى موقع لا تسبب فيه الاضرار المشار اليها اعلاه.

أرجو من دولة رئيس الوزراء الذي عمل في البنك الدولي ويعرفُ أكثر مِنْ غيرهِ، إهتمام البنك بقضايا البيئة، زمن معالي وزير البيئة أن يتأكدا بأعينهما من حقيقة الامر ومشاهدة سحب الغبار المتصاعدة، كما أنني مستعد اذا كان هناك تشكيك، ان أزودهما بصور كاميرا او هاتف نقال تثبت ما ذهبت اليه. هل دولتكم ومعاليكم مستعدون لتنفيذ أمر النبي عليه الصلاة والسلام " أميطوا الاذى عن الطريق"؟ اليست حركة الشاحنات على شارع سياحي أذى؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :