لا تختل موازين القوى فقط بامتلاك سلاح ، أو بالحصول على تقنية قتالية عالية ، أو معلوماتْ أمنية خطيرة ، إنما تختل موازين القوى عندما يؤمن أصحاب الحق بحقهم ، ويتمسكون بثوابتهم ، ويستعدون للتضحية بأرواحهم وما يملكون دفاعاً عن أرضهم ووطنهم ، ويرفضون التنازل عن حقوقهم ، أو التفريط بأرضهم ، ولا يقدمون للعدو تنازلاً عن حق عودتهم ، واستعادة أرضهم ، فمسيرة التحرير في كل اصقاع الدنيا لم تتحقق بفضل التوازن العسكري ، او ارتفاع مخزون التسليح للمقاومة ، فكل نظريات المقاومة قامت على رفع الضرر وتعظيم كلفة الاستعمار.

الدولة العبرية تعرف ذلك جيدا وتعرف اكثر ان كل صواريخ المقاومة لا تنقص من قدرتها العسكرية ولا تستطيع مجابهة آلتها الحربية ، فهي فقط قادرة على ابقاء العزيمة ورفع كلفة الاستعمار والاغتصاب ، فلا يصبح الاستعمار مجانيا ودون كلفة ولا ينام اصحاب الحقوق في العسل او يسعون الى نقل وجهة الخصومة ولذا كانت العزيمة هي ما تستهدفه اسرائيل مع التاريخ والجغرافيا والذاكرة الوطنية.

ما عجزت عنه اسرائيل بنفسها تحاول ان تنجح به من خلال من عميت بصيرته او اختلت بوصلته ، فانزلق الى التفكير بعقل خصمه ، فصار يستنجد بدعم الاعداء ، وصار يسعى الى تفجير الداخل بعد ان عجزت اسرائيل عن تفجيره وصارت معركة الكروت والوانها اكثر خطرا على الفلسطيني من خطر الكيان العبري.

تلقيت سابقا كثيرا من التأنيب على موقفي من قضية سحب الكروت وموقفي الداعم لفك الارتباط وتفهمت ودعمت اجراءات وزارة الداخلية في الحفاظ على الهوية الفلسطينية رغم بعض التجاوزات لبعض الموظفين ، لكن ايقنت انني كنت على صواب ، فقضية الكروت والوانها اكثر ما يزعج اسرائيل.

ألوان الكروت باتت تزعج اسرائيل لانها ببساطة ما زالت حجر عثرة في طريق تذويب الهوية والا لما فتحت صحيفة بوزن جيروسالم بوست صدر صفحاتها للهجوم عليها وانتقادها بكل هذه القسوة ، ونحن مع كل ما يؤرق نوم اسرائيل ويزعج وجودها.

omarkallab@yahoo.com

الدستور