facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الفلسفة والنهضة


ابراهيم غرايبة
01-12-2018 12:26 AM

في المحاضرة التي قدمها د. وجيه قانصوه وعقدتها منظمة النهضة والديمقراطية بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة كان السؤال الأساسي (والأزلي أيضا) عن العلاقة بين الفلسفة والنهضة؛ هل الفلسفة تؤشر إلى النهضة، بمعنى أنها منتج حضاري واجتماعي يؤشر إلى مستوى الوفرة والتقدم لدى أمة من الأمم، مثلها مثل العمارة والموسيقى والشعر، .. أم هي مدخل أساسي وضروري للنهضة؛ بمعنى أن النهضة لا تعمل إلا بمشروع فلسفي يطلقها، لكن كيف تتشكل فلسفة النهضة من غير نهضة؟

الحال أن الفلسفة بمعنى السؤال والبحث عن الإجابة والحكمة هي عمليات قائمة ومستمرة في كل الأمم والمجتمعات (تقريبا) فالأفراد والجماعات تملك على الدوام أسئلتها وفي ذلك تنشئ فلسفتها، وهي (الفلسفة) كما الدين والشعر والموسيقى والعمارة والفنون والآداب تعكس وعي الذات، وتقيس على نحو دقيق مستوى التقدم كما الأزمة التي تعيشها أمة من الأمم، كما أنها لا تنشئ النهضة والتقدم على نحو تلقائي، بل إنها يمكن أن تكرس التخلف والفساد والاستبداد، وتمنحها القوة والتماسك والحجج المنطقية والمعرفية، وبالطبع فقد نظرت هنا إلى الجانب العملي والتطبيقي للفلسفة بما هي أداتنا المعرفية لإنتاج المعنى لحياتنا، ولتنظيم علاقاتنا الداخلية والخارجية، وليس الفلسفة بمعناها التأملي وجهدها المستقل بذاته ولذاته لأجل إدراك حقائق الأشياء! وهنا فقط يغلب عليها أنها تتشكل في بيئة متقدمة اقتصاديا واجتماعيا وعلميا!

لكن أيضا وفي هذا الإطار المحدد للفلسفة فإن شعوبا ومجتمعات تبدو من وجهة نظرنا "بدائية" ولا تسود فيها قراءة وكتابة كانت قادرة على إنتاج أسئلة وتأملات عميقة في الحياة، كما أنشأت (وهذه حالة واضحة ومجمع عليها) خبرات ومعارف متقدمة في الحياة والبيئة والطبيعة، أنظر على سبيل المثال خبرات ومعارف الأفراد والجماعات في الصحارى والشواطئ والغابات بالطرق والآثار والبحار والأنهار والطبيعية والنباتات والكائنات الحية على نحو يتفوق على ما لدى العلماء والباحثين والجامعات ومراكز الدراسات المتقدمة.

يقول كلود ليفي شتراوس، أستاذ علم الإنسان (الانثروبولوجي) ورائد النظرية البنيوية بعد دراسة طويلة للجماعات التي لا تكتب، أو تلك التي ما تزال تعيش كما كانت الحياة قبل الكتابة، أنها شعوب قادرة على التفكير تفكيرا منزّها عن الهوى؛ أي أن أفرادها يتحركون من خلال الحاجة أو الرغبة في فهم العالم المحيط بهم؛ وليس تفكيرا نفعيا. وهم يتقدمون من خلال وسائل عقلية، بالضبط كما يفعل فيلسوف أو عالم. يستطيعون ذلك، ويطمحون إليه أيضا، ولديهم معرفة دقيقة ببيئتهم ومواردهم. كما أن معارفهم عن الصحارى والنباتات والحيوانات والمناخ والأنهار والبحار متقدمة جدا، وتفوق في كثير من الأحيان ما توصل إليه العلماء والباحثون المتخصصون.

لقد كانت الفلسفة هي بداية الفعل المعرفي للإنسان، وعنها انبثقت جميع المعارف والعلوم والأفكار والاتجاهات المعرفية والتكنولوجية، فالفلسفة هي جذر شجرة العلم والمعرفة، إنها السؤال أو مبتدأ المعرفة ومحاولة إدراك حقائق الوجود والحياة والأشياء والموت، وفي تاريخ الأفكار فقد جاء الدين منظومة الحقائق والإجابات والسلوك التي عجزت الفلسفة عن الوفاء بها، ثم وفي العلاقة بين الفلسفة والدين نشأ التنظيم الاجتماعي، القرى والمدن والحكم والاقتصاد والإدارة والحروب والصراعات (الحروب منتج حضاري متقدم ولا تكون إلا في ظل التقدم!) .. ثم نشأت الكتابة لتنظيم المجتمعات والموارد والتعبير عن الأفكار والمشاعر المتشكلة في التنظيم والارتقاء، ثم كانت العلوم والتكنولوجيا وصارت جذع شجرة المعرفة أو عمودها الفقري، وفي ما أنشأته من تقدم وازدهار نشأت الفنون والآداب والعمارة والموسيقى تعبيرا عن الاستيعاب المعرفي للحياة ولتطويرها نحو التمييز بين القبيح والحسن، وفي تراكم التجارب ومراجعتها كان التاريخ، ثم الفلسفة من جديد!

الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :