facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




دليل الديمقراطية .. دور التعليم في الإصلاح السياسي


سامح المحاريق
11-01-2022 11:09 AM

سيجلس رئيس أول حكومة برلمانية ليعلن زيادة رواتب جميع موظفي الدولة بواقع 50% ويرفع الحد الأدنى للأجور إلى 500 دينار، وسيحصل على شعبية جارفة، كيف سيفعل ذلك؟ سيرسل الفاسدين ومن حولهم شبهات الفساد إلى السجن، ويصادر أموالهم ويعيد تأميم الشركات، هذه هي الديمقراطية التي يتوقعها المتفاؤلون، وخلال أشهر قليلة، سنجد الأردنيين في وضع يحسد عليه اللبنانيون، فكل عوائد محاربة الفساد المتخيلة لن تكفي لتمويل نمط الحياة الجديد لفترة معقولة، والممولون القائمون والمحتملون للخزينة سيهرعون إلى خارج الأردن، وستتوالى التبعات الاقتصادية المدمرة.

بعد الفشل، ستخرج نظرية المؤامرة، وحتى في ظروف حالكة لن يتساءل أحد عن مدى صوابية القرارات التي اتخذها لأنها شعبية للغاية.
لنتأمل سيناريو آخر، يعلن رئيس الحكومة سياسة تقشفية، ويفتح الباب للقطاع الخاص بتسهيلات كبيرة، ويطلق برنامجاً للتدريب المهني، ويعمل على تصحيح مسار السياحة وبناء قطاعات تصنيع استراتيجية وتطوير الزراعة، الأمر سيستغرق سنوات ليؤتي ثماره، في الأثناء سيشن عليه المستفيدون من الوضع القائم، فأي وضع ينتج مستفيدين منه في النهاية، حرباً ضروساً، سيجدون إعلاميين يستطيبون الرشى الصغيرة يوظفونهم ضده، سيضجر الناس، من لن يحصل على مقعد جامعي لأن مستواه لا يتناسب مع الدراسة سيناصبه العداء، ومن ينتظر وظيفة من غير استحقاق سيراه شراً محضاً، وفي النهاية، سيخرج وتأتي حكومة جديدة تحاول أن تحقق التوازنات المستحيلة ثم تنصرف إلى التعايش مع الوقت، وهي الحكومة التي لا تختلف كثيراً عن معظم الحكومات التي شهدها الأردن.

قبل أيام عاتبني أحد الكتاب المرموقين في مجادلة، ورأى أنني وبعض الزملاء نحمل الناس مسؤولية عرقلة الإصلاح السياسي، وبعض أخذ ورد، وجدنا أنفسنا عند مصطلح التنمية الثقافية، ووجدت نفسي ميالاً إلى كتابة ما يمكن وصفه بدليل استخدام الديمقراطية، ثم أغضيت طرفاً عن المشروع، فالأمر يحتاج إلى مؤهلات معرفية لا أمتلكها، ثم أن المشروع يتطلب جهداً مشتركاً وديمقراطياً بطبيعته، وأخيراً من يتبنى المشروع؟ وإلا هل سيكون مكانه على الرفوف في مكتبة عامة أو في أرشيف المكتبة الوطنية؟

التشبيهات هي زوادة لغوية مهمة، ولذلك علينا أن نلجأ إلى تشبيه يقرب الفكرة، فالديمقراطية تشبه الجرافة التي عليها أن تشق الطريق إلى المستقبل، ولذلك لا يمكن أن نسلم جرافة إلى شخص لا يجيد قيادتها، وهنا، وقبل أن نخوض جدلاً حول أوضاع الشعوب الأخرى ومدى معرفة المواطن العادي بالخيارات المتاحة أمامه وقدرته على استخدام صوته لتحديد المسارات السياسية، يتوجب أن نعترف أن هذه الشعوب لا تختلف كثيراً عن الأردنيين من حيث الثقافة والمعرفة، ولكنها، تمتلك الخبرة التاريخية، فالأمريكي حين يصوت للحزب الديمقراطي فإنه يعرف أن آثاراً ايجابية ستنعكس على التعليم والصحة، وفي المقابل سيتحمل عبئاً ضريبياً أوسع، سيكون عائقاً أمام مشاريعه الشخصية، والجمهوريون يفعلون العكس تقريباً، وهذه الخبرة التاريخية غير متوفرة للأردنيين ولا غيرهم من الشعوب العربية.

نحن نعرف رجالاً، أعتى الأحزاب في المنطقة كانت مرتبطة بأشخاص، الوفد في مصر كان يعني فؤاد سراج الدين، التجمع خالد محيي الدين، الإسلاميون مرتبطون بالمرشد، والأمر نفسه في دول أخرى، وطبعاً يوجد حزب يحظى بالحضور لمجرد أنه يعبر عن الرئيس، ولذلك فالحديث عن البرامج يبقى غائباً، أو مغيباً، كما أن البرامج التي لا تبدأ من الواقع ومن تحليل متكامل لظروفه أو التي تأتي لمجرد الحضور مبكراً واستجماع بعض الشخصيات من هنا وهناك، كلها لا تساوي ثمن الحبر والورق.

أخطر فئتين في المرحلة الراهنة تتمثلان في المتقاعدين والمتشوقين، أما المتقاعدون فيقاومون تجربة الإصلاح برمتها، ولو أظهروا عكس ذلك، ويرغبون في الإبقاء على الظروف التي أنتجتهم وأدخلتهم الساحة السياسية، ويقابلهم المتشوقون، من يودون أن يقتنصوا الفرصة مع التغيير المنشود، يطرحون أفكاراً كثيرة، ومعظمها مضللة، وما نحتاجه هو الإبقاء على التجربة في إطار تحول تدريجي لجيلين أو ثلاثة تخرج من باطن التحول نفسه، وهذه الفئة نحتاج إلى تدريبها ورعايتها.

أحب المدربين الذين لا يستخدمون العروض التقديمية (البريزتيشن) لأنهم يمارسون السلطوية على المتلقين، والأدهى من ذلك، يستطيعون تغييب بعض الحقائق، أما المدرب الذي يعتمد على الكتابة على اللوح أو الورق فهو يبني مع المتلقين التصورات، ويشتبك معهم في التفاصيل، وهذه الفئة لم أشاهدها في الأردن إلا في مواقع قليلة، مع أنني أؤمن بوجودهم بعشرات الآلاف في وزارة التربية والتعليم، وهي التي تحتاج إلى قيادة جريئة تحمل على عاتقها فكرة التنمية السياسية والثقافية، وبكثير من التجرد، فإن وجود وزارة مستقلة للتنمية السياسية أضر كثيراً بعملية الإصلاح وتسبب في تأخيرها وتعطيلها، لأنه ألقى بالعبء على جسد بيروقراطي آخر، وتعامل مع استيعاب الماضي لا بناء المستقبل.

دليل استخدام الديمقراطية مشروع أطرحه على مجموعة من المثقفين الأردنيين من خلال ما كتبته إذ لا أستطيع أن أتواصل مع عشرات منهم أعرف أنهم مؤهلون فكرياً ومخلصون على المستوى الوطني، وأعفي نفسي من المشاركة فيه، مقترح أتقدم به من خلال مواطنتي تجاه بناء تنمية ثقافية حقيقية في الشأن السياسي والديمقراطي تستطيع أن تواجه تحديات واقعية بعضها لنعترف يفوق الأردن وإمكانياته، دليل يقوم على تبسيط الأفكار وطرحها بشجاعة ودراسة الخيارات هو ما نحتاجه أن يكون في مدارسنا، أما مشكلات التفاضل والتكامل والكيمياء العضوية والفيزياء الكمية فهي تمضي بشكل جيد على أية حال.

يمكن أن نلجأ لجوجل لنتعرف على مصطلحات مثل التكنوقراط والميريتوقراطية والبيروقراطية، ولكن لا جوجل ولا غيره يمكنه أن يخبرنا عن خصوصية المصطلح في بيئتنا، ولا عن كيف يجب أن نفهمه في الأردن؟ هذه إجابات لا يمكن أن نغشها من أحد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :