facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن وصراع الطيور الجارحة


سامح المحاريق
01-02-2022 05:45 PM

"السياسيون، كالطيور الجارحة، كانوا يتقاتلون لإحراز بعض الفتات من السلطة"

في هذه الجملة من كتاب مهنتي كملك، يصف الملك الحسين، رحمه الله، الأوضاع عقب اغتيال الملك عبد الله المؤسس، ويتبدى في هذه الشهادة ما يكفي لتمثيل البيئة السياسية في أي بلد ملكي، ومع ذلك، فالإرادة هي أن تستمر السفينة في الإبحار، وفي الحقيقة استمر الملك الحسين في التعامل مع معظم الأشخاص الذين كان يعنيهم في كلامه، لأن السياسة تتطلب في التعامل مع الواقع، لا اتخاذ المواقف الغرائزية أو النزوية، وكانت بداية التغيير بعد ذلك الزمن بنحو عقد من الزمن، حيث بدأت تتشكل نخبة أردنية تستطيع أن تحمل مشروعاً جديداً.

نعايش لحظات مشابهة اليوم، وربما ننتظر بضعة أعوام قبل ظهور نخبة جديدة تستطيع أن تحمل المشروع الجديد الذي أعتقد أن رسالة الملك الأخيرة بمناسبة عيد ميلاده أجملتها بصورة واضحة.

نحن نعيش مرحلة بدأت سنة 1989 ولم تصل إلى نهايتها بعد، ومن يعتقد أن الأردن تمكن من الحصول على فرصة من أجل التقاط أنفاسه يتناسى أو يتجاهل عامداً نتائج الأحداث التالية:

- اعلان فك الارتباط مع الضفة الغربية سنة 1988 نتيجة الضغط العربي والمماحكات المستمرة قبلها، وكان لذلك تأثيره على الوزن النسبي للأردن في السياسة الإقليمية، ولذلك لم تكن فكرة إنقاذ الأردن واردة عربياً فأدى ذلك إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية.

- هبة نيسان 1989، والتي أتت تعبيراً عن أوضاع اقتصادية متردية وصلت إلى ذروتها مع إعادة تقييم الدينار الأردني بنحو نصف قيمته سابقاً.

- أزمة الخليج 1990 وعودة مئات الآلاف من العاملين في الكويت إلى الأردن ودخول الأردن في أزمة مع دول الخليج نتيجة توجهه لحل المشكلة على المستوى العربي.

- اتفاقية وادي عربة 1994، والتي أتت بعد اتفاقية أوسلو 1993، والحديث الصريح الذي تلقته الأردن بأن تركب السفينة أو تخرج من اللعبة، وذلك يبرر الاتفاقية المتعجلة، علماً بأن الرئيس الأسد نصح الملك وقتها بأن يتحدث من غير التزامات، إلا أن الأسد كان يدرك أن عبارة "لا حرب من غير مصر، ولا سلام من غير سوريا" تعطيه فسحة أوسع للمناورة.

- وفاة الملك الحسين في شباط 1999.

- ضربة تنظيم القاعدة لبرجي مركز التجارة العالمي في أيلول 2001 وبداية تحولات عالمية جارفة.

- سقوط بغداد في نيسان 2003 وانفتاح بوابة جهنم على الحدود الشرقية.

- الأزمة المالية العالمية 2007 - 2008 ومشكلة الاستثمارات التي قطعت نمواً اقتصادياً واعداً في السنوات السابقة.

- الربيع العربي 2011، وأزمة انقطاع الغاز المصري وبداية اللجوء السوري والتغيرات في المحاور العربية، والخلاف بين مصر وتركيا، وتفاصيل أخرى كثيرة ما زالت تتفاعل.

- الولاية الترامبية في أمريكا وظهور مشروع صفقة القرن 2016- 2020.

- أزمة الفتنة 2020.

كل هذه العوامل تثبت أن الأردن يستطيع أن يمضي قدماً، وأن يتجاوز الأزمات، ومع ذلك، فثمة حاجة للتغيير، وكان ذلك سبباً في الوقوف مع لجنة تحديث المنظومة السياسية، ويمكن أنني تجاوزت الكثير من الانتقادات في وقتها لأن قناعتي بأن الأردن يحتاج إلى جيل جديد من ناحية، ولأن هذه اللجنة وتوصياتها ستواجه الطيور الجارحة من كل اتجاه ومن كل نوع.

أعتقد أن الرسالة الملكية الأخيرة تحمل بوادر اطمئنان من الملك بأنه يمكن الوقوف على أرضية مستقرة للتقدم إلى الأمام، وأن المرحلة التي بدأت منذ أكثر من ثلاثين عاماً يمكن أن تجد مخارج معقولة لتجاوزها، أو، لأن الأوضاع لم تعد تتحمل التأجيل والمماطلة وأمامنا استحقاقات أخرى كثيرة لا يمكن أن نتجاهلها.

أعتقد أن الاحتمال الأول أقرب إلى المعقول، فنحن على حافة عصر جديد، وبدايات أفول وصعود تشبه إلى حد كبير ما عايشه الأردن في الخمسينيات وهو يشهد أفول الإمبراطورية البريطانية وصعود نظام عالمي جديد.

مرحلة صعبة مقبلة، وصراعات كثيرة ستجد مكانها على مواقع التواصل، وتخوفات ستعبر عن نفسها، وشكوك ستساور الكثيرين، وسوءاً للفهم لا بد وأن يعتري البعض، ولكن الساعات الحالكة هي التي تسبق الفجر.

ما نحتاجه اليوم هو تعزيز الإيمان بالوطن، وفهم واقعي لظروفه وسياقاته، فالأردن يحتاج إلى محيطه العربي، وتلك ليست منةً من أحد بقدر ما كانت تعبر عن وضعه كأطول خط للمواجهة، ولعلنا نتذكر، أو يجب أن نتذكر، أن نقض الاتفاقية الأردنية مع بريطانيا كان قائماً على تعهد مصري - سعودي - سوري بتعويض الأردن عن الدعم البريطاني، واليوم يحتاج الأردن إلى أن يبقى في محيط عربي سواء من خلال استعادة سوريا وتعويم ما تبقى منها، أو مشروع الشام الجديد، أو العلاقة مع الخليج العربي، وكل هذه الخيارات مطروحة ولكنها تحتاج قدرة على بناء مقاربات جديدة ونوعية ومختلفة، وتحتاج جيلاً جديداً من الطيور التي لم تصبح جارحةً بعد.

لنخرج من التزاحم غير البناء وغير المنتج، وليتقدم من لديه الأمل والطاقة والرؤية، فالجميع سيستفيد من ورشة جديدة في الأردن تستطيع أن تطوي عقوداً من العواصف والأزمات.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :