facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الكلفة المجتمعية لشبهات الفساد


علاء مصلح الكايد
11-06-2019 06:50 PM

في حادثة شهدتها بنفسي ، عدل أحد المعارف عن خطبة فتاة اتُّهِمَ عمُّها بجرم الفساد شعبيّاً حيثُ تناقلت المنصّات الخبر و ثبت لاحقاً وبعد سنوات تبين ألّا علاقة للمتّهم بالواقعة المشار إليها من قريبٍ أو بعيد.

ولعلّ أسوأ ما يمكن أن يحدث هو استمرار معاناة أبناء و حتّى أحفاد مَن اتُّهِموا دون وجه حقٍّ حيث أنّ بحثاً سريعاً على محرِّك البحث “ Google " كفيلٌ بالإبقاء على وصمة العار هذه كتهمةٍ مؤبّدةٍ لا يملك الموصوم وذويه وسيلةً لدفعها أو إنهاء أثرها.

لا يستطيعُ أيّ منّا أن ينكر تمدُّد هذه (الدّمغة) السوداء لتشمل سمعة الأسرة وربما العشيرة بأكملها، لا لسلبيّتنا بل لأنّ بذرة النزاهة مستقرّةٌ فينا و تدور مع علاقاتنا وجوداً وعدماً.

وقد جرّم القانون العامّ إفشاء المعلومات في حال حظر النشر بقضية من القضايا التحقيقية واعتبرها سريّة الإجراءات في كلّ الظروف والأحوال، و تناولت القوانين الخاصّة كقانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في المادة (٢٢) منه خصوصية هذه الملفات وحظرت على موظفيها إذاعة وإفشاء معلوماتها قبل إحالتها إلى النيابة العامّة وحتى بعد تركهم للخدمة، كما تناولت منظومة التشريعات الإعلاميّة بعض البنود - وإن كانت جيدة إلّا أنها غير منسجمة مع بعضها وبحاجة لصيانة وإحكام - و لم يكفي ذلك كلّه لوقف سيل الإشاعة والاتّهام الجزافيّ.

فلا بدّ للعمل نحو تطويق هذه الظاهرة وأن ينصرف إلى شقّين، الأوّل رقابيٌّ داخليّ على الجهات الشريكة في العمل الرقابيّ، و الثاني تشريعيٌّ يتعلّق بتداول الشائعات.

و عن الأوّل، لا بدّ من تكثيف الرقابة على موظفي الدوائر ذات العلاقة و ربما أن هذا لن يكون ممكناً ما لم تعتمد المراسلات الإلكترونية للوثائق ذات الطبيعة الخاصة مبدئيّاً، فيكون كل موظّفٍ مُطّلعٍ على الكتب معروفاً ومحدّداً للحدِّ من انتشار المعلومة و/أو معرفة مسرّبها لدى الحاجة سنداً للتوقيت، إضافة لوسائل أمنيّة أُخرى في سياق الإحاطة والتحوُّط.

أمّا عن الثاني المتعلق بإطلاق الشائعات الجزافيّة وتداولها أو ما يعرف بـ "اغتيال الشخصية"، فما من علاجٍ بديلٍ لتغليظ العقوبات القانونية والماليّة على وجه التحديد، وربما أن هذا الحقّ أولى وأن يستخدمه المتضرّر بالدرجة الأولى وعلى الإعلام أن يسانده بالإضاءة على مثل هذه القضايا لدى نظرها وإعلان أحكامها حتى يتحقق عنصريّ الزجز الخاصّ والردع العام، مع الإبقاء على الحقِّ العامّ تفادياً لإسقاط الدعوى من قبل المشتكي حال رضوخه للضغوطات الاجتماعية، على أن يُراعي القضاء في أحكامه شدّة الضرر والأذى و الواقع على الأفراد والجماعات بعقوبات مالية وغرامات رادعة، وإضافة نصوص قانونية تلزم أصحاب الصفحات الشخصية بنشر خلاصات الأحكام تماماً كما هو في قانون المطبوعات والنشر النافذ بالإضافة إلى سلوك اتجاهٍ مباشر مع المنصات الكبرى لكفِّ الأذى كما فعلت دولٌ عدّة كألمانيا وفرنسا.

إن هذه الظاهرة شديدة الفتك بالمجتمع وغريبة حيث أن العامة والإعلام لا يتداولون أسماء الجناة حتى في أبشع الجرائم، و يُرَدُّ ذلك للشُّعور بأنّ الفاسد يعتدي على مال الدولة و الذي هو مالُ الشعب بخلاف الجرائم الواقعة على أشخاص أو أموالهم الخاصة رغم جسامتها.

لكن، كما نريد كبح جماح الفساد ووأد أذرعه فإنّنا نحتاج التبيُّن دون تعميم الإساءة و تأبيدها على الشُّرفاء من أبناء الوطن و بناته، و هذا حقٌّ مكفولٌ بكل المواثيق و الدساتير والقوانين ومن قبلِها الأديان، و رغم حسن خُلُق أبناء هذا الوطن وبناته فإنّ هذه الغاية لا توكَلُ فقط إلى التربية والأخلاق بل هي مسؤوليّة القانون والقائمين على إنفاذه، فأعلى مجتمعات العالم تحضُّراً هي أكثرها التزاماً بالتشريعات عبر اتِّباع أحكامها واجتناب نواهيها، و هذا ما يفسّرُ النّسبيّة في التزام مواطن بالقانون في بلدٍ وخروجه عنه في بلدٍ آخر، و ما من معنى لـ"احترام القانون" إلّا بالخوف من عواقبه.

هذه رسالةٌ نريد أن نحقّقها في المجتمع بسلاسة طوعيّةٍ قبل أن ينجم عنها - لا قدّر الله - ما لا يحمد عقباه، و قبل أن توصم معظم عائلاتنا وعشائرنا بوصمة هي أجلُّ منها و أرفع، و حتّى لا نُعيق عمل الجهات المسؤولة ونربك خُطاها فتراعي الكلفة الاجتماعية لمكافحة الفساد على حساب الكلفة الحقيقيّة للفساد على البلاد .

لا ضَرر ولا ضِرار والضرر يزال، و لا بدّ من الحوار المجتمعيّ الهادف لتعريف الجمهور بالفوارق الواقعية بين النقد و التجريح، فدرء المفاسد مقدّمٌ في القانون على جلب المصالح، و باستطاعتنا أن نحفظ كليهما بحرفيّةٍ وبلا إفراط أو تفريط.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :