facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأسد الجريح في موسكو


نبيل غيشان
23-02-2022 09:29 AM

لا يخفى على من شاهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه إعلان الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الجدية والصرامة في تعبيرات وجهه، ومن يعرف اللغة الروسية التي تحدث بها بوتين فهم أن الأمر وصل الى مفترق طرق بين الحياة والموت.

بوتين أعلن الحرب ولم يكتف بإعلان الاعتراف، بل أرسل رسالة للغرب تؤكد انه جاهز للدخول في أية مغامرة عسكرية مهما كانت نتائجها إذا ما استمرت محاولات تطويقه، وهناك مشاهد ماثلة في اوسيتيا الجنوبية وابخازيا وناجورني كرباخ وإقليم انفصالي في مولدافيا التي لا حدود لها مع روسيا.

روسيا جادة في منع حلف الناتو من التوسع شرقا الى الحدود الروسية مما يهدد العاصمة موسكو مباشرة، وهم لا يقبلون بتأجيل قرار انضمام كييف للحلف المعادي. والهدف الروسي المباشر هو ان تبقى أوكرانيا منطقة عازلة من حلف الأطلسي، وهي مطالب او مخاوف يعرفها قادة أمريكا والغرب لكنهم سيبقون في مناورة مفتوحة حتى يتم تحقيق شيء ما.

لا تتوقف المطالب الروسية عند حدود أوكرانيا بل هناك مطالب بانسحاب القوات الأمريكية من وسط وشرق وجنوب شرق أوروبا ودول البلطيق. إن بوتين يتصرف كأسد جريح ما زال يتعافى من معاركه في أفغانستان وصربيا والعراق واليمن وليبيا.

قد لا يكون الرئيس بوتين ديمقراطيا في بلاده، وقد تكون هناك أزمات اقتصادية واجتماعية تضرب بلاده لكن الروس أعطوه تأييدا غير مسبوق بسبب صرامته وفرضه الاستقرار على بلد كاد أن ينتهي ويتلاشى في بداية تسعينيات القرن الماضي.

وفي ذات الوقت لا تتوقف الأهداف الأمريكية عند أوكرانيا بل تتعداها للضغط من اجل تفكيك الدولة الروسية وتسليم مقدراتها للشركات الخاصة والإسراع في التخلص من بوتين الذي أوقف الانهيار وأعاد للدولة هيبتها وقوتها في مقارعة الولايات المتحدة وزاد على ذلك بتحالفه الاستراتيجي مع الصين.

قرار الاعتراف بالجمهوريتين الجديدتين هو بمثابة إنذار للجوار السوفييتي القديم والغرب وواشنطن بان اللعب مع موسكو في القضايا التي تضر بأمنها القومي لا يمكن أن يمر دون عقاب. وفي نفس الوقت فان أمريكا وحلف الناتو لن تستطيع ضمان أمن أي من جيران روسيا.

أمريكا والغرب يواجهون بوتين بحق أوكرانيا كدولة مستقلة في أن تقرر وجهتها العسكرية والاقتصادية واختيار حلفائها وتنضم الى من تشاء من الأحلاف وهذا حق، لكن روسيا تعرف ا ن هذا الانضمام يؤثر على أمنها لن تسمح به وهذا ما جرى مع الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي عام 1961 في ما سمي بأزمة الصواريخ الكوبية.

احتمال غزو أوكرانيا أصبح قائما وخطرا حقيقيا، لكنه مرهون بقرار انضمامها الى حلف الناتو وهو أمر تعرف خطورته أمريكا وأوكرانيا ولن تقدم عليه.

وقد لا تحتاج موسكو الى غزو عسكري لتصل الى العاصمة كييف ويكفي أن تعلن الأجواء الأوكرانية منطقة محظورة الطيران وان تبدأ بتوجيه ضربات صاروخية الى مناطق مختارة. ويتكفل حلفاؤها على الأرض في الجمهوريتين الجديدتين بالزحف داخل الأراضي الأوكرانية حتى نهر الدنيبر.

لا اعتقد أن هناك مصلحة ملحة لأوكرانيا في معاداة روسيا، ويمكن أن تقيم علاقات متوازية علاقات متوازية مع روسيا وهي تعرف أن مصالحها الاقتصادية مع الروس أفضل بكثير من مصالحها مع الغرب، ومع ذلك يمكن أن تسعى للانضمام للاتحاد الأوروبي لكنها ترتكب جريمة بحق نفسها إن ذهبت ابعد من ذلك. ولن ينفعها اندفاع مجاميع من القوميين المتعصبين لاستفزاز الروس.

صحيح أن القضية أكبر من أوكرانيا وان أمريكا تسعى لمحاصرة روسيا وخنقها ومنع تدفق الغاز الروسي الى أوروبا، لكن بوتين القوي اليوم يريد أن يضع حدا للاستفزاز الأمريكي المستمر، وهو يعلن أن موسكو لم يعد لديها مشروع أيديولوجي لقيادة العالم او حتى منازعة أمريكا على قيادته، مثلما كان يفعل الاتحاد السوفياتي، وجل ما يطلبه هو الشراكة او الاعتراف به كقوة دولية نووية وحفظ مصالحه الدولية.

ومشكلة الأمريكان في تعاملهم مع روسيا أنهم يصرون على أنها خسرت الحرب الباردة في مواجهة الغرب ويجب أن تتصرف مع أمريكا وحلفائها كخاسر ذليل، بينما بوتين يعتقد أن الحرب الباردة انتهت دون حرب، وبالتالي هو لم يكن خاسرا ويستند الى تاريخ عريق تعضده قوة عسكرية واقتصادية هائلة.

بعد اليوم لن تستطيع أوكرانيا الانضمام للناتو لكن الاستفزازات ستستمر ويمكن أن تصبح أراضيها جدار برلين الجديد، كحد فاصل في حرب باردة جديدة ننتظر حسمها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :