facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"إدمان النيكوتين" .. خيط رفيع بين النجاة والهلاك


25-11-2021 02:30 AM

عمون - ندى شحادة ..

كانت البداية بعد أيامٍ قليلة من وضع وليدها ،آنذاك شعرت "سلمى" بضيق شديد في التنفس مع أقل مجهود، فالنوم مُستلقيةً على ظهرها يُشعِرها بأنها على وشك الاختناق، ثم جاءت الفاجعة في الأسبوع التالي عندما بدأت تشعر بصعوبة بالغة في التنفس ،وأن صدرها يختنق بالمياه وكأنها تغرق في بحر عاصف.

حملها زوجها إلى قسم الطوارئ ليخبروه بأنها تعاني من ارتشاح رئوي حاد ،ولا بد من دخولها إلى العناية المركزة لتتلقى الإسعافات الأولية وإلا أصيبت بفشلٍ تنفسي يعقبه توقف في عضلة القلب.

في العناية المركزة، أحاطت بها غابة متشابكة من أنابيب المحاليل، وخراطيم الأكسجين، ثبَّتوا على وجهها قناعًا للتنفس، حاولت مرارًا نزعه لا سيَّما وأنه قد أشعرها لحظيًا بالاختناق، وبعد نحو ساعةٍ من الوقت مرّت عليها كنصف عُمرٍ أو يزيد، شعرت بأن أنفاسها بدأت تهدأ رويدا رويدا.

في اليوم التالي ، مرَّ عليها استشاري أمراض القلب، وطالع أوراق الحالة وما بها من تحاليل واختبارات، ثم أجرى لها أشعة موجات صوتية على القلب (الأيكو)، فكانت الصدمة حينما تبين بأن كفاءة انقباض عضلة القلب لديها يبلغ 35%، في حين أن الطبيعي يجب أن يتراوح ما بين 55-70% ، ما يعني إصابتها بضعفٍ شديد في عضلة القلب.

كان الطبيب صريحًا بأن الحالة غير مستقرة، وأنها مفتوحة على كافة الاحتمالات ،وبعد السؤال عن حالها ،تبين بأن منتجات التبغ لم تكن تفارقها خلال فترة حملها ،كيف لا ؟ وهي تبدأ يومها بالسجائر وتختمه "بالنرجيلة" ضاربة بعرض الحائط صحتها وصحة جنينها الذي لم ير النور بعد ،إلى جانب أبنائها الذين اعتادوا على استنشاق الدخان المتصاعد أثناء تدخينها.

وبحسب الطبيب فإن طبيعة إصابتها وتطورها إلى ذلك الحد ورغم أن الغموض لا يزال يكتنفها ،إلا أن هناك شكوكا مؤكدة بأن التدخين له دور رئيسي فيما وصلت إليه .

وبحسب الأرقام المحلية والعالمية ،فإن نسب التدخين في الأردن وصلت الى أرقام غير مسبوقة،إذ ان الأردن يعد من الدول الثلاث الاولى على مستوى العالم بمعدلات التدخين بالرغم من توقيعه على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ عام 2004 ،وصدور قانون الصحة العامة وتعديلاته كاستجابة تشريعية للاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ.

وتبين أخصائية التواصل والتوعية في مكتب مكافحة السرطان في مركز الحسين للسرطان الصيدلانية رشا مناصرة بأن :"منتجات التبغ بكافة أشكالها (السجائر ،والنرجيلة ،والغليون ، والمدواخ ،والسجائر الإلكترونية ،والتبغ المسخن ) ،تحتوي على (7000) مادة كيمائية مسرطنة ،منها(69) مادة مسرطنة".

وتفيد مناصرة بأن:"خطر النيكوتين وهي المادة الأولى في منتجات التبغ يغدو كبيرا ،فهو يسبب الإدمان الشديد ويؤدي إلى زيادة تخثر الدم وحدوث الجلطات وتصلب الشرايين وتوسع الشريان الأورطي والتغير في معدل ضربات القلب وزيادة ضغط الدم والإصابة بالإلتهابات الرئوية وصعوبة التنفس ،وغيرها من التأثيرات السلبية التي تفتك بالمدخنين".

ويؤكد الخبير في حقوق الإنسان وحقوق المرضى والأخلاقيات الطبية مستشار الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان على أن :" الرئة هي الضحية الأولى للمدخن ،إذ يفسد التدخين أنسجة الجهاز التنفسي ومناعتها الطبيعية ،فتزداد فرص الإصابة بالأمراض المزمنة وقد تصل إلى حدوث فشل وظائف التنفس لدى المريض ".

ويلفت إلى أن :" دراسات عدة أجريت بأشراف منظمة الصحة أثبتت بأن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بداء "كوفيد -19" بالمقارنة مع غير المدخنين ".

ويبين المهندس في قسم الوقاية من أضرار التدخين في مديرية التوعية التابعة لوزارة الصحة محمد أنيس بأن :"التدخين في زمن "الكورونا" يضعف وظيفة الرئة ويقلل من قدرة الجسم على مكافحة الفيروسات ويرفع من خطر الإصابة بالعديد من الإلتهابات وأمراض الجهاز التنفسي".

ويبين اختصاصي الإدمان على التبغ والمدرب الإقليمي للإقلاع عن التدخين في مركز الحسين للسرطان الدكتور معتز لبيب بأن :" تقارير عدة أجريت خلال جائحة "الكورونا" أثبتت بأن تدخين السجائر الإلكترونية يزيد من احتمالية انغراس الفيروس في القصبات الهوائية ،ولهذا نصح أصحاب الدراسات بالتوقف عن تدخين السجائر بشكل عام والالكترونية بشكل خاص خلال جائحة الكورونا وما بعدها".

وصرّح الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في التقرير الصادر عن المنظمة لهذا العام بأن "النيكوتين" من المواد ذات القدرة العالية على التسبب في الإدمان، وقد ثبت التأثير الضار لمنتجات توصيل النيكوتين الإلكترونية، ولهذا يجب إصدار تشريعات تنظيمية حازمة للحد منها. وإذا لم يتم حظرها، فعلى الحكومات إقرار وتطبيق السياسات الملائمة لحماية سكانها من أضرار منتجات النيكوتين الإلكترونية، وللحيلولة دون إقبال الأطفال والمراهقين وغيرهم من الفئات الضعيفة.

وبحسب دراسة "مسح أعباء اقتصاديات التبغ في الأردن "عام 2019 فإن 9 آلاف إنسان يموتون سنويا في الأردن نتيجة الأمراض التي يسببها التدخين ،في وقت يبلغ مجموع ما يتم انفاقه على التدخين نحو 1.6 مليار دينار أو ما نسبته نحو 6% من الناتج القومي الإجمالي مقارنة مع النسبة العالمية التي تبلغ نحو 1.8 %

وتصل كلفة معالجة الأمراض الناتجة عن التدخين في الأردن إلى نحو 204 مليون دينار سنويا ،وهذا مؤشر واضح على أن ظاهرة التدخين وصلت إلى مستويات خطيرة وخاصة على المستويين الصحي والإقتصادي.

بين دفتيّ القدر
لم تنته المتاعب المرضية عند "سلمى" فقط جراء تدخينها ،فوليدها "عمار" عانى من مشاكل صحية عدة تمثلت بولادته بوزن يقل عن 2،5 كيلو ،وتأخر في نمو الرئتين ،الأمر الذي استدعى تواجده في الحاضنة مدة شهر كامل للحصول على دعم تنفسي ،وللأسف وصل به الأمر للخضوع للتنفس الصناعي ،في ذلك الوقت أوضح الطبيب لوالده بأنه قد يصبح مستقبلا أكثر عرضة من غيره للإصابة بالربو الشعبي.

وبحسب الأطباء ،فإن الأم الحامل حال تدخينها تفتح أمام جسد جنينها الباب على مصراعيه لاستباحة انتقال مسببات الأمراض إليه ،وتتناسى أن في أحشائها كائنا حيا يترعرع على حساب مقدراتِ جسم أمه،وأن مناعتها هي بمثابة درع فولاذي يحتضن جنينها ويحصنه .

ويبين أخصائي طب الأطفال الدكتور حاتم شحادة بأن :" هناك قائمة عريضة من الأضرار التي يحملها التدخين للأم ولطفلها. يُعزى معظم هذه الأضرار للنيكوتين، ولأول أكسيد الكربون الناتج من احتراق السجائر ،فالنيكوتين يسبب ضيق شرايين المشيمة، والتي هي حبل الحياة للجنين ،إذ تصل من خلالها المغذيات والأكسجين لخلاياه الجائعة".

ويلفت إلى أن :" هناك دراسات عدة أثبتت وجود علاقة بين تعاطي منتجات التبغ وحدوث الوفاة المفاجئة للطفل داخل الرحم ، أو نقص النمو، أو الولادة قبل الأوان بأوزان قليلة ،كما يؤدي تدخين الأم الحامل إلى ولادة طفل أكثر عرضة للعيوب الخلقية بالقلب وأمراض الجهاز التنفسي ".

ويؤكد شحادة بأن :" "أول أكسيد الكربون" يمنع خلايا الدم الحمراء من نقل كمية كافية من الأكسجين للأنسجة ومن أهمها المشيمة، حيث يلتحم هذا الغاز بشراهة بجزيئات الحديد على هيموجلوبين كرات الدم الحمراء، وهو المكان المخصص لحمل الأكسجين".

ويذكر بأن :" الدراسات أثبتت بأن المواليد لأم مدخنة يكونون أكثر عرضة لمشاكل التعلم، والتركيز، ويمتازون بانخفاض معامل الذكاء مقارنة بغيرهم ".

وتبين أخصائية طب النسائية هانية صلاح بأن :" عندما تدخن المرأة في سن مبكر، فإن هذا يلغي بشكل غير مباشر الحماية الطبيعية التي تكفلها لها الهرمونات الأنثوية، فتتساوى مع الرجل مبكرًا في خطورة حدوث أمراض وجلطات الشرايين التاجية المغذية للقلب، والتي تعد السبب الرئيسي للوفاة في معظم أنحاء العالم في السنوات الأخيرة".

وتذكر الأكاديمية الأمريكية لطب القلب أن تدخين (1-4) لفافات من السجائر يوميًا يفاقم احتمالية إصابة المرأة بأمراض القلب إلى الضعف، بينما يؤكد المعهد القومي الأمريكي للصحة أن المرأة المدخنة مقارنة بغير المدخنة، تعرض نفسها لاحتمالية من 2-6 أضعاف للإصابة بأمراض الشرايين التاجية المغذية للقلب.

ويبين أخصائي طب الباطنية الدكتور ماجد القدسي أن :" إصابة الشباب المدخنين بقصور الشرايين التاجية المغذية للقلب ،إذ أن جلطاتها أصبحت ظاهرة ملحوظة بشدة لدى أطباء القلب، ولم يعد غريبا حدوث جلطة بشريان القلب لدى شاب مدخن في سن الثلاثين. أو وجود شاب في السابعة والعشرين من العمر سبق له تركيب دعامتيْن بشرايين القلب".

محض أوهام
بعد ولوج عدد كبير من المدخنين وغير المدخنين وخصوصا الأطفال إلى عالم السجائر الإلكترونية ظنا منهم بأنها أقل ضررا ،أو أنها قد تكون جسرا يساعدهم في الإقلاع عن التدخين ،الإ أن الواقع أثبت عكس ذلك وأنها كانت سببا في تردي الحالة الصحية لكثير منهم.
ويبين لبيب بأن :"السجائر الإلكترونية ليست وسيلة للإقلاع عن التدخين وإنما هي وسيلة بديلة ،ومخاطرها تغدو كبيرة ،إذ يمكن أن تنفجر البطارية في وجه المدخن أو أن تتسبب له بنزيف رئوي ،ومؤخرا أثبتت الدراسات بأن الدخان المتصاعد من السجائر الإلكترونية يعرض مدخنيها لاستنشاق (9-10) أضعاف من مادة النيكوتين مقارنة بالسجائر العادية في كل نفثة".

ويذكر بأن :"الولايات المتحدة الأمريكية سجلت أكثر من 3000 حالة بالنزيف الرئوي ،وفي الأردن ثبتت إصابة أربع حالات بالنزيف الرئوي نتيجة استخدام السيجارة الإلكترونية".

ويؤكد أنيس على أن :" خطورة السجائر الإلكترونية تزايدت خاصة بعد ظهور السوائل والنكهات المختلفة والتي أصبحت تصنع بطريقة يدوية لا تراعي تراكيز النيكوتين المناسبة ،ويؤدي استخدامها إلى الحاق الأضرار الصحية بالمدخن ".

ويبين جهشان بأن :"المادة الزيتية المستخدمة في السجائر الإلكترونية تحتوي على عناصر معدنية ومواد عطرية بنكهات مختلفة ، وهناك مخاطر تفيد بسمية تلك المواد خاصة وأنه يمكن إضافة المواد المخدرة والمهلوسة إليها".

خطر داهم
وتحذر أمينة سر جمعية "لا للتدخين" الدكتورة لاريسا الور من تدخين المراهقين والأطفال وتبين بان :" نمو الدماغ يكتمل في عمر الخامسة والعشرين ،وعندما يبدأ الأطفال في التدخين بعمر صغير فإن المنطقة المسؤولة عن المهارات الإدراكية والإندفاعية والتعليمية تتأثر ولا تتطور بشكل سليم".

وتلفت الور إلى أن :"العديد من نكهات السجائر الإلكترونية تستهدف الأطفال كنكهات "الكرز" و"الفراولة" ،فهي جاذبة لهم وتمهد الطريق أمامهم كي يغدو مدخنين".

ويبين لبيب بأن :"وقوع المراهقين والأطفال فريسة في مصيدة التدخين وخاصة تدخين السجائر الإلكترونية يشكل كارثة حقيقية ، فكثير من مدخنيها أصبحوا يدخنون السجائر العادية لاحقا ،إلى جانب إمكانية الإحتفاظ بها واستخدامها في سرية تامة لتواجدها بأشكال ونكهات عدة يصعب التكهن بحقيقتها ".

وتقضي المادة (54) من قانون الصحة العامة بمنع الترويج أو الدعاية أو الإعلان عن منتجات التبغ ، الإ أننا نجد بأن نكهات السجائر الإلكترونية تعرض بشكل جاذب وبنكهات تستهويهم ، ولا يقتصر الأمر عند ذلك فهناك أشخاص ينتشرون على مواقع التواصل الإجتماعي يعلنون عن تجهيز خلطات السجائر الإلكترونية وبعيدا عن أعين الرقابة .

وبحسب أخر دراسة صادرة عن وزارة الصحة حول تدخين الأطفال فإن هناك 11.4 من الأطفال المدخنين للسجائر العادية و 26.7 من الأطفال المدخنين "للنرجيلة" .

قصور واضح
ترى جهات عدة بأن التقصير الحكومي في مواجهة تعاطي منتجات التبغ يبدو واضحا ،وتبين الور :"نعاني من عدم الجدية في تطبيق القانون ،فلا يزال التدخين منتشرا في الأماكن العامة لا سيما في ظل التراخي والإستهتار بتطبيق القانون".

وتنص الفقرة(ج) من المادة (63) في قانون الصحة العامة وتعديلاته لسنة 2017 بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ثلاثة أشهر ،أو بغرامة لا تقل عن مئة دينار ولا تزيد على مئتين دينار على كل من قام بتدخين أي من منتجات التبغ في الأماكن العامة المحظور فيها.

وتوضح الور بأن :"جائحة "كورونا" كانت فرصة ذهبية لتفعيل القوانين المتعلقة بالتدخين ،خاصة وأن المدخنين عرضة للإصابة بالفيروس ومضاعفاته ،الإ أن هذا الأمر لم يحدث للأسف ".

وتلفت إلى :" تم السماح بتقديم "النراجيل" داخل الأماكن المغلقة في نهاية الشهر الماضي بعد أن منع تقديمها سابقا خلال الجائحة ،وكانت الموافقة على هذا القرار بمثابة فشل ذريع في حماية صحة المواطنين ،والإصرار على الإستهتار بحياة "غير المدخنين" وتعرضهم "للتدخين القسري" .

وتبين الور بأن :" الدخان الصادر من السيجارة يكون أكثر ضررا من الدخان الذي يسحبه المدخن نفسه ،فبعد أربع ساعات من وجوده يصبح أكثر ساما بأكثر من 12 مرة ،فدخان التبغ غير المباشر قد يسبب الوفاة والأمراض الصحية والتشوهات عند الأجنة بين غير المدخنين من البالغين والأطفال".

ختاما ،فإن أقسام الطوارئ الطبية تشهد على أن "منتجات التبغ" أصبحت ذلك الحجاب الرقيق الذي يفصل بين الحياة والموتِ ،فتلك المواد السامة لا بد وأن تجبر المدخن يوما على أن يرفع الراية البيضاء ليستسلم محركه الدؤوب عن العمل ، وهنا حتما سيكون الموت أقرب إلى المريض من حبل الوريد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :