facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رجل بأمة .. أحمد الزرقان


07-12-2009 02:02 PM


في الذكرى العشرين لاستشهاد الدكتور عبدالله عزام..

اول لقاء جمعني به كان أمسيه ومحاضره ماتعه ومفيده له في دار الاخوان المسلمين في شارع السلط في اوائل السبعينات من القرن الماضي , عن سيرة وحياة المفكر العظيم , والاديب الاريب , والعالم المبدع الشهيد سيد قطب رحمه الله , وكان الدكتور عبد الله من أشد المتأثرين بفكر سيد ونهجه وسيرته ومواقفه , ولقد كان لاسلوب الدكتور عبدالله الشيق الرشيق في طرح هذه السيره العطره , مغناطيسية كبيره لجذب النفوس والعقول , ومن شدة تأثري به فإنني ما زلت أحفظ معظم أفكار تلك المحاضره البديعه , ومعانيها القويه المؤثره الى يومنا هذا , ومما شدني لمتابعة كل كلمه قالها الدكتور رحمه الله , وجه نوراني صبوح يشرق بالايمان , وثغر يفترّ عن إبتسامة رضيه لا تفارقه , يتصدق بها على اخوانه ويوزعها في كل إتجاه , وعيون ذات بريق ولمعان أخآذ تتقد بالعزم والتصميم , وقسمات وجهه البرئه الصادقه ومحياه الآسر يخفي خلفهما روح شفافه تألف وتؤلف , ومنطق ساحر جذاب , ولغة رصينة واضحة بينه , وأسلوب ساحر وجميل برّاق , شيخ همام ما إن تراه حتى تألفه , وما إن تسمعه حتى تحبه في الله , وما إن ترافقه حتى تبقى رهينا لشخصيته الهادئه والثائره في آن واحد , وتحس أنه يقوم بدور ضخم وكبير وكأنه رجل بأمّه , يعزز ذلك علم جم غزير, وحافظه نادره ألمعيه , وحرقه للاسلام قويه , وأقوال شاعريه , ويسند ذلك كله سلوك حميد , وخلق قويم , وكرم عميم , ومنطق رفيع , وبعد عن الشبهات , وفيئة للحق ووقوف عنده , وتواضع جم , وبيت مفتوح بلا ضجر ولا ملل , مما جعل الناس و شباب الدعوة يحبه , ويجله , ويقدره , ويتخذ منه رائدا , وقدوة , ونبراسا , وأسوه .

ولد الدكتور عبدالله سنة 1941م , في سيلة الحارثيه من قرى مدينة جنين في فلسطين , وفي بيت فلاحيّ بسيط ,أهل دين وخلق , وكان رحمه الله منذ نعومة أظافره متدينا ملتزما , ولما قرأ بعض النشرات عن جماعة الاخوان المسلمين , قام بمراسلة المراقب العام المرحوم محمد عبد الرحمن خليفه وهو مايزال طالب مدرسه في الصفوف الاعداديه , في ذلك الوقت الذي قلما تجد فيه شابا ملتزما بدينه , لانتشار الافكار الوافده وسيطرتها , فالشباب المتدين كان عملة نادره , فراسله المراقب ثم سارع وزاره في بيته وقريته , ولما لمح فيه نفس نابهه , وذكاء حاد , وفطنة وفهم ورجولة مبكره , وهو في ريعان شبابه وبواكير فتوته , عرفه على الداعيه الاستاذ شفيق أسعد , والمربي الشيخ فريز جرار , ثم التزم بعدها خط الدعوه , ونهل من معينها الصافي معارف جديده , وأفكار قويمه , وفهم عميق للاسلام وأهدافهووسائله الواضحه الاصيله . وبعدما تخرج من المدرسه إلتحق بمعهد خضوري الزراعي وحصل على دبلوم بدرجة إمتياز سنة 1959 . وعين مدرسا في مدرسة أدر في الكرك وبعد سنه انتقل الى مدرسة برقين في جنين .

وعندما إحتلت الضفة الغربيه سنة 1967 إمتشق الشاب عبدالله بندقيته الانجليزي ذات الخمس طلقات , وذهب مع بعض الشباب ليقاوم اليهود المحتلين , ولكن أهل قريته إجتمعوا حولهم وبجهد جهيد حتى أقنعوهم أن المعركه إنتهت والجيوش إنسحبت وأن سلاحهم وذخيرتهم لا تصمد دقائق مقابل ترسانة العدو المجرم الغادر .

ولم يهدأ للمرحوم بال ولم يقر له قرار , وما إن بدأت المقاومه تنطلق من الاردن لمحاربة اليهود حتى سارع و إنظم لقواعد الشيوخ , وكان أميرا لقاعدة بيت المقدس , وخاض خلال سنوات 68 , 69 , 1970 , معارك ضاريه مع العدو المحتل مع مجموعه من الشباب المسلم المجاهد , مثل معركة المشروع , ومعركة الحزام الاخضر , ومعركة خمسه حزيران , وقد كبدوا العدوا خسائر جسيمه في الارواح والمعدات , وأستشهد جمع من هؤلاء الشباب المجاهد . ونتيجه لما جرى في أيلول 1970 تجنب المشايخ الفتنه , ثم أغلقت الحدود وحال هذا الامر دون مواصلة الشيخ الشهيد الجهاد , حيث تفرغ لجهاد من نوع آخر في التربيه والاعداد والتعليم .

وكان الشيخ قد حصل على شهادة ليسانس الشريعه من جامعة دمشق سنة 1966 بتقدير جيد جدا , وأثناء وجوده في قواعد الشيوخ إنتسب الى جامعة الازهر و حصل سنة 1969 على ماجستير في أصول الفقه , ثم عين في كلية الشريعه في الجامعة الاردنيه , و بعدها أوفد سنة 1971 الى الازهر ونال شهادة الدكتوراه سنة 1973 بمرتبة الشرف الاولى . وكان اثناء دراسته في أرض الكنانه قد وجد ان معظم أهل الحق رهن السجون والمعتقلات , ولكن ذلك لم يقعده فقد تعرف على بعض أفراد من عائلة سيد قطب , وبعض المشايخ ممن هم خارج السجن , وكان له دور في العمل على مساعدة أسر هؤلاء الابطال المساجين دون خوف , او وجل , او خشية , اورهبه .

وبقي الشيخ يدرس في الجامعه الاردنيه وينشيء الجيل على الايمان والاسلام , والتربيه الجهاديه , وإلتف حوله الشباب في مخيمات التدريب والاعداد , وبلباسه ( الفوتيك ) يواصل الليل بالنهار, لا يعرف الكلل ولا الملل , وقته كله للدعوه والتربيه والاعداد , وبيته تحول الى مدرسة قرءانيه لينشيء جيل قرءاني ليكون له دور في الجهاد والتحرير في يوم اللقاء الموعود . ولكن قوى الظلام لم تطق جهده وجهاده وتربيته للشباب , وتم فصله من الجامعه الاردنيه سنة 1980 . وإنتقل بعدها الى جامعة الملك عبد العزيز بجده , ومنها طلب ان يوفد ويعار للجامعه الاسلاميه في إسلام أباد لكي يكون قريبا من أرض الجهاد في أفغانستان . وهناك حاول الدكتور ان يجمع محاضراته في يومين من الاسبوع ثم يتفرغ بقية الاسبوع ليسافر الى ارض الجهاد , ويشارك بما يستطيع , فأعتلى من على ذرى جبال الهندكوش هذه القمم السامقه وامتطى صهوة الجهاد الافغاني , وركب ذروة سنام الاسلام الذي عشقه في سفوح وجبال الارض المباركه المقدسه , وأقدم على الجهاد غير هياب ولا وجل بل يحدوه الامل , والحب , والشوق لنيل الشهاده , فقد كان يردد دائما : أن ذنوبنا لا يغسلها ويكفرها إلاان تسيل منا الدماء في سبيل الله , وان أعظم ما تطمح له النفس , ويطمع له القلب أن تكون الخاتمه شهادة في سبيل الله.

ثم إنه في سنة 1983 عندما رجع الى جده ليجدد إنتدابه في الجامعه الاسلاميه , وجد ان إدارة الجامعه قد نزلت له برنامجا لكي يدرس في جده , ولما رفضت الجامعه تجديد عقد الاعاره قدم إستقالته غير آبه , ثم تعاقد مع رابطة العالم الاسلامي مستشارا للتعليم في الجهاد الافغاني , وتفرغ للجهاد كاملا منذ 1984 ,فبعد ان تذوق حلاوة الجهاد في فلسطين ثم في أفغانستان شعر انه قد وجد ضالته المنشوده , وكان يقول هؤلاء الذين كنت أبحث عنهم منذ زمن بعيد , وسكن في بيشاور , وهناك قام بتأسيس مكتب خدمات المجاهدين , واستطاع أن يستقطب ألوف الشباب العربي والاسلامي المتعطش للجهاد , لخدمة الجهاد الافغاني , وكان لهذا المكتب نشاطات عظيمه , وكبيره , ومميزه , لخدمة الجهاد , تعليميه , وتربويه , وعسكريه , وصحيه , وأجتماعيه ,و إعلاميه , غطت معظم أنحاء أفغانستان .
واستطاع الدكتور عبدالله أن يصبح رائدا من رواد الجهاد , وعلما من أعلام التربيه الجهاديه على مستوى العالم ,كما خدم القضيه الافغانيه بجهود جباره وعظيمه , ونقل فكره الى جميع أنحاء المعموره , وجاهد بنفسه وماله وأهله أولا , ثم حرض المسلمين على الجهاد والتضحيه بالمال والنفس والطاقة والوسع والخبرة والعلم , فمن خلال محاضراته , وكتاباته , وندواته , ورحلاته , ومجلة الجهاد التي كان يحرر ويكتب معظم مواضيعها نقل الجهاد الافغاني نقلة هائله وكبيره لا يستطيعها دول وحكومات , لكن الاخلاص والصدق وبذل الوسع والجهد المستطاع بارك الله فيه , وأعطى ثماره اليانعه بأعظم نتاج وأكبر دور , وخلق من الجهاد الافغاني قضيه إسلاميه عالميه , تحظى بأهتمام العالم اجمع , وأيقظ بهذه القضيه الهمم وأستنفر المسلمين من جميع القارات لنصرة الجهاد الافغاني . وكان الشباب المسلم في العالم ينتظر مجلة الجهاد , ونشرة لهيب المعركه , والكتب , وأشرطة الكست على أحر من الجمر , وكانت مقالات الدكتور عن الشهداء وعشاق الحورالعين لها فعل السحر في تربية الشباب , وتحريضهم على المشاركه , لذلك كانت هذه الوسائل وجهود الدكتور هي نافذة الجهاد الافغاني على العالم .

ثم في داخل أفغانستان إستطاع أن يبني المدارس داخل الخنادق , ويفتح دور القرآن , ويبني المستشفيات , والمستوصفات الطبيه , ويطبع الكتب المدرسيه , والعلميه والفكريه والمصاحف , ويوفر القرطاسيه ويدعم المجاهدين بالمال الذي كان يجمعه من المحسنين على مستوى العالم , وعمل على كفالة الايتام والارامل , واستطاع ان يوقف سيل الزحف المتدفق للهجره الى باكستان , ويثبت الناس في أراضيهم وقراهم .

وكان مكتب الخدمات يستقبل المجاهدن من الخارج ويدربهم , ويجهزهم ثم يرحلهم الى ارض المعركه مع كفالتهم ما داموا فيها , ونتيجه لاحترامه من جميع القاده الافغان كان له جهود كبيره في التوفيق بينهم , وإنهاء بعض خلافاتهم ,وجمعهم على التوحد والعمل المشترك .

وكان رحمه الله يجاهد في افغانستان , وقلبه , وعقله , ونظره على فلسطين , وقد درب عشرات الشباب الفلسطيني , وشحنهم بمعاني الجهاد والثبات على ألحق , وكان لهؤلاء الشباب الدور الكبير في الانتفاضة الاولى سنه 1987 وكذلك بعض العمليات الجهاديه الناجحه. ومن هنا تنبه العدو اليهودي واخذ القلق الدائم يساور (الموساد)على دور الدكتور عبدالله في اعداد الشباب , ودور هؤلاء في الجهاد في فلسطين لذلك التقت اهداف اكثر من جهه للخلاص من الدكتور عبدالله أجهزة الموساد اليهودي , والسي آي إيه الاميركي , والكي جي بي الروسي , والخاد الافغاني , و الآي أس آي الباكستاني , مع بعض الانظمة العربية التي بدأ الخوف والقلق يدب في اوصالها خوفا على عروشها.

وعندما رأت اميركا الانتصارات القوية والباهرة للمجاهدين الافغان على الروس أرسلت (نيكسون) الرئيس الاميركي السابق لاستطلاع الوضع في باكستان وافغانستان , ولما دخل نيكسون مخيم (ناصر باغي)الافغاني مد يده ليسلم على رجل افغاني بلغ من العمر عتيا واذا بالرجل يقبض يده فانتفض الساسه والجنرالات الباكستانيين المرافقين للرئيس فقالوا : للرجل هذا رئيس الولايات المتحدة الاميريكية السابق (نيكسون)! قال الرجل: انا اعرف ذلك !! لكنني لن أضع يدي بيد كافر , ولا رغبه لي بمصافحته !! ثم إنه اثناء سيره تقدم منه شيخ افغاني قد أحدودب ظهره وقال بصوت مرتفع لنيكسون لماذا أعطيتم فلسطين لليهود؟! واخذ يتمتم عليهم باللعنات!! فاصاب نيكسون امر كالصاعقة واخذه الدوار!! امة تطحنها المصائب طحنا , وتقع عليها الرزايا كالمطر , وهم ثابتون كالجبال , متمسكون بدينهم ومبادئهم , ولا يذلون ولا ينحنون !! فلما رجع" نيكسون " الى أميركا عقد مؤتمرا صحفيا , ولما سأله صحفي ما المشكله الموجوده في أفغانستان ؟! قال المشكله هي ( الاسلام ) !! ويجب على أمريكا ان تتناسى خلافاتها مع روسيا , وتوقف هذا الزحف الاسلامي الخطير الذي بدا يدب في افغانستان وينطلق ويتقدم نحو العالم اجمع ، وان الافغان لن يكتفوا بهزيمة روسيا بل سيتحركون نحو نهر سيحون داخل الاتحاد السوفياتي ليحركوا سبعين مليون مسلم موجودين هناك واذا استمر الحال سيدفع الغرب الجزية عن يد وهم صاغرون .

وقبل ان يلتقي بوش الاب مع غورياتشوف في مؤتمر على سواحل مالطا للتوافق على كيفية انهاء القضية الافغانية كانت الخطة قد اعدت بالتعاون بين مجموعة من الاجهزة الامنية العالمية وعلى راسها الموساد للخلاص من هذه الظاهرة المقلقة , والمؤثرة , التي بلغ تأثيرها معظم اصقاع العالم , وتعدت الحدود , وتجاوزت كل القيود .
وقبل استشهاد الدكتور عبدالله بأقل من شهرين وفي ليلة ليلاء وساحة ظلماء , وضعت يد الغدر والخيانة والجبن والعمالة , بالتعاون مع حكومة حزب الشعب بقيادة بنازير بوتو في باكستان لغما ضخما تحت المنبر في مسجد الشهيد سبع الليل الذي يخطب فيه الدكتور عبدالله عزام رحمه الله , والذي يصلي فيه اكثر من الفي عربي مجاهد , ولكن قدر الله ان يكتشف خادم المسجد هذا اللغم وهو ينظف المسجد قبل صلاة الجمعة عندما أزاح المنبر الخشبي البسيط ذو الثلاث درجات فابلغ الاجهزة الامنية , فاخذوه , ولو إنفجر هذا اللغم لكان مجزرة عظيمة لألفي مجاهد في المسجد ، وعندما حظر د.عبدالله للخطبة وابلغ الخبر إبتسم إبتسامه عريضة , وقال: انا اعلم ان رأسي مطلوبا منذ ان تفرغت للجهاد سنة 1984 وان حياتي منذ ذلك التاريخ هي (نفل) اي زيادة من الله.

فالرجل كان يحمل روحه على كفه ويلقي بها في مهاوي ألردى , ورغم النصائح من كثير من الناصحين ان يترك ساحه الجهاد والشهادة ويستلم رئيس جامعه في إحدى الدول الافريقيه , الا انه أبى وفضل الجهاد والشهاده على كل مغريات الدنيا ومتعها . وبعد النصح الكثير غادر بيشاور الى داخل افغانستان , ومكث عدة اسابيع , ثم عمل على اتفاق كبير بين القائدين الرئيسين في الساحة حكمتيار(الحزب الاسلامي) ورباني (الجمعيه) على التوافق وانهاء الخلافات والعمل المشترك , وجاء الى بيشاور ليخطب الجمعه ويبشر الناس بهذا الانجاز الكبير . ولكن يد الغدر الاثمة الجبانه قد أعدت له هذه المرة لغما على زاوية الدخلة التي تدخل الى مسجد الشهيد سبع الليل , وهو بعرض ثلاثة امتار متفرعة من الشارع الرئيسي "جمرود رود" في منطقة "ارباب رود ", تحت أنقاض واتربة على زاوية الدخله , ثم مدوا سلك عن طريق المجاري بطول اربعين متراً , و وقفت السيارة المنفذه في محطة محروقات تنتظر صيدها , وكانت الخطة محكمة والمتابعة كبيرة , فعندما تأخر سائق الدكتور الخاص ركب في سيارة ابنه محمد وهي سياره صغيرة ويرافقه ابنه ابراهيم , وعين الغدر تراقبه ثم جاء سائقه ابو الحارث فطلب منه الدكتور ان يتبعه , ولما انعطفت السيارة الصغيرة من الشارع الرئيسي إلى دخلة المسجد , وعلى بطارية السيارة فجر اللغم الذي يقدر وزنه بعشرين كغم , وهو لغم موجه باحكام نحو السيارة مما ادى إلى شطرها إلى نصفين , وتمزقت جثث الابناء وانتثرت وطارت على مسافة عشرات الامتار حتى ان بعض ايدي واقدام ابنه ابراهيم تعلقت على جدران المحال المقابلة واسلاك الكهرباء . هذا ولم اشاهد اي رجل أمن باكستاني من الذين كانو يملأون المكان في الجمع السابقه .

أما الدكتور رحمه الله فقط وقعت جثته على بعد عدة امتار من السيارة وقد حفظ الله جثته , فكنت من أوائل من حضر بعد التفجير قادما لصلاة الجمعة فوجدت سائقه ابو الحارث يركض يمنة ويسرة يلاحق الجثث الممزقة لأبناء الدكتور , ووجدت جسد الدكتور سليما سوى جرح بسيط في جبهته ونزيف للدم من انفه , فوضعناه في سيارة بكب وذهبنا به إلى مستشفى الهلال الاحمر الكويتي ثم نقل الجميع إلى قرية دار الهجرة مخيم (بابي) , الذي يسكن فيه القائد سياف , وحفر قبر بثلاثة لحود في مقبرة الشهداء والتي دفن فيها قبله امه وابوه, وضع الدكتور بالوسط ويحضنه ابناءه من أمامه ومن خلفه , وكانت جمعة دامية حزينة أليمة , وحضر الدفن خلق عظيم من العرب والافغان والباكستان, وحضر مجموعة من القادة الافغان أبّنوا روحه الطاهرة مع ولديه الزكيين , واستشهد الدكتور الذي جمع الملايين الوفيرة للجهاد وهو مدين بخمس وعشرين ألف دولار .

انتقلت الروح إلى بارئها , ولكن فكر الدكتور وجهده وجهاده انتج حالة جهادية اسلامية عالمية لا تزال آثارها قائمة إلى أن يرث الله الارض ومن عليها , وكما قال سيد قطب رحمه الله : تبقى كلماتنا عرائس من شمع حتى إذا متنا من أجلها دبت فيها الحياه . وأختم بهذه الابيات التي أبّن فيها الدكتور محمد صيام روح الشهيد العطرة وهي ابيات معبره ..

كفكف الدموع فالمصاب ثقيل لا تواسيه ادمع وعويل *** يا(ابن عزام) اطمأن فإنا وفق ما كنت ترتجي وتقول
أمناء على العهود وفاءً ابديا لا ننثني او نحول *** ورباط في ارضنا وجهاد ليس فيه التراجع المرذول
وعزاء للمسلمين جميعا وعزاء لنا وصبر جميل *** ففي فلسطين اورق الغرس واشتد امام الردى وشب الفتيل
وتولى القيادة جيل جديد عبقري التوجهات أصيل *** والغزاة الذين ساد اعتقاد جازم ان طردهم مستحيل
ودعتهم اوهامهم ان يقولوا ان حدّيهموا فرات ونيل *** وتهاوت قدامهم جبهات ورجال ملء الفضا وخيول
ثم حين انبرت (حماس) اليهم ايقنوا انهم كيان هزيل *** و(حماس) هي الرجا المتبقي بعد ان سلّطت علينا الحلول تلك كانت من أمنيات إبن عزام فمن يا ترى الغداة البديل *** والى روحه بيان سريع غزة ارسلته بل والخليل

* الكاتب من قيادات الحركة الاسلامية في الاردن..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :