facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




دموع مشعل في عمان


محمد حسن التل
27-08-2021 11:49 PM

لعل دموع خالد مشعل "أبي الوليد" أمس في عمان وهو منكب على جثمان المرحوم المجاهد إبراهيم غوشة لم تكن فقط على رفيق دربه بل على لوعة فراق الأوطان، وكثرة الأسفار والرحيل، والبوصلة لا زالت ثابتة فقط نحو القدس عاصمة الوطن الأم وعمان الأحب إلى قلب أبي الوليد، فمنذ أن غادرها الرجل قبل عشرين عاما وقلبه معلق بها، فهي الأقرب إلى القدس وكل فلسطين، وهي التي احتضنته وإخوته في مراحل التأسيس الأولى لحركة مقاومتهم. ولعله وهو منكب على جثمان أخيه أبي عمر -رحمه الله- مرت بخاطره تلك اللحظات العصيبة والممتلئة بالوفاء والأبوة من الحسين عندما وضع العالم كله بكفة، ووضع حياة خالد مشعل بكفة أخرى، فرضخ العالم وعلى رأسه أمريكا وإسرائيل لإرادة الحسين، ونجا أبو الوليد وكتب الله له الحياة من جديد بعد محاولة اغتيال فاشلة على أيدي الموساد، وعاش في عمان معززا مكرما، ولم ينس الرجل هذا الموقف للأردن، وما زال على وفائه وحبه له. وزاد الحسين بأن نجح بإطلاق شيخ المجاهدين الشهيد الشيخ أحمد ياسين من أسره.

علاقة حماس بالأردن منذ الانطلاقة الأولى كانت مختلفة، فقد تعامل الأردن معها بكل انفتاح، وقدم لها الدعم السياسي، واحترمت حماس خصوصية الأردن، والتزمت بأمنه واستقراره، ولم تقم بأي نشاط على الساحة الأردنية يعرض الأردن للخطر أو الإحراج. وظلت العلاقة بين الطرفين هكذا حتى حدث ما حدث، ومنذ ذلك التاريخ لم تغادر العلاقة بين الأردن وحماس الإطار الأمني والإنساني، ومرات قليلة تعدتها إلى المضمار السياسي.

الآن، وبعد كل هذه السنين، آن الأوان لإعادة النظر بطبيعة العلاقة؛ إذ أصبحت حماس قوة فلسطينية سياسية صاحبة قرار كبير في الشأن الفلسطيني. وأن تفتح عمان أبوابها لحماس لا يعني أن تغلقها مع السلطة الفلسطينية، فقد كان الأردن في تسعينيات القرن الماضي على علاقة مميزة مع الطرفين، وكانت قيادة حماس السياسية في عمان، كما كان التنسيق بين عمان والسلطة في أعلى درجاته، وربما كان يلعب الأردن دورا في تقريب وجهات النظر بينهما لمصلحة الشعب الفلسطيني؛ فهو الأقرب إليهم على كل الجوانب الجغرافية والديموغرافية، وتهديد إسرائيل لنا جميعا في الوجود والمصير لا يستثني منا أحدا.

حدثني قبل سنوات طويلة أحد قادة حماس، ولعله الدكتور موسى أبو مرزوق إن لم تخني الذاكرة، أنه وبعد انعقاد القمة العالمية في شرم الشيخ تحت مسمى مكافحة الإرهاب، عندما عاد الحسين طلب قيادة حماس، وظنت القيادة أن الحسين يريد أن يطلب منهم الخروج من عمان نظرا للظروف المستجدة في المنطقة، ولكنه فاجأهم بأن أخبرهم أن ما حدث في شرم الشيخ لا يعنيهم وقال لهم بالحرف الواحد: إنني أحببت أن أوضح لكم موقفي، خوفا من الظنون.

تاريخيا، يلعب الأردن دائما دورا معتدلا بين مختلف الأطراف، لأنه يتمتع بسياسة متزنة وعقلانية أدركتها قيادة حماس مبكرا. لذلك، وحتى بعد وقوع سوء الفهم مع عمان لم تقدم على أي إساءة للأردن، بل ظلت محافظة على ودها له عبر تصريحات قياداتها، سواء كانت في الداخل أو الخارج، ورفضت كل الأفكار التي كانت من الممكن أن تؤثر على الأردن. وأمس، أكدت القياديان السياسيان الأبرز في قيادة حماس السياسية من عمان، خالد مشعل وإسماعيل هنية، على أن الأردن هو السند الحقيقي للشعب الفلسطيني، ولن يساوم على أمنه واستقراره أحد، وهذه رسائل ود أرسلت عبر الأثير إلى أصحاب القرار في الأردن.

ولعل زيارة إسماعيل هنية الأولى للأردن والتي جاءت لغاية إنسانية تمثل اختراقا في العلاقة السياسية مع عمان، وندعو الله أن تكون بداية انطلاقة جديدة في العلاقة بين الأردن وقيادة حماس السياسية لما فيها مصلحة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الذي يرنو بنظره كل يوم من عمان وإربد والسلط والكرك ونحن معهم إلى مآذن القدس وجبال نابلس والخليل، بل إلى شواطئ يافا وحيفا. ورحم الله القائد المجاهد إبراهيم غوشة الذي عاش ومات على حبه لفلسطين وسلمت دموعك في عمان يا أبا الوليد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :