facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مشاعر من نوع آخر


د . ردينة بطارسة
26-01-2010 04:28 AM

تدحرجت الدمعة البلورية على الخد المخملي المحمر , رافقتها تنهيدات ناعمة , خرجت من ذلك الصدر الصغير , ولكن رويدا رويدا بدأت نبرة هذه التنهيدات بالسكون , بعد أن بدأت تلك الأصابع الرقيقة بالتربيت على فراء القطة النائمة بجانبه, والتي أخذت تصدر ذلك المواء الخافت , الأقرب إلى الموسيقى منه إلى صوت حيوان , كل ذلك كان بعد صرخت به أمه مؤنبه على كسر تلك الفازة العزيزة على قلبها , بعد قفز هو وقطته من فوق الأريكة فسقطا فوقها, لتتناثر في أرجاء الغرفة , هذا المشهد الذي يتكرر أمام معظمنا بصورة عادية ,ولكن دون أن نعيره أي اهتمام , أردت هنا وصفه لكم لأدخل من خلاله إلى موضوع قد يعرفه بعضكم بالفطرة, ولكن دون أن يعلم الحقائق العلمية التي ترتبط به , في هذا المشهد نجد أن هذا الطفل الصغير الذي عبر بدموعه عن حزنه وأسفه من الأمرين كسر الفازة وتأنيب أمه له, قد قام وبغريزته الطفولية البريئة ,بمعالجة الأمر سريعا, من خلال تواصله مع قطته وشريكته , ليهدأ ويعود إلى طبيعته بسهوله,مغمورا بمشاعر من نوع آخر, تتمثل باستعادة ثقته بنفسه والخروج من جو الكآبة إلى الفرح .
الموضوع الذي أود أن القي بعض الضوء عليه هنا , يخص تلك العلاقة المميزة التي تنشا بين الإنسان والحيوان الأليف الذي يوجد معه في نفس المنزل , فقد لا يعلم الكثيرون الكم الهائل من التأثيرات الايجابية لهذا الحيوان على حياة وسلوك المربي له , فقد وجدت الدراسات في هذا الصعيد أن الأشخاص الذين يقومون بالعناية بحيوان أليف, إن كان قطة أو كلب أو سمكة أو عصفور, أو حتى بعض الأنواع الغريبة التي ظهرت , حديثا مثل السلحفاة والزواحف وبعض القوارض , يتأثرون بقوة للأفضل , فيصبحون يعيشون بسعادة ومحبة أكثر, حيث أن العناية بهذا الحيوان, يعطيهم شعورا بالثقة والانجاز, وإظهار عاطفة الحب لهذا الحيوان تبقيهم في إطار المشاعر الإنسانية النبيلة , والتي تظهر عند تقديم الطعام والشراب له , أو عند الشعور بالحزن في حال مرض هذا الحيوان , أو حتى الشعور بالنقص في حال فقده , كل ذلك ينعكس إيجابا على حياتهم, وطريقة تعاطيهم مع من حولهم.
هذا وعند الكلام عن الأشخاص من فئات خاصة , مثل كبار السن أو المرضى بأمراض مستعصية أو ذوي الاحتياجات الخاصة , نجد أن معظم هؤلاء يشعرون بشعور أفضل يتمثل بالقبول والحب من قبل حيواناتهم , مما يساعد على تسريع شفائهم , وتقليل شعورهم بالوحدة والأكتآب, هذا ومن المفرح أيضا أن نعلم أن لوجود حيوان أليف مع الأطفال الذين يعانون من مرض التوحد ( Autism ) يجعلهم سيستجيبون بصورة أسرع لبرامج العلاج النفسي التربوي التي يخضعون لها , ويعرف التوحد بأنه نوع من الاضطرابات التطورية النمائية والتي تظهر خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل, حيث ينتج هذا الاضطراب عن خلل في الجهاز العصبي والذي يؤثر بدوره على وظائف المخ, وبالتالي يؤثر على مختلف نواحي النمو الحسي والعقلي .
ويمتاز الأطفال المتوحدين بعدم الرغبة بالحديث مع الآخرين, الذين قد يقومون بالرد عليهم أو الطلب منهم تكرار الكلام أو شرحه, مما يزيد من رغبتهم الابتعاد وبالتالي تفاقم الحالة , ولكن عند وجود حيوان أليف معهم ’ يقوم هذا الحيوان , بالوظيفة على أتم وجه, فهو لن يعلق على كلامهم, ولن يطلب منهم إعادته , وبالتالي عند حديثهم مع حيوانهم هذا يعزز شعورهم بالثقة بالنفس, مما يسرع من شفائهم وعودتهم إلى المجتمع .
ومن ناحية أخرى وجد أن الأطفال الذين يقومون بالعناية بحيوان أليف , هم اقل ميلا للعنف من الآخرين داخل أسرهم ومدارسهم, كما أن وجود هذا الحيوان الذي يحتاج إلى عناية ومتابعة , ينمي داخلهم الشعور بالمسؤولية تجاهه, حتى أن بعضهم يعيش شعور الفخر والفرح في حال مرض حيوانه وأخذه إلى الطبيب وعالجه مثلا .
ومن التأثيرات الايجابية أيضا لتربية حيوان أليف , وجدت الدراسات أن أصوات المواء التي تصدرها القطط , تسرع من شفاء بعض الأمراض المستعصية والمزمنة , مثل السرطان والتهاب الكبد الوبائي , من هنا اتبعت بعض مستشفيات الأطفال, عادة حميدة بالسماح بزيارة هذه الحيوانات الأليفة, للأطفال المقيمين فيها لفترات علاج طويلة , كما وجد أن مواء القطط أيضا, يساعد في التقليل من معدل الكولسترول المرتفع, وينظم ضغط الدم المرتفع أيضا , كما يسرع من شفاء كسور العظام والتئام الجروح , وإصابات العضلات والأربطة , بالإضافة إلى تقليل الشعور بالألم بعد العمليات الجراحية , خاصة إذا علمنا أن بعض الدراسات , أشارت إلى أن صوت الهرة يعمل على زيادة إفراز هرمون الاندروفين ( Endorphin )والذي يقلل الشعور بالألم , من هنا عمد الكثير من أطباء الأسنان على وضع حوض أسماك داخل عيادتهم .
في النهاية, أقول بان من يرددون أن تربية حيوان أليف داخل المنزل هي ظاهرة من مظاهر البذخ والترف , هم ابعد ما يكون عن الصحيح فلهذه الحيوانات استخدامات أخرى عديدة , فلا بجدر بنا أن ننسى, كم من كارثة منعتها كلاب مدربة على اكتشاف المتفجرات والعبوات الناسفة في المطارات , وكم من قضية تهريب مخدرات كشفتها الكلاب البوليسية , بالإضافة إلى كلاب الحراسة وخيول الركوب , فلا يوجد على هذه الأرض خليقة إلا وجعل لها الخالق ,عظمت قدرته , فائدة للإنسان , وللأسف نحن في زمن قل فيه الوفاء والمحبة بين البشر , التي قد نجدها عند حيوان أليف نربيه , أكثر مما نجدها في قلوب أبناء عاقين قاطعوا آبائهم وأمهاتهم بحجة .





  • 1 ابوعبده 26-01-2010 | 10:03 AM

    في حالات كثيره بعض الحيوانات لديها وفاء واخلاص لمربيها اكثر من بعض الاصدقاء او الاقارب لكن الانسان يبقى له الافضليه في المشاعر والتاثر والتاثير على محيطهم

  • 2 Mustafa Ababneh Newzealand 26-01-2010 | 10:37 AM

    ابدعت دكتورة ردينة كعادتك دائما, الى الامام ونتمنى منك المزيد من المعلومات المفيدة

  • 3 الأستاذ طلال الخطاطبه 26-01-2010 | 01:52 PM

    بارك الله فيك يا دكتورة , فمقالك شامل ولا يترك لنا مجالا للتعليق او حتى الإضافة. لكن اذا سمحتي لزيادة التوضيح لدور هذه الحيوانات أن أروي القصة التاليه:
    تعمل معي هنا سيدة أمريكية كبيرة بالسن . وذات يو جائتني فرحة وقالت ان الطلاب أهدوا اليها كلبا ( طبعا الكب متشرد وسخ اجلكم الله وليس من النوع الذي نشاهد بالتلفزيون)فبان على وجهي الدهشة والإستعراب قال ( شو ما ظل غير نلم كلاب الشوارع)وصارت كل يوم تحدثني عن الكلب وكيف انها تحممه كل يوم...... وذات يوم وصلني منه مسج بالمساء تطلي من أن اصلي من أجل كلبها لأنه فُقد. فضحكت وشاهدتها ثاني يوم بحالة مش تمام ولكنها أخبرتتني بأنه تخرج للشوارع تطعم الكلاب الضالة من أجل الكلب المفقود وكأنها يعني تفرق أكل على روحة. ثم رايتها ذات يوم وهي مبتهجة ولما سألتها عن السبب قالت بأن كلبها قد عاد اليها.
    وهنا قلت لها قروشتينا بهالكلب ( لا حدا يقلي كيفف قلت قروشتينا بالإنجليزي) وهنا قالت لي بطريقة حزنتني: طلال أنا أعيش وحدي وبحاجة لأحد أكلمه. فقلت لها ولكنه كلب. فقالت مش مهم المهم أن أتكلم وأنا واثق انه يسمعني.
    هذا دليل عملي على الدور النفسي لمثل هذه الحيوانات لكبار السن.
    هذا طبعا اضافة لما تفضلتي به حضرتك.

    شكرا لك

  • 4 26-01-2010 | 03:45 PM

    دكتوره بطارسه ان هذا الموضوع لجميل جدا حيث انك طرحتيها في وقت ابكر من وقته والمقصود في ذلك اننا للان لم نرقنا الى هذا التعامل مع الحيوان وياحبذا لو يشار الى هذه المواضيع عبر قنوات شتى ليصير التعامل مع هذا الامر الجميل لما فيه من الفوائد الجمه لنا ولابنائنا ونرجوا منك ان تتواصلي في هذا الموضوع الى ان يجد صدى اكبر ومن بعد ذلك ببدا الحوارات المتواصله ليعم فوائده على الجميع

  • 5 سامي 26-01-2010 | 11:06 PM

    شكرا للطبيبة البيطرية ردينة على هذا المقال الرائع و يا حبذا تكتبي لنا من حين الى اخر مثل هذه المقالات، سيما انها من صميم تخصصك وتعطينا فكرة افضل عن طريقة التعامل مع الحيوانات.

  • 6 كلمة حق 27-01-2010 | 12:14 AM

    شكرا لك يا دكتورة ردينة على هذا الموضوع الرائع....مقالاتك مفيدة...نعرفك عن قرب...ؤنشيطة في اي مجال تعملي فية....اللة يعطيك 1000 عافية..ودوما الى الامام


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :