facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الجهل عن بعد


د. نضال القطامين
16-07-2020 01:08 AM

مر وقت طويل قبل أن أستأنف كتابة مقال جديد. فلتحسب استراحة، ولربما كانت وقتا مستقطع جرّاء الركون، أو انشغالات كثيرة في أشياء شتّى؛ إعادة ترتيب بيت العمل، حيث توقفت فجأة، عجلة دوران التعليم والجامعات في العالم، وحيث أمضي سحائب النهارات في التوفيق بين التزامات أوامر الدفاع لموظفين زملاء أعزاء لا يعملون لسبب واحد فقط هو أنه لا يوجد ما يمكنهم عمله.

أستعرض، في ثنايا التثاؤب إبّان فترات الحظر وما تلاها، مستقبل التعليم في العالم، وأقترح على المختصين، دراسةً وتخطيط لأدوات التعلم والقبول عن بعد، ومراجعة لوسائل التعليم التي شاخت في إطارها الأجيال، ومحاولات اصطفاف قياسي مع العالم في هذا الإطار، نحو اعتماد وسائل قياس ومعايير تضعنا في الطريق السديد.

وفي كل الأحوال، فإنه لا شأن للضجر بهذا الاستجمام القسري، وكذلك، فإنه لا غياب عن مشهد الأحداث المتسارع في الداخل والخارج.

جمعتني ظروف الحظر، وفق شروط التباعد، ببعض القامات الباسقة في شأن التعلّم الإلكتروني. كان اتفاقنا في كل اللقاءات أنه من المهم أن نلحق بالعالم، وأن مسألة إعداد محتوى المقررات الإلكتروني ليست تحديا قائما، ذاك أن جامعات عريقة في العالم، أتاحت هذا المحتوى منذ سنوات طوال، وتبعا لذلك فإنه علينا أن لا نقلق في هذا السياق.

لكن المقلق في هذا الإطار، هو أن مؤسساتنا التعليمية – الجامعات – بدت كما لو كانت تنام ملء الجفون عن هذه الشروط والمعايير، فأعلنت دون تريّث وتمحيص، أنها متمكنة من مجال التعليم الإلكتروني، ووقعت، دون أن تعلم، في أفخاخ استخدام الأدوات التقليدية، واعتقدت تبعا لذلك، أنها تحقق التواصل عن بُعد بين الأستاذ والطالب وأن هذا الإطار هو غاية التعلم ونهاية رسالته، وما ذاك سوى تنكّب للشروط والمعايير العالمية، واستمرار بالتغريد خارج السرب، فاختلط الأمر في عدم التفريق بين التعليم والتعلم، وفي الواقع، فإن هناك فرق بيّن بين المفهومين، حيث يختص التعليم بنقل المعرفة وتطويرها، بينما ينحى التعلّم نحو استنتاج المعرفة والوصول اليها.

ما زالت الجهود في سياق إنشاء بنية شاملة لمفاهيم التغيّر في طرائق التعليم العالي، دون الحد الأدنى، وما زال ما نراه في هذا السياق، محاولات خجولة ليس بإمكانها حتى استقطاب الطلبة الوافدين، وواضحٌ أن استمرار اتكاء وزارة التعليم العالي ومؤسسة هيئة الإعتماد على الأساليب القديمة، وغلق النوافذ أمام استقراء التغيّر العالمي، سيسهم حتما في في الجمود الذي لا يريده أحد، حيث يتفق الجميع الآن، في ظروف التعليم العالي في العالم كله، على أن الفرصة مواتية لإعادة دور الاْردن في قيادة التعلم والتعليم برمته في المنطقة، وأن هذا الباب الواسع، هو نفطنا الجديد الاْردن اذا ما أحسنا سياسته وفق المعايير العالمية، لكن الأمر يحتاج لنهج متكامل ومختلف.

لقد غيّرت جامعات عالمية كثيرة من طرق التعلم بعد أن بدأت باختزال المباني والقاعات للحد الأدنى في مواجهة ضائقتها المالية، وأضحى التفريق بين الشهادة والمهارة في حساب قدرة الفرد على الإنتاج في سوق العمل هو المعيار الأول، وقد رأينا كيف أصدر الرئيس الأمريكي ترامب في نهاية حزيران الماضي، مرسومًا فيدراليًا يعتمد قياس المهارة في طرق التعيين للمتقدمين للوظائف بعد أن كانت الجامعة هي المعيار الأول.

علينا الإعتراف بأن العالم كله قد تغيّر على قارعة الوباء؛ أدوات الحضارة في العالم المتقدم، السباق الذي بات عسيرا على الدول في العالم الثالث، أولوية رتق الفتق في البطالة في واشنطن واوروبا وموسكو والصين، استنهاض اقتصادهم الزاحف.

أما هنا، في العالم الثالث حيث تتناهش الناس المحطاتُ، فما عليهم سوى حصاد البذار الفاسد والاستمتاع برؤية الدول تعيش بمناعة قوية ضد الأوبئة والتخلف والجهل، فتنهض هناك اقتصادات على أنقاض أخرى، وتتغير في كل حين شروط النهضة ومعاييرها، وما على الناس هنا، أقصد في العالم المتأخر، سوى البحث عن لقاح ضد الجهل، لقاح يستند على استيعاب المتغيرات في التعليم، وليس لنا سوى ذلك سبيلا ، ورحم الله جواهري العرب إذ قال:

إذن عَلِمَتْ أنْ لا حياةَ لأمّةٍ .. تُحاولُ أن تَحيا بغير التجدُّد

لعمرُكَ ما التجديدُ في أن يرى الفَتى..
يَروحُ كما يَهوَى خليعاً ويغتَذي

ولكنَّه بالفكر حُرّاً تزَينهُ ..
تَجاريبُ مثل الكوكَبِ المُتَوقِّد

ويقول،،

سينهض من صميم اليأس جيلٌ..
مريـدُ البـأسِ جبـارٌ عنيد..

يقـايضُ ما يكون بما يُرَجَّى..
ويَعطفُ مـا يُراد لما يُريد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :