facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




طروحات أبو غزالة من منظور علمي وموضوعي


أ. د أحمد العجلوني
25-04-2020 08:32 PM

قبل أن أدخل في صلب هذا المقال فإنني سأجيب على تحفّظ البعض على نقد سعادة السيد أبو غزالة بأنه: لماذا يتم الهجوم على السيد أبو غزالة دون غيره؟ وهو الرجل العصامي الذي بنى ثروته من الصفر، والبلد فيه مئات الأثرياء الذين أكلوا خير هذا البلد مما حل منه وما حرم، فلماذا لا يتم التعرض لهم أيضاً؟! وردي هو بأنني أناقش أفكار الرجل وآراؤه، وليس سيرته الشخصية. وأكّدت في المقال الأول السابق احترامي لشخصه، وإنكاري لمن يسيء له بأي شكل.

ثم أنه لم يقم فلان أو علاّن من أثرياء البلد بمثل هذا الظهور الإعلامي المكثّف (البعض يرونه مدفوع الأجر من قبل أبو غزالة) وعرض أفكارهم وآرائهم حتى يتم الرد عليهم ومحاججتهم. فالسيد أبو غزالة يعرض رأيه في السياسة والإدارة والاقتصاد والحوسبة والعلاقات الدولية واقتصاد المعرفة والحوسبة والمالية والتنمية وغيرها من المجالات، فلا أقل من أن يتقبل النقد والرأي الآخر.

تقوم استراتيجية السيد أبو غزالة في التنبؤ على ما يلي: التكهّن بمجموعة من الأحداث (أغلبها كوارث، وما أكثرها في هذا العالم!!) ويجتزئ حقائق من هنا وهناك، ويضيف لها بعض المبالغات والتعميمات، ليركّب منها الصورة التي يرغب بعرضها، ثم إن حدثت أي كارثة فينسب فضل التنبؤ بها لنفسه. كما أنه يستغل عدم تخصص المتابعين له (وهذا ما سأوضّحه بجلاء في المقال القادم)، والركن الثالث لاستراتيجيته تقوم على قدرته الماديّة على الظهور الإعلامي المكثّف.

نعود الآن إلى آخر ما أعاد السيد أبو غزالة تأكيده وأبرزته وسائل الإعلام، وكرره في آخر مقطع مصور له قبل أسبوع بـ "تأكيد وقوع حرب عسكرية في اكتوبر ستغير العالم"! إن هذا التأكيد الحتمي من قبله بوقوع حرب في المستقبل يتجاوز حدود التنبؤ العلمي المقبول، وفقاً للأسباب التالية:

أولها: اعتقاد ديني لكل مسلم موّحد، فهناك بديهية اعتقادية دينية وحقيقة ثابتة " قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ" (النمل:65). والسيد الفاضل انتهك هذه القاعدة والاعتقاد بشكل لا لبس فيه إذ بنى توقعه استناداً إلى ظن وتخمين "إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا" وقام بالرجم بالغيب" فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ".

والثانية: حقيقة واقعية أساسها الدليل العلمي. هناك فرق بين التنبؤ العلمي الذي يستخدم الأساليب الإحصائية في التوقع باحتمالات حصول أي حدث مستقبلي وبين تأكيد وقوع حدث مستقبلي بإعطائه احتمال 100%. ومن أبسط أبجديات التنبؤ التي ندرّسها لطلاب المرحلة الأولى في العلوم الاقتصادية وضع سيناريوهات معينة وتقدير احتمالات حدوث كل منها لتقدير العوائد والمخاطر المتوقعة، في سبيل اتخاذ القرارات الاستثمارية. وينسحب هذا على الأحداث الاقتصادية السياسية المتوقعة مستقبلاً. ولا يعذر طالب مبتدئ بتجاوز هذا الأمر وتجاهله، فكيف بشخص يشار إليه بالبنان على أنه خبير اقتصادي؟!

إن حرباً عسكرية عالمية مباشرة كما وصفها السيد أبو غزالة (دون أن يشير إلى الأطراف الأخرى المشاركة فيها!) بين الولايات المتحدة والصين ستحدث في شهر أكتوبر القادم على شكل احتكاك مباشر، ولكن تكون وجهاً لوجه وإنما حرب صواريخ (أكيد ليست صواريخ ألعاب نارية وتحمل رؤوساً نووية وليس رؤوس بصل!!)، حيث تقوم أمريكا بافتعال حرب بالصواريخ! لتقفل بحر الصين الجنوبي لتضغط على الصين حتى تجلس على طاولة المفاوضات ثم يتفقون على نظام عالمي جديد!

خلافاً لما "يتفضل" به السيد أبو غزالة فإنني أقدّر بأن احتمال حدوث حرب في شهر أكتوبر من هذا العام لن تزيد عن 5%، لغاية كتابة هذه السطور- والعلم عند الله - وذلك ضمن الظروف الجيوسياسية والاقتصادية الحالية الخاصة بالولايات المتحدة أو بالصين أو بالظروف الدولية عموماً التي تجعل من الحرب انتحاراً يصعب جدا التفكير به.

وتستند قناعتي هذه وتوقعي إلى عدد من الأسباب أذكر منها:

-ترامب تاجر، والتاجر يبحث عن صفقات، ويتّبع في منهجه (السياسي والاقتصادي والعسكري) سياسة "الشعرة" لسيدنا معاوية بشكل مثاليّ أو سمّها "سياسة الحافّة". وكل ما يقوم به من "هربدة" ليس سوى تكتيكات للحصول على شروط أفضل لصفقاته، وهذا ما رأيناه من خلال تعامله مع كوريا الشمالية، ونراه الأن مع إيران. وقد رأينا اليومين الماضيين كيف أدت الحيلة التقليدية بالتهديدات المتبادلة "الزائفة" بين الشيطانين الأكبر والأصغر إلى تحسّن أسعار النفط الأمريكي ومزيج برنت. (وهذه التهديدات استفادت منها إيران أيضاً!)، وهذا ما يمارسه الآن مع الصين.

-الكبار لا يتقاتلون،،،،،،،، يلجأون للتسويات.

-هناك نظام ديمقراطي يكبح جماح الرئيس المتهور إن فكّر بالحرب، وأما فكرة تفرد ترامب بالقيادة بسبب ظروف الحرب التي طرحها السيد الفاضل فعليها علامة استفهام كبيرة.

-ترامب يستعد للانتخابات الرئاسية القادمة في شهر نوفمبر القادم.. فكيف يفكر بخوض حرب عالمية قبل شهر من ترشحه للانتخابات الرئاسية؟!!

-الولايات المتحدة (مع ترامب أو غيره) دولة لا تدخل حرباً إلا وتكون قد أخذت كل الاحتياطات الممكنة لكسبها بأقل قدر من الخسائر البشرية، وقد رأينا أنها حشدت أكثر من ثلاثين دولة لمحاربة بلد منهك اقتصادياً ومثخناً بجروح الحرب كالعراق، فكيف بها مع دولة كالصين وفي هذا الوقت بالذات؟!

-الصين تعرف حجم قوتها العسكرية مقارنة بما هو متوفر لدى الولايات المتحدة وحلف الأطلسي الذي تنظر دوله بعين الحنق للصين بسبب أزمة الكورونا. كما تدرك الصين القوة الاقتصادية الهائلة للدولار الأمريكي الذي يصعب التفكير ببديل له كعملة عالمية مقبولة، على المدى المنظور على الأقل.

-البلدان بحاجة لبعضهما البعض، فهناك ابتكار وإبداع في الاقتصاد الأمريكي مقارنة بغزارة الإنتاج الصيني. ولكل واحد ملعبه ومجاله الذي لا ينافسه فيه الآخر بشكل جوهري. لذلك نشأت حدة الخلاف لأن الصيني دخل ملعب الأمريكي.

-الصين بحاجة للسوق الأمريكي لتصدير منتجاتها، وأمريكا بحاجة للصين لشراء سنداتها.

-قد يكون الاحتمال الأقرب هو حرب مع إيران اليائسة البائسة وليس مع الصين التي لديها الكثير مما تخشى من مراهنة غبية عليه بالدخول في حرب عسكرية مع أمريكا.

إضافة لما سبق، لم أجد من الباحثين المعتبرين والمفكرين الاستراتيجيين حول العالم من يشاركونه مثل هذا الاحتمال.

حتى أن المفكر الشهير نعوم تشومسكي لم يصل في تشاؤمه -الذي أعتقد بأنه مبالغ فيه- إلى ما "يؤكده" السيد طلال، فقد تحدث عن "تزايد تهديدات الحرب النووية" ولم يؤكدها لا بالتوقيت ولا بالأطراف المشتركة ولا بالنتائج.

وفيما يتعلق بما صرّح به السيد طلال بمقابلته الأخيرة على محطة الجزيرة بكلام على لسان "صديقه" الخبير الاقتصادي العالمي جفري ساكس Jeffrey D. Sachs بما نصّه: "ستكون حرباً تجارية ستتطور لتقود إلى حرب حقيقية"، فإنني لم أجد له أصلاً خلال عدة أيام من التقصي والبحث والاستفسار من أصدقاء في أمريكا. وكل ما وجدته من كلام للعالم الأمريكي هو فقط كلام حول أقصى ما استخدم فيه "حرب باردة"! وشتان بين الحربين. ففي مقاله المطوّل بعنوان " Will America Create a Cold War With China?" في مجلة Horizons (العدد 13، شتاء 2019) والتي تصدر عن مركز العلاقات الدولية والتنمية المستدامة
Center for International Relations and Sustainable Development
وغيره مما وجدته من تقارير ومقالات ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي عن الدكتور ساكس؛ فإنه لم يذكر فيها بأي شكل لا تصريحاً ولا تلميحاً هكذا تنبؤ خطير!! وأقصى ما ناقشه (ولا أقول أكّد حدوثه) حرباً تجارية عنوانها التكنولوجيا.

حفظ الله الأردن وحفظ اقتصاده





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :