facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل يقع بوتين في فخ أوكرانيا؟


داود عمر داود
22-02-2022 11:56 PM

كما يقال فإن (الشعر ديوان العرب) خلّدوا فيه أيامهم في أبيات، فيها الكثير من الحكمة والأمثلة، ما جعل ألسنة الناس تتناقلها إلى يومنا هذا. من ذلك قول أبو الطيب المتنبي (لا تحقرن صغيراً في مخاصمة.. إن البعوضة تُدمي مقلةَ الأسدِ)، الذي يعني ألا يُقلل المرء من شأن خصمه ومن هو في نزاع معه. فإذا لدغت البعوضة، أصغر الحشرات حجماً، الأسد في مقلة عينيه ستجعلها تنزف دماً ولا يستطيع الأسد، بكل قوته، أن يفعل شيئاً أو أن يؤذي البعوضة.

هذا المثل لا ينطبق على الأفراد فقط بل ينطبق على السياسة الدولية، حيث الدول الكبرى تستهين بالدول الأصغر والأضعف منها، ولكن تكون النتيجة أحياناً أن ينتصر الصغير على الكبير، والضعيف على القوي.

أوكرانيا: أفغانستان أوروبا:
المثال الأقرب للاذهان، لطغيان الدول الكبرى على الصغرى، هو أفغانستان التي أجبرت أمريكا، بعد عشرين عاماً من الاحتلال العسكري الغاشم، أن تنسحب بشكل فوضوي مهين. وهي أفغانستان نفسها التي أجبرت الاتحاد السوفياتي السابق أن ينسحب، بعد عشر سنوات من الاحتلال، مذموماً مدحوراً، ثم إنهار بعده النظام السوفياتي برمته، وتفككت امبراطوريته. إذ أن تغول الدول الكبرى على الصغرى هو سمة ملازمة للنظام العالمي الحالي، الذي أرست قواعده القوى المنتصرة، بعد الحرب العالمية الثانية، وفي مقدمتها روسيا وأمريكا، وهيمنت من خلاله الحضارة الغربية على عالم اليوم.

وهكذا فإن الأزمة الأوكرانية قد خرجت من رحم الأطماع الاستعمارية، ومن منطلق إعادة أمجاد الامبراطورية السوفياتية، كما أراد بوتين. وكانت بدايتها عندما احتلت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، وضمتها إليها، عام 2014. ثم قامت مؤخراً بحشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا، بغرض استكمال احتلال باقي هذه البلاد التي كانت يوماً إحدى الجمهوريات السوفياتية.

حرب الشتاء 1939:
لكن يبدو أن الدول الاستعمارية الكبرى، في خضم انشغالها في استغلال البلدان الأضعف لإستغلال ثرواتها، لا تجد الوقت الكافي لتفكر ملياً وتتعلم من دروس الماضي، كدرس أفغانستان مثلاً التي اكتسبت بكل جدارة لقب (مقبرة الغزاة). ومن الدروس التي كادت تغيب عن ذهن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو يتوعد باحتلال أوكرانيا، هو درس (حرب الشتاء) التي لقنت فيها فنلندا الصغيرة الاتحاد السوفياتي السابق درساً لا يُنسى، حين حاول الرجل الحديدي (جوزيف ستالين) احتلالها، عام 1939.

وكانت النتيجة أن لحقت بالجيش الأحمر السوفياتي هزيمة نكراء، لم تكن في الحسبان، رغم أن عدد جنوده المشاركين في الحرب، كان 3 أضعاف الجنود الفنلنديين، وعدد طائراته 30 ضعفاً، وعدد دباباته 100 ضعف. بينما شكل سكان الاتحاد السوفياتي 40 ضعف عدد سكان فنلندا، الذي لم يكن يتجاوز 5 ملايين نسمة. ناهيك عن أن مساحة الاتحاد السوفياتي كانت 65 ضعف مساحة فنلندا، ويمكن تخيل الفرق الشاسع في الموارد بين الجانبين. ومع ذلك كله هزم جيش فنلندا الصغير الجيش الأحمر الكبير.

مبررات الهزيمة السوفياتية:
كانت هناك مبررات عديدة لهذه الهزيمة المدوية، منها التضاريس الطبيعية، وأهمها هبوط معنويات الجيش السوفياتي. فقبل (حرب الشتاء) قام ستالين بحملة تطهير كبيرة بين كبار ضباط ومارشالات جيشه، لتعزيز قبضته على الحكم. أدت الحملة إلى إعدام وسجن ما يزيد على 30 ألفاً من الضباط أصحاب الرتب العسكرية الرفيعة المجربين. وزج بجيشه في الحرب بقادةٍ لا يملكون الخبرة الكافية لإدارة القتال. وفي المقابل، كانت قوات فنلندا تتمتع بروح معنوية عالية، وإستعدادٍ للتضحية، فصمدت في وجه الغزو السوفياتي لفترة اطول مما توقع ستالين.

التضاريس سبب الهزيمة:
ذكر أحد القادة الاستراتيجيين السوفيات قبيل (حرب الشتاء) أن (تضاريس العمليات المقبلة تـُقسـّمها البحيرات والأنهار والمستنقعات، ومغطاة بالغابات بالكامل تقريباً... الاستخدام السليم لقواتنا سيكون صعباً). لكن هذه المشورة العسكرية المهمة لم تؤخذ في الإعتبار، وسط اندفاع ستالين نحو احتلال فنلندا، عام 1939.

إلا أن بوتين ربما يكون أشد حرصاً من ستالين للأخذ بهذه النصيحة العسكرية المهمة، عام 2022، ويستخدم، في أي وقت، تشابه التضاريس الطبيعية بين أوكرانيا وفنلندا كذريعة لخفض التصعيد، وعدم المضي قُدماً في إشعال حربٍ سيكون لها ما بعدها.

خلاصة القول: تشابه عقلية ستالين وبوتين:
يعود السبب الرئيسي لـ (حرب الشتاء) أنه بعد أن عزز ستالين قبضته على الحكم بدأ يعمل لإستعادة الأقاليم التي خسرتها روسيا القيصرية أثناء الثورة الشيوعية والحرب الأهلية. وكان من نتائج ذلك أن قررت (عصبة الأمم) طرد الاتحاد السوفياتي من عضويتها. كما حثت المنظمة الدولية آنذاك الدول الأعضاء على مساندة فنلندا والوقوف إلى جانبها.

وها هو التاريخ يعيد نفسه. فبعد أن ضمن بوتين الحكم لنفسه مدى الحياة أخذ يتطلع إلى التوسع الخارجي، وعمل على محاولة استرداد الجمهوريات التي كانت يوماً تابعة لروسيا القيصرية أو للاتحاد السوفياتي السابق. وهذا بالضبط ما فعله ستالين، قبل أكثر من ثمانية عقود. لذلك نجد هنا تشابهاً في العقلية بين ستالين وبوتين، وتكراراً لنفس المشهد.

فهل يتجنب بوتين الوقوع في فخ أوكرانيا، كما يريد له الغرب، وبالتالي يجعل منها أفغانستان أوروبا؟ أم ينزلق في وحلها ومستنقعاتها، وعندها ربما (تُدمي البعوضةُ مقلةَ الأسدِ)؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :