facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نحتاج للأعمق تأثيرًا في الدفاع عن مشروع الأردن


د. حسين سالم السرحان
28-11-2025 09:46 AM

من وحي تصريح وزير الاتصال الحكومي؛
صباح الخير على كلّ من ضاقت دروبه من ضجيج التصريحات ووطنياتٍ مُعلّبة… أما بعد؛

فإن التوقّف عند ظاهرة “المنظّرين” الذين يعتلون المنابر بحجّة “الدفاع عن الأردن” يكشف مفارقة مؤلمة.

فهؤلاء ـ من سياسيين ومتحدثين وإعلاميين ـ يغرقون الأردنيين كل صباح ومساء بخطاباتٍ ثقيلة، محمّلة بالأوامر الأخلاقية، وكأن الوطن قضيتهم وحدهم، وكأن الناس مطالبون بالتصفيق لا بالمساءلة والنقاش.

وفي خضم هذا الضجيج، يبدو أنهم لا يسمعون إلا أصواتهم، ولا يلتفتون إلى ردود الناس أو غضبهم أو قلقهم وتعبهم، ولا يرون آلاف التعليقات التي تُظهر أن الأردني لم يعد يحتمل لغة الوعظ، وأنه يريد سياسات لا خطابات، واحترامًا لا تلقينًا، وشراكةً لا وصاية.

فالدفاع الحقيقي عن المملكة ومشروعها الوطني راسخ في الوجدان ولا يحتاج إلى ميكروفونات، بل إلى صدقٍ في القول، وعدلٍ في القرار، وقربٍ من الناس يشبه وجوههم ومعاناتهم، لا يشبه ملابس المسؤولين ولا بريق الاستديوهات.

وخلف المايكروفون، وبمظهرٍ لا يعكس تعب الشارع ولا وجع الأردنيين، يخرج وزير الاتصال الحكومي ليقول:
“والله ما فينا خير لأولادنا ولا لأهلنا إذا ما دافعنا عن الأردن.”

والأحرى أن يقدّم الوطن قبل غيره، فهو الذي بُذلت من أجله أرواح الشهداء. فهل أدرك معاليه معنى أن يُضحّي الجندي بروحه دفاعًا عن وطنه؟ أم أنّ ثقافة بعض السياسيين اليوم تبدأ من “الأولاد والأهل” قبل الوطن؟
ما هذا المعيار المختلّ في المقاربة بين الخير للوطن والخير للأهل؟!

إنها جملة تبدو وطنية في ظاهرها، لكنها حين تُقال في لحظة يرزح فيها الأردنيون تحت أثقال الغلاء وضيق الحال، تصبح بحاجة إلى تفكيك لا إلى تصفيق.

بل وتحتاج إلى تذكير الوزير وغيره بأن المواطنين أيضًا لديهم أولاد وأهل، وليس ذلك امتيازًا لطبقتهم، وكأننا في يومٍ ما سنشهد من يوزّع “فصائل دم” الأردنيين على درجاتٍ بين نقيٍّ عالي الجودة، وآخر أقل جودة!

إن الدفاع عن الأردن ليس شعارًا يُرفع، ولا حالة عاطفية مرتبطة بنبرة الصوت، بل منظومة متكاملة تبدأ من حماية كرامة المواطن، وتمرّ بسيادة القانون، وتصل إلى بناء اقتصاد عادل، وإدارة نزيهة، وتوزيع منصف للفرص، ومؤسسات تحترم الناس قبل أن تطلب منهم الاحترام.
وليس الدفاع عن الأردن مطالبةً للطبقات الفقيرة والمُنهكة بأن تتحوّل إلى جوقةٍ تتحمّل المزيد من الأعباء، بل التزامٌ من الدولة بأن تكون حارسةً لحقوقهم، لا مستنزِفةً لصبرهم.

وهنا يبرز سؤال طبيعي:
هل يستطيع الوزير أن يقدّم صياغة حقيقية لميثاق أو “ديباجة” تُعرّف ما هو “الدفاع” الذي يقصده؟ وما نظرياته وأدواته ومسوغاته وكيف يُنفّذ؟
أم أنّ الأمر لا يعدو وقفةً قصيرة أمام الكاميرا… يعود بعدها كل شيء كما كان؟

هذا مدخلٌ متواضع لسلسلةٍ قادمة بإذن الله، نسلّط فيها الضوء على نماذج وطنية أردنية نفتقدها اليوم؛ نماذج مرّت في تاريخنا المعاصر، وتمكّنت من صياغة مشروع الدولة الأردنية، ونزلت رؤاها على الناس بلسمًا لا عبئًا.

وبين نماذج اليوم ممن يُطلقون شعاراتٍ أشبه بالحمم، تسقط على رؤوس مواطنين أثقلتهم الهموم والعثرات.

وسنذكّر هؤلاء المسؤولين بأنهم يعيشون في عالمٍ موازٍ، لا في الوطن الحقيقي… بعد أن حققوا المكاسب تلو المكاسب.
فارحموا ـ أيها السادة ـ شعبكم المقهور قبل فوات الأوان.
حمى الله الأردن.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :