بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، سبحانك اللهم لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبيّنا محمداً عبده ورسوله وصفيّه وخليله.

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.....

قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) صدق الله العظيم.

إنه ليوم من الأيام المشهودة لكل طالب علم، هذا اليوم الذي تزف فيه جامعاتنا الحبيبة باقة جديدة من حملة رسالاتها هدية لأردننا الغالي، لكي يسهموا في خدمة هذا الحمى الهاشمي فرساناً جدد في مجتمعهم، مسلحين بالعلم والمعرفة والقيم الأخلاقية النابعة من حضارتهم وتراثهم المجيد.

في هذا اليوم، نأمل من كل شبابنا وبناة مستقبلنا أن يكونوا قادرين على تحمل المسؤولية، محبين لوطننا، وفيين لمليكنا الغالي، غيورين على أمتنا ومصالحها، قادرين على تمثيل وطننا في كل زمان ومكان، قادرين على النهوض بنا إلى مستقبل يحقق كل طموحاتنا، قادرين على التصدي لكل من يحاول المساس بهذا الوطن الغالي ومقدّراته، قادرين على تحقيق الرؤية الهاشمية النبيلة لهذا الوطن الشريف....

أعوامٌ مرّت بحلوها ومرّها مليئةً بكل معاني الصبر والإخلاص والتفاني والمثابرة والجدّ والإجتهاد في الدراسة في جامعاتنا الحبيبة، وها هو اللقاء يتجدد مع موعد الفرح، فنبارك لكم جميعا تخرجكم ونبارك لجامعاتنا هذا الإنجاز، ونبارك لأهلنا الذين لطالما انتظروا طويلاً هذا اليوم بفارغ الصبر، وها هو اليوم قد جاء يزفّ لنا خريجينا والحمد لله...

اخوتي الخريجين والخريجات:

قال الشاعر:

العلم يبني بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيت العزّ والكرم

العلم لا حدود له، فمن قال أنه اليوم قد أكمل علمه فقد جهل إلى أبد الآبدين. ها هم الأردنيون اليوم يجوبون العالم من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه من أجل طلب العلم. ها نحن في بلاد الغربة نتحمل كل شيء حتى الموت نتحمله في سبيل تسليح أنفسنا بالعلم والمعرفة والتكنولوجيا وما إلى ذلك من أجل رفعة وطننا وخدمة أمتنا عهداً علينا لا نساوم في ذلك أي إنسان. هذه هي شيم الأردنيين الأحرار على مرّ السنين. لذلك أوصيكم بطلب العلم والمثابرة والجدّ والإجتهاد في طلبه فإن في العلم وقاية ونجاة في الدنيا والآخرة إن شاء الله إذا كان في ذلك إخلاص لوجه الله تعالى وإخلاص من أجل رفعة وطننا و أمتنا العربية والإسلامية.


الأهالي الكرام:

الشكر الموصول لكل الآباء والأمهات الذين سهروا الليالي وتحمّلوا المحن والمصاعب والشدائد لتأمين أبنائهم بكل ما يحتاجونه من أجل النهوض بهم و وضعهم على الطريق السليم الصحيح. ها هم أبناؤكم فلذات أكبادكم تكلّلوا اليوم بالنجاح، وها أنتم يا نور قلوبنا ما عادت دموعكم إلا دموع فرح وانتصار ونجاح. فليرفع الآباء رؤوسهم عاليةً ولتنطلق ألسنة الأمهات بالزغاريد، فأبناؤكم أصبحوا رجالاً قادرين على تحمل مسؤولياتهم، وقادرين على المساهمة في بناء وطننا الحبيب في ظلّ قيادتنا الهاشمية الشامخة التي يقودها فارس بني هاشم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه....

حبيبتي وخطيبتي وقرة عيني أسل القضاة الغالية:

أقسم لكي أنني لا أعرف من أين أبدأ، هل أذرف دموع الفرح؟ هل أزغرد فرحاً؟ هل أصفر أم أصفق؟ هل أقف إجلالاً وإحتراماً وتقديراً؟ هل أتحسّر و أحزن على عدم وجودي معكي في مثل هذا اليوم؟ هل ألعن الغربة المرّة التي منعتني من مشاركتكي فرحة التخرّج؟ هل وهل وهل؟؟؟؟ يبدو أنني بدأت أذرف دموع الفرح وها أنا أزغرد وأصفر وأصفق فرحاً بكي بل وأقف إجلالاً وإحتراماً وتقديراً لكي على كلّ ما أنجزتيه وتحملتيه من بعدي، ولكنّني في الوقت ذاته أتحسّر وأنا في قمّة الحزن على عدم وجودي معكي في هذا اليوم العزيز على قلبي مما قادني إلى لعنة مرارة الغربة التي حالت دون مشاركتي لكي في حفلة التخرّج.

ولكنني على يقينٍ تامٍ أنّكي الصّابرة الصّبورة، العاقلة، المتفهّمة، المقدّرة لظروفي الدراسيّة. فالأمور خارجة عن سيطرتي وإرادتي ولولا التّضحية لما وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم. لكي منّي كل الشّكر والعرفان والتّقدير على تضحياتكي الجليلة من أجلي. كما وأطلب منكي تجاهل أيّ سؤال سواء كان من قريب أو صديق أو زميل يسأل هل عاد خطيبكي أو أبدى حزنه على عدم وجودي إلى جانبكي في هذا اليوم فأنتي أكبر من كل هذا، ونحن لم نكن ولن نكن الوحيدين التي تحرمهما الغربة أفراحهما. فلا تنسي طموحاتنا وأهدافنا الجليلة التي لابد لنا أن نضحي سويةً من أجل الوصول لها حيث أمامنا الكثير الكثير يا قرة العين. فاعلمي إن لم أكن معكي هذا اليوم في الجسد فإنني وبكل تأكيد حاضرٌ معكي بروحي ووجداني وتفكيري.

ها أنا أبارك لكي اليوم من على صفحات عمون الغرّاء بالتخرج من مرحلة البكالوريوس، والتي هي اللّبنة الأولى في حياتك العلميّة والتي لا أرجو أن تكون الأخيرة، فطموحكي و طموحي لكي أكبر من هذا ولن أرضى بأقل من الدكتوراة لكي، وعداً وعهداً عليّ أبداً ما حييت بمشيئة الله. أزفّ لكي أجمل التهاني والتبريكات بمناسبة التخرج، وإختيار الجامعة لكي لإلقاء كلمة الخريجين أمام كل الحضور، ولقبولكي مباشرة في جامعة اليرموك الحبيبة لإتمام درجة الماجستير في تخصص نظم المعلومات الحاسوبية. كل هذا الإنجاز إن دلّ فإنّما يدلّ على التفوّق والجدّ والإجتهاد والطموح والإرادة الذي عرفته عنكي منذ ولادة علاقتنا الزوجية قبل نحو عامين، وها أنتي اليوم تتكلّلين بالنجاح والتفوّق المستحق بين زملائك الخريجين. فألف ألف ألف مبر وك ياحبيبتي ومنها للأعلى يا رب.

في هذا اليوم بالذات وما أجمله من يوم أريد أن أكون أول المهنئين لكي بهذا التميز الذي عرف بكي وبهذا النجاح الذي أنتي أهل له وفي هذه المناسبة بالذات إسمحي لي أن أهنئكي تهنئه ليست كتهنئة الآخرين وإن شئتي أن تعرفي لم تهنئتي مختلفة؟ لم مذاقها مميّز؟ فيكفي أن تعلمي أنني حين أقول لكي "مبروك" أقولها من كل قلبي بإخلاص بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

مع إشراقة فجر المحبّة، مع كلّ نسمة من نسمات الحياة، مع كل نغمة من نغمات البلبل الصدّاح التي نادى بها مع ظهور النّور، وقبل غروب الشّمس، ومع كلّ "قطرة ندى" داعبت وريقات الأشجار، ومع إشراقة "بدر الدّجى" في سماء الكون، أرسل إليكي نبض قلمي، إليكي ياحبيبتي، رغم أنّ الحروف تعجز أن تكتب ما بقلبي وأن تصف ما اختلج بفؤادي، فمشاعري هي كلماتي المسطورة، وكلماتي هي أملي، وأملي هي ذكرياتي، وذكرياتي هي دليل قلبي، وقلبي نبضاته تقول لكي ألف ألف ألف مبروك التخرج وعقبال الدكتوراة إن شاء الله.

هنا لابدّ لي أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان إلى عمي الفاضل الدكتور علي مصطفى القضاة وإلى عمّتي الفاضلة الدكتورة مريم جبر فريحات وإلى أبناء عمّي مؤنس و وسيم وأبارك لكم جميعا تخرج حبيبة القلب أسل، جعلها الله مثال الإبنة والأخت الصالحة و مثالا في الأدب والأخلاق والحياء والعلم. كما أتقدم بجزيل الشكر والإمتنان من والدي الفاضل الدكتور عبدالرحمن محمود أبوشريعة و والدتي الفاضلة الشيخة الحاجة خولة إبراهيم أبوشريعة وكل أخواني وأخواتي في الأردن والسعودية وعُمان وماليزيا، زافّاً لكم جميعا تخرج نور قلبي أسل داعياً المولى عزّ وجلّ أن تكون مثال الإبنة والكنّة والأخت الفاضلة لكم جميعاً. لابدّ لي أن أخصّ بالذكر أخي الدكتور إبراهيم (طالب الطب البشري في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية) الذي لم يتوانى يوماً ولم يقصّر أبداً في تلبية طلباتي خلال غربتي وكان يعمل من وراء الكواليس معي في صنع المفاجئات لحبيبة القلب أسل الغالية.

أما أنا فلا شيء في هذه الدّنيا أجمل عندي من الأيام و الذكريات الجميلة التي تربطني بقرة العين أسل. فكل التبريكات والتهاني أزفّها لنفسي على هذا الإنجاز وهذا الصبر والجدّ والإجتهاد. بارك الله لي فيكي يا أسل خطيبةً و زوجةً (قريبا إن شاء الله) صالحةً مخلصةً. فلا أقول لكي إلا كما تحبين سماعه دوماً "رضى الله وقلبي عليكي يا سوسو الغالية".

أودّ أن أذكّر نفسي وكلّ طالب علمٍ بأن النّاس لا يصلون إلى حديقة النّجاح دون أن يمرّوا بمحطّات التعب والفشل واليأس، أما صاحب الإرادة القويّة فلا يطيل الوقوف في هذه المحطّات. كما أنّ النّجاح لا يقاس بالموقع الذي يتبوأه المرء في حياته بقدر ما يقاس بالصّعاب التي يتغلّب عليها. فالنّجاح كضوء المصباح تراه مع شقشقة إنتصاراته وتنصت إلى تغريد إنجازاته وتلمس نتائجه على أرض الواقع ولا يمكنك أن تحجب ضوءه.

أخيراً وليس آخراً، شكري الجزيل لعميد كلية تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسوب والأخوة الزملاء أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة اليرموك على كل الجهود الجبّارة الّتي يبذلونها من أجل رفد سوق العمل بالنّخب الطلابية القادرة على إحداث المستحيل في زمن التكنولوجيا الحديث، متمنياً لكم مزيداً من التقدم والرقيّ والإزدهار في ظلّ صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المفدى. كما يسعني أن أتقدم بخالص الحب والعرفان والشكر إلى سيدي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم وسيدتي صاحبة جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة على إهتمامهما وتشجيعهما المتواصلان لكل الطاقات الشبابية في أردننا الغالي وذلك من خلال المبادرات التي تعنى بتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات بكافة مجالاته. لكم منّا جميعاً كلّ الحب والولاء والشكر والتقدير.

والله من وراء القصد،

ابن الأردن البار،

محمد عبدالرحمن أبوشريعة (بني ياسين)،
موفد قسم نظم المعلومات الحاسوبية (لنيل درجة الدكتوراه في مجال تكنولوجيا معالجة الكلام واللّغات)،
كلية الملك عبدالله الثاني لتكنولوجيا المعلومات،
الجامعة الأردنية.
6 فبراير 2010
shariah_um@yahoo.com