facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن سياسيا .. تباين بين ثقافتين


شحادة أبو بقر
02-06-2022 12:07 AM

الصراحة راحة , ومع ذلك , فالكثيرون يجافونها , وبالذات , المنتفعون شخصيا من هكذا مجافاة .والصراحة هنا تقول , أن مشكلة الأردن السياسية داخليا , تتجسد طبيعيا , في تباين ولن أقول خلافا أو اختلافا , بين ثقافتين سياسيتين , الأولى, ثقافة المئوية الأولى السياسية , والثانية ثقافة المئوية الثانية السياسية.

أنصار وأتباع الثقافة الأولى وهم الأغلبية حتى الآن , يتشبثون بقيم وعادات وتقاليد المئوية الأولى , والتي تشكلت على مدى مائة عام مادتها الثورة العربية الكبرى وقضية فلسطين وسائر قضايا العرب الأخرى ,بحيث طبعت شخصية الإنسان الأردني بالطابع القومي أولا , ثم بالطابع الوطني ثانيا , وهو يرى في ذلك أصالة لا يمكن التخلي عنها .

هذا الواقع الذي يمتد على مساحة ما شهدته المنطقة لمائة عام , ما زال مستحكما في ذهنية أتباع الثقافة الأولى , فالأردني ومن مختلف المشارب , يؤمن بأن الغرب وتحديدا القوى الإستعمارية الكبرى , هم عدو للأمة كلها , وهم من يتحملون وحتى اليوم , مسؤولية قيام الكيان الإسرائيلي وما ترتب على ذلك من نكبات ومخاطر على الشعبين الأردني والفلسطيني , لا بل يرى الطرفان معا , أن الإستراتيجية الإسرائيلية الصهيونية الغربية, تسعى وبتسارع , لإقامة الوطن البديل في الأردن , وأكثر من ذلك , تتعمق الهواجس والمخاوف لدى الأردنيين إزاء الهوية الوطنية ,ومستقبل الأردن كوطن قدم آباؤهم وأجدادهم تضحيات كبرى دفاعا عن وجوده وصموده , وبما يوازي تضحياتهم في فلسطين والقدس الشريف.

من هنا وغيره مما لا يتسع المجال لذكره , يتخوف الأردنيون من أية ثقافة سياسية جديدة , لا بل ويرى معظمهم فيها , ضياعا لهويتهم التاريخية ولإرث كامل من التضحيات الجسام , ومن العادات والقيم التي سادت منذ قيام الدولة في عشرينيات القرن الماضي.
على الضفة الأخرى من التباين بين الثقافتين , يؤمن أنصار الثقافة السياسية الثانية , بالمعاصرة , ويرون أن العالم كله قد تغير, وأن التحديث ومحاكاة روح العصر , باتت حاجة ملحة جدا , كي يتمكن الأردن من التأهل للإنخراط ضمن النظام العالمي الجديد , وبالتالي , السير في ركب حضارة عالمية مستجدة لا تقبل في عضويتها بغير المنخرطين في استحقاقاتها.

الآن , يبرز السؤال , أين المشكلة , وكيف يمكن تخطيها ؟ .

الجواب " المتواضع " هو , أن طرفي المعادلة من أنصار الثقافتين, وفرادى , كل منهما غير قادر على إقناع الطرف الآخر , بجدوى ثقافته السياسية , لا التقليدية التاريخية القديمة , ولا الجديدة التي تتبناها نخب عديدة مدعومة من مختلف سلطات الدولة.

وهنا تتجسد المشكلة لتبدو كما لو كانت بين طرفين متخاصمين ,يسعى كل منهما لإلغاء الآخر ! , فلا أنصار ما نسميه الأصالة والتشبث بالتراث يملكون سلطة فرض الرأي , ولا أنصار ما نسميه الحداثة قادرون على الإقناع بما يريدون , والسبب في ظني , هو بعدهم عن محاورة العامة , وتوجيه أنظارهم بشكل خاص نحو نخب قومية ويسارية وليبرالية وشبابية بعينها , دون السواد الأكبر من عامة الشعب.
هذا الحال الماثل , ينعكس سلبيا وكل يوم , على مجمل المسيرة الوطنية برمتها , ويوسع دائرة المخاوف والشكوك وإضمحلال الثقة بين الدولة الرسمية ومواطنيها , خاصة وأن مكنون السياسات الغربية والمطامع الصهيونية المعلنة وغير المعلنة , يعزز وكل يوم أيضا ,تلك المخاوف والشكوك , عندما يجري إطلاق اليد الإسرائيلية المرتجفة حاليا , لأن تفعل ما تشاء في القدس والمقدسات وسائر فلسطين , لا بل والحديث المتكرر بأن الأردن , هو فلسطين , وبأن فلسطين التاريخية , دولة قومية لليهود فقط!.


ما الحل إذن لواقعنا الأردني المتباين؟.

الحل في تقديري البسيط , هو في المزاوجة بين الثقافتين , فالأولى هي متطلب وطني يصعب التنازل عنه تحت أي ظرف كان , والثانية , باتت متطلبا وإستحقاقا تفرضه مجريات العصر من جهة , والمصالح الوطنية لبلد صغير حجما ومقدرات محاط بالمخاطر المطامح والمطامع , من جهة ثانية.

لو تحدثنا مع بعضنا بعضا بصراحة ومكاشفة , ولو تحاورنا بنيات صافيات تشرح الظروف الإقليمية والدولية , وتطمئن الجميع ضد المخاوف والشكوك , ربما لكان بمقدورنا , أن نلتقي على هدف إستراتيجي مشترك نسعى معا وجميعا في محاولة جادة لبلوغه .
الأردن الجديد الذي أشار إليه جلالة " الملك " رأس الدولة , هو لجميع الأردنيين صغارا فاعلين , وكبارا يملكون الخبرات والتجارب , فالأجيال تتداخل ولا تتقاطع , والأوطان ملك مشاع لجميع مواطنيها بلا إستثناء ,وتحت مظلة الدستور والقانون حيث يتحقق العدل . الله خالق الكون مسير أمره من أمام قصدي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :